تقوم الولايات المتحدة بـ"محاولة معقدة"، في سبيل "إطفاء النيران" في الشرق الأوسط، بعد اقتراب حرب إسرائيل بقطاع غزة من بلوغ شهرها الخامس، وفق ما ذكر الكاتب، ديفيد أغناتيوس، في عموده بصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
ونشر الكاتب الأميركي البارز تفاصيل مهمة أميركية، يسعى من خلالها وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، لإيقاف الحرب في قطاع غزة، وذلك خلال زيارته المرتقبة للمنطقة، وهي مرتبطة بالسعودية وإسرائيل وحماس، بحسب أغانتيوس.
وكتب في عموده: "يعتزم وزير الخارجية أنتوني بلينكن السفر إلى الشرق الأوسط قريبا، ومن المحتمل أن يتوقف أولا في السعودية، حيث يأمل في تجديد التعهد من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إذا - وفقط إذا - أنهت إسرائيل الصراع في غزة والتزمت بإنشاء دولة فلسطينية في نهاية المطاف، تشمل غزة والضفة الغربية".
وقال إنه "من المرجح بعد ذلك أن يسافر بلينكن إلى إسرائيل، حيث سيلتقي برئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الغارق في الحرب، والذي يريد بشدة التوصل إلى اتفاق سلام مع محمد بن سلمان. لكن في الوقت ذاته، يرفض نتانياهو وائتلافه المتشدد الشروط السعودية المتمثلة في إنهاء سريع للقتال في غزة والطريق إلى الدولة الفلسطينية".
ورأى أغانتيوس أن "هذه هي لعبة الرئيس (الأميركي جو) بايدن: فهو يريد أن يقدم لناتنياهو عرضا لا يمكن لائتلافه قبوله سياسيا – لكن رئيس الوزراء، الذي تحطم إرثه كزعيم إسرائيلي تاريخي، قد لا يتمكن شخصيا من مقاومته".
وتابع: "إذا تبنى نتانياهو الاقتراح السعودي، فسيتفكك ائتلافه وسيحتاج إلى العثور على شركاء جدد. وإذا رفض، فقد يتم إسقاط حكومته من قبل المنافسين الذين يتبنون الصيغة الأميركية لإنهاء الحرب".
وأضاف الكاتب ذو المصادر الواسعة، في عموده: "يقدم مارتن إنديك، الذي كان سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل مرتين، استعارة ملونة خاصة به لوصف المناورة الدبلوماسية الأميركية. (يريد بايدن أن يجعل بيبي - في إشارة إلى نتانياهو - يبرم الصفقة أو يفسح المجال أمام حكومة أخرى. وفي الحالتين، تأمل الولايات المتحدة أن يتم كسر الجمود).
ولم تعلن وزارة الخارجية الأميركية عن زيارة بلينكن رسميا، لكن عدة مسؤولين أكدوا لوسائل إعلام، بما في ذلك موقع "أكسيوس" ووكالة فرانس برس، تلك الزيارة، وهي الرحلة السادسة لكبير الدبلوماسيين الأميركيين للمنطقة منذ اندلاع الحرب.
وتساءل: "ما هي فرصة أن يصافح نتانياهو محمد بن سلمان؟"، قبل أن يستدرك بقوله: "قد تعتقد أن النسبة صفر، نظرا لرفضه (نتانياهو) العلني المتكرر للدولة الفلسطينية. لكن (المواطن) الإسرائيلي الذي يعرفه جيدا يقول إن نتانياهو يدرك أنه يواجه خيارا جديا، وأنه سيزن العوامل السياسية بعناية".
وأعرب أغانتيوس عن اعتقاده بأن "السبيل الوحيد لنتانياهو لتجنب العار الدائم جراء الهجوم الإرهابي الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر" قد يكمن في أن "يتحول إلى صانع سلام مع السعوديين".
واستعرض أغانتيوس الصعوبات التي من شأنها أن تعيق هذه المحاولة "عالية الخطورة" التي "قد تكون أفضل وسيلة لإخماد جحيم الحرب المستعرة في غزة".
وقال إن "التوقيت أمر بالغ الأهمية" بعد أن "أبلغت الولايات المتحدة إسرائيل أن اتفاق التطبيع السعودي يجب أن يبدأ خلال الشهرين المقبلين".
واستطرد الكاتب الأميركي قائلا، إن "ذلك يرجع جزئيا إلى أن محمد بن سلمان يطالب كجزء من حزمة التطبيع، بمعاهدة توفر ضمانات شبيهة بضمانات الناتو للأمن السعودي. ونظرا لأنه عام انتخابي في الولايات المتحدة، فمن المرجح أن تحصل مثل هذه الصفقة على تصديق مجلس الشيوخ بحلول يونيو، قبل أن تدفن في سياسات الحملة الانتخابية".
واعتبر أغناتيوس أن "الجزء الأصعب" في هذه "الدبلوماسية المعقدة" هو أن العملية برمتها يجب أن "تبدأ بعد انتهاء القتال في غزة"، وهو العنصر الأخير لهذه المحاولة.
والخميس، أعلنت قطر أن حركة حماس أعطت "تأكيدا إيجابيا أوليا" بشأن مقترح هدنة إنسانية في قطاع غزة الذي "وافقت" عليه إسرائيل أيضا، فيما المعارك مستعرة في القطاع الفلسطيني المحاصر، بحسب فرانس برس.
إلا أن مصدرا مطلعا على المحادثات في غزة، أكد لوكالة فرانس برس أنه "لا يوجد اتفاق على إطار الاتفاق بعد، والفصائل لديها ملاحظات مهمة، والتصريح القطري فيه استعجال وليس صحيحا".
وإثر هجمات حماس على إسرائيل يوم 7 أكتوبر التي أدت إلى اندلاع الحرب، خُطف نحو 250 شخصا نقلوا إلى قطاع غزة، وفق السلطات الإسرائيلية. ولا يزال 132 رهينة منهم محتجزين، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن 27 منهم لقوا حتفهم.
ويشير أغانتيوس نقلا عن مصادر أميركية وإسرائيلية وعربية، إلى أن صفقة الرهائن "أصبحت قريبة بشكل مثير، ولكن الأمر قد يستغرق أسابيع للانتهاء منها".
وكتب: "بمجرد أن تصمت الأسلحة، يصبح من الممكن وقف التصعيد على نطاق واسع: فقد يتحرك السعوديون نحو التطبيع، وقد يصبح التوصل إلى اتفاق حدودي بين إسرائيل ولبنان ممكنا، ويمكن أن يبدأ التقدم نحو إقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف".
وتابع في العمود: "يقول أحد الأشخاص المشاركين في المفاوضات: إن الطريقة الوحيدة لتهدئة غزة هي صفقة الرهائن، مشددا على أن هذه هي المفتاح لعكس دائرة العنف التي دفعت الشرق الأوسط إلى حافة حرب شاملة".
وأوضح أن "السبب وراء تفاؤله (الشخص المشارك في المفاوضات) هو أن الإسرائيليين يعتبرون إطلاق سراح الرهائن أولوية قصوى بعد صدمة الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس".
ونقل أغانتيوس عن مسؤول شارك في المفاوضات بين إسرائيل وحماس قوله، إن "لحظة الحقيقة لم تأت بعد"، لكن الكاتب الأميركي قال إنها "قادمة".
وختم عموده بالقول عن هذه العملية الدبلوماسية، إنه "بالنظر إلى البدائل القاتمة، فإن الأمر يستحق المحاولة".