آخر الأخبار
  الأردن.. ما المقصود بالمرتفع السيبيري؟   نشاط تطوعي لنادي الأرينا وقسم البصريات بجامعة عمان الأهلية في روضة ومدارس اللاتين – الفحيص   الأشغال: البدء بإعادة إنشاء طريق محي-الأبيض في الكرك   أجواء مشمسة ولطيفة في اغلب المناطق اليوم وانخفاض ملموس الأحد والاثنين   تعرف على سعر الذهب اليوم السبت في الاردن   الفنان ايهاب توفيق برفقة المنتج عنان عوض في قهوة أبو نعيم / صور   نيويورك تايمز: هدنة محتملة بلبنان لـ60 يوما   تقرير بريطانيّ يكشف ما تخشاه ايران من الانتقام الاسرائيلي!   نقابة الأطباء تقيم يوم طبي مجاني في عمان   كتلة هوائية باردة جدًا من أصول سيبيرية تؤثر على الأردن   الافتاء تدعو الأردنيين للمشاركة بصلاة الاستسقاء   الأردن .. الدفاع المدني يتعامل مع 51 حادث اطفاء   الأردن على موعد مع موجة برد سيبيرية مبكرة: برودة شديدة وصقيع منتظر الأسبوع المقبل   أجواء لطيفة في معظم المناطق اليوم وكتلة هوائية باردة تؤثر على الأردن الأحد   الخيرية الهاشمية”: إرسال أكثر من 57 ألف طن من المساعدات إلى غزة منذ بدء العدوان   نحو 6200 لاجئ غادروا الأردن منذ مطلع العام لإعادة توطينهم في بلد ثالث   وزير الدفاع الإيطالي: سنضطر لاعتقال نتنياهو إذا وصل إلى إيطاليا تنفيذًا لمذكرة الجنائية الدولية   هل تتضمن موازنة 2025 رفعاً للضرائب؟ الوزير المومني يجيب ويوضح ..   البنك الأردني الكويتي يبارك لـ مصرف بغداد بعد حصوله على جائزة أفضل مصرف تجاري في العراق   الإدارة المحلية: 75% من موازنة البلديات رواتب للموظفين

كلمة رثاء في الذكرى السنوية الثانية لوفاة المرحومة ثناء عبدالحميد درويش الشلة / ام عصام

{clean_title}
بسم الله الرحمن الرحيم
                        " كلمة رثاء "
       في الذكرى السنوية الثانية لوفاة المرحومة ثناء عبدالحميد درويش الشلة / ام عصام
      الفريق المتقاعد محمد الرقاد واولاده
واحفاده
           قال تعالى : ( الذينَ تتوفّاهمْ الملائكةُ طيّبينَ يقولونَ سلامٌ عليكم ُ ادخُلُوا الجنّةَ بما كنتم تعمَلونَ ) سورة النمل/ ٣٢
 
         " عامان مضيّا في حضرةِ الموت "
       
        فقيدتنا الغالية .. المرحومة ام عصام ..
                  " لروحك سلامٌ ورحمةٌ "
 
… في مثل هذا اليوم ، وقبل عامين مضيّا ، كان موعدنا مع القدر حين اختارك الله الى جواره ، آمنة مطمئنة تسبحين مع صوت آذان الفجر ، والناس خارجين الى صلاتهم . في هذه اللحظات وقد وصلتِ الى نقطة النهاية ، كانت روحك الطاهرة تصعد الى البارئ عز وجل ، تودعين واحداً وستين عاماً  ، من رحلة العمر ، قضيتيها متنقلة بين محطاتِ الحياة بكل تفاصيلها الدينية والدنيوية : ماضيها وحاضرها ، حلوها ومرها ، فرحها وحزنها ، سعادتها وشقائها … فجاءت لحظة موتك التي انهت رحلة الحياة الدنيا ، وانهت الساعات الجميلة من ايامنا التي عشناها معاً  ، رحلتِ وتركتينا نعيش حياتنا مع سنن الله في الكون ، يوم يحملنا ويوم نحمله ….
   المرحومة ام عصام …
  ليس هنالك ما هو اصعب من ان تكتب رثاءٌ بفقد عزيزٍ ، لاننا نحتاج ربما الى العمر كله لنستوعب هذا الفقد ، ولم يعد موتك حدثاً كان ومضى ، بل هو حديثٌ يوميٌ طاغٍ  تتناقله الألسن كلما لاح ذكرك .
ففي وسط الحزن الذي عشناه بين عامين متتالين ، كنت واحدة من مجموعة مختارة من ذوي القربى ، اختاركم الله الى جواره ، فقيدٍ تلو الآخر . فكان ألم  الفراق موجعٌ ومرارة الفقد متعبةٌ ، وكم هي قاسية لوعة الموت ، وكم هي مؤلمةٌ ، ان تفقد نخبة من الأحبة من حولك ( اهل واقارب واصدقاء وجيران ) ، وليس لديك في حضرة هذا الموت شيٌ تفعله ، الا ان تلوذ بالخشوع والدعاء ، وتجتهد بطلب المغفرة والرحمة لهم ولجميع اموات المسلمين .
    المرحومة ام عصام …
    كنت تعلمين ان رحيلك عن هذه الحياة ، وان موعدك مع الله قد حان وقته ، وكنت تدركين وانت في الساعات القصيرة والأخيرة من حياتك ، انك تخوضين حرباً خاسرة مع مرضك اللعين ، وقد نال منك - حسب ما اخبر به الاطباء -ما ينبئ بأنه اتلف الأعضاء الحيوية لديك ، ومع علمك بهذا ،  الا ان روحك بقيت على تواصل مع الله سبحانه وتعالى ، راضية مرضية بلا خوف ولا وجل . اما نحن رغم قناعاتنا - بما اخبر به الاطباء  - فأملنا بالله ورجائنا  له كانا اكبر من الكلمات وابلغ من القناعات . الا ان لحظة الموت قد دنت ، وان ارادة الله قد وجبت وكانت اقوى من ارادة الجميع .
   المرحومة ام عصام …
   عامان مضيّا على رحيلك في حضرة الموت ، ولا يزال بيتنا خالياً بدونك كما هو وكما تركتيه آخر مرة ، ولا زالت غرفتك واشياؤك الخاصة على حالها ، وقد اخذت اثراً اكثر ثقلاً على النفس ، لانها تبدو وكأنها لا تزال مأهولة بك ، وهي غير ذلك . نفتش عنك ، نناديك صباح مساء ، وفي كل يوم يزداد ايماننا : " ان لله ما اخذ ، وله ما اعطى ، وكل شئ عنده بأجل مسمى ، فلنصبر ونحتسب " مصداقاً للحديث النبوي الشريف في دعاء ( التعزية ) .
   المرحومة ام عصام …
كم هي صعبة ومؤلمة مقاومة المرض ، وكم هي مؤثرة ومحزنة لحظات مواجهة الموت على امل الحياة . هذه المشاعر القاسية عشناها معك لحظة بلحظة ، وانت نزيلة المستشفى ، ونحن ننظر اليك في كل زواية ومن كل اتجاه ، ونلاحقك من غرفة الى غرفة ، ومن قسم الى آخر . نبحث عن أسرع طريق للنجاة ، وافضل دواء لتخفيف المعاناة . الا ان المرض الخبيث كان يستعيد نشاطه بعد كل وجبة دواء، ويهاجم عضواً جديداً في جسدك المنهك ، ومع كل هجمة نرى اليأس في عيون الأطباء والممرضين يزداد يوماً بيوم ، وساعة تلو  الساعة ، الى ان دنت لحظة الموت .. وقد خرج احدهم بتصريح العاجز : ( احنا عملنا اللي علينا والباقي عند ربنا ) . هذه العبارة العاجزة الا من - قدرة الله - لها دلالات واضحة وتحمل معانٍ كثيرة ، وهي تصريحٌ طبي غير مباشر في لحظة يأس موجه الينا  ، ان الوقت قد انقضى ، واننا على شرفة الموت ننتظر قدومه .
     المرحومة ام عصام ….
    موتك شل تفكيرنا ، ومنعنا من فعل اي شئ ، اصبحنا لا نطيق الوقت ولا نشعر بقيمة الزمن ... عامان مضيّا على رحيلك ،  ونحن نعد الايام ولا ننتظر ما تعطينا ، نحاول ان نقوّى على النهوض ، وحينما نتذكر رحيلك المفجع  ، وكيف اوقف عجلة الحياة فينا ، نفقد السيطرة على قيادة انفسنا والتكيف مع الواقع ، ونعيش حالة دائمة من اليأس والبؤس ، تفرض علينا ان نميل الى الصمت وكتم الأحزان ، لأننا ندرك ان الشكوى لله وحده ، والشكوى لغير الله مذلة ، والصبر الجميل صبراً بلا شكوى ، واذا سألت فاسأل الله ، واذا استعنت فأستعن بالله ، مصداقاً لقوله تعالى : " واذا فرغت فانصب والى ربك فارغب " صدق الله العظيم .
    المرحومة ام عصام …
  عرفناك خلال مسيرتك التربوية ، معلمة ومربية ومرشدة ، لم تتواني يوماً عن خدمة طالباتك وتقديم  النصح والارشاد لهن . وعرفناك صديقة وفية لزميلاتك في الخدمة التربوية ، وعلى علاقة مميزة معهن ، وكنّ على تواصل معك طيلة فترة مرضك ، وقد لمسنا طيب هذه العلاقة عندما أتين وشاركن في تقديم العزاء ، والدعاء لك بالرحمة والمغفرة من الله سبحانه وتعالى . وقبل كل هذا عرفناك المرأة الصالحة ، والزوجة الفاضلة ، والام الحنون ، المفعمة بالمودة والاحسان ، والحريصة على محبة الناس وحسن الظن بهم والتواصل معهم . وفوق كل ذلك كنت تخافين الله في السر والعلن ، تملكين روحاً كثيرة الحمد والشكر لله جل وعلا ، طيبة القلب ، كريمة ، سخية ، متواضعة ، صامتة ، صافية  النفس ونقية السريرة . يشهد لك بهذه الصفات من عرفك عن قرب او تعامل معك ، ولنا من شهادة الناس الاخيار ، وحديثهم عنك وعن مآثرك الطيبة ، خير شواهد على سيرتك ومسيرتك العطرة والحمدلله .
   المرحومة ام عصام …
  الامومة الحانية هي الصفة المميزة عن صفاتك الطيبة الأخرى ، هذه الأمومة الكاملة عندك هي رابط الوصل الحاني الذي جمعك مع ابنائك واحفادك حبٍ وحنانٍ  ، في حبلٍ سريٍ يمتد من واحد الى آخر ، وهذه الامومة ايضاً هي المعنى الشامل للعلاقة الجذرية بكل مكوناتها ، التي منحتك مزيدا من العواطف وانت تنظرين اليهم بفرحة عارمة ، وهم يكبرون طيلة تسعة وثلاثين عاماً منذُ ان اصبحت أماً . كل هذه السنوات مملوءة بالسعادة والحب والتعلق والاهتمام بهم ، والتضحية من اجلهم . وفي الجانب الآخر فيها من المشاعر العاطفية السلبية ، ما يثير عوامل القلق والضيق والخوف عليهم من المستقبل ، عندما بدأت تشعرين بتطور المرض الذي اصابك ، وخطورته في المراحل الأخيرة من حياتك ، وماذا يخبئ لك القدر من حياة او موت ، ونحن على مقربة منك ، كنا نشعر بك وقد لجأت الى الصمت والعزلة ، وبداخلك الكثير لتقوليه .
  المرحومة ام عصام …
  فلنا من البكاء والحزن ما يكفينا سد حاجتنا اليهما في هذا الوقت  ، ونحن نتجرع مرارة الفقد للعام الثاني لوفاتك ، وامام حقيقة موتك الخالدة فأن الله سبحانه وتعالى ، لا يغضب علينا ولا يعذبنا بدمع العين ولا بحزن القلب . ولنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، القدوة الحسنة ، ومن افعاله خير الاعمال ، عندما قام بزيارة قبر أمه فبكى وابكى من حوله حزناً عليها .
   المرحومة ام عصام …
 يقول لنا بعض الاصدقاء الكثير من كلمات المجاملة ، ولعلها تأتي من باب المواساة وجبر الخاطر :
  " لا تسترجعون اشياء او احداثا مضت ، فالحاضر اهم كثيراً من الماضي . ولا نعلم انهم يدركون او لا يدركون ان استرجاع الماضي هو حنين للاشخاص الذين فقدناهم ، والى الاماكن الخالية التي تركوها ، والى الروابط القوية التي جمعتنا ، والى بساطة الحياة التي عشناها معهم . ولعلهم يدركون ايضاً ان  استرجاع الماضي يذكرنا بأنفسنا : اعمارنا احلامنا وخوفنا ، كل ذلك يؤكد لنا ان من اصعب الكلمات على السمع والنطق : الفراق ، الفقد ، الرحيل ، الحزن ، البكاء ، وكل هذه المفردات مؤلمة ومؤثرة للنفس البشرية ، وبصورة اكبر عندما يسببها الموت ، وهو الحق ولا يعلوه حق .
                     يا رب يا عظيم … يا كريم :
 ارحم فقيدة النفس والروح ، ورفيقة الدرب والحياة . الأم الصامتة ، الصابرة ، والمحتسبة لله سبحانه وتعالى ، فقد كانت لمكارم الاخلاق نفساً وروحاً وجسداً تمشي على الارض .
 اللهم امنحنا صبر الصابرين ، واجر المحتسبين لننال حبك ورضاك . " أنما يوفّى الصابرون اجرهم بغير حساب " صدق الله العظيم .
 اللهم قوّي ايماننا بك واجمعنا بها في مستقر رحمتك …. وانا لله وانا اليه راجعون .
 
           " زوجك واولادك واحفادك "