نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر في الاحتلال تقول إن الهدف من حربه الحالية يتمثل في الإطاحة بحماس من السلطة، وقتل قيادتها، وتحرير أكثر من مئتي رهينة في غزة، وإنهاء أي تهديد أمني يتخذ من القطاع منطلقا له.
ويقول محللون عسكريون إن الهدنة التي تستمر أربعة أيام تمنح حماس الوقت للتحضير لمرحلة جديدة من الحرب التي قد تستمر لأشهر، بهدف تقليص زخم الهجوم الإسرائيلي وخلق ضغوط دولية لإنهاء الصراع دون تحقيق أهدافه.
يقول يوسي كوبرفاسر، رئيس الأبحاث السابق في قسم الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عن حماس: "الشيء الأكثر أهمية في الوقت الحالي هو ضمان بقائهم على قيد الحياة” مضيفا أن المجموعة، تأمل في أن تتمكن من إطلاق سراح الرهائن تدريجياً، وتحويل "فكرة هزيمة حماس برمتها إلى شيء لن يحدث أبداً".
يؤكد الاحتلال أن وقف القتال لن يردع الجيش الإسرائيلي عن تدمير قدرة حماس على شن هجمات ضد إسرائيل، لكن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تواجه أيضًا تيارا متناميا يدعو لتأمين إطلاق سراح الرهائن أولاً – ومن المتوقع أن تزداد الضغوط مع عودة المجموعة الأولى من الأسرى إلى وطنهم يوم الجمعة.
فيما يعتقد قادة حماس بالفعل أنهم حققوا نصراً كبيراً بهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول من خلال توجيه ضربة استخباراتية وعسكرية لإسرائيل ومن خلال الحفاظ على كبار قادتها في مأمن من الغزو الإسرائيلي، والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت حماس قادرة على التلاعب بأزمة الرهائن بما يكفي للبقاء في السلطة في غزة، أو حتى تتمكن قيادتها من الهروب من القطاع.
يقول طاهر النونو، المتحدث باسم حماس المقيم في اسطنبول، إن حماس منفتحة على المحادثات بشأن تمديد الهدنة وتريد في نهاية المطاف وقف إطلاق النار، وأضاف: "لكن ليس لإسرائيل الحق في أن تقرر من سيسيطر على غزة بعد الحرب”.
تتكون قيادة حماس من حوالي 15 عضوا، يتمركزون عادة في غزة والدوحة وبيروت، ويتخذون قراراتهم على أساس الإجماع، لكن استراتيجية الحرب التي تنتهجها الحركة أصبحت مقتصرة بشكل وثيق داخل غزة الان وربما تكون غير معروفة بالنسبة لقيادة حماس السياسية في المنفى، مما يجعل من الصعب التنبؤ بتحركاتها التالية.
يعتقد الاحتلال أن يحيى السنوار زعيم حماس في غزة يدير العمليات مع مجموعة متشددة، من المحتمل أن تشمل رئيس الذراع المسلحة، محمد ضيف، وعدد قليل من كبار القادة الآخرين.
ويقول أولئك الذين يتفاوضون على تبادل الرهائن والأسرى إن السنوار لم يستجب في بعض الأحيان للمطالب بشأن الرهائن، مما أحبط العملية، لكنه صاحب القرار النهائي.
اصبح من الواضح أن السنوار سيحقق أحد أهدافه الرئيسية من شن هجمات السابع من أكتوبر، وهو تأمين إطلاق سراح السجناء ويقول محللون إن إطلاق سراح المعتقلين هو أمر شخصي بالنسبة للسنوار، باعتباره سجينًا سابقًا.
التزمت حماس في المرحلة الأولى من الاتفاق، بإطلاق سراح خمسين رهينة، مقابل وقف إطلاق النار لمدة أربعة أيام والإفراج عن ثلاثة سجناء فلسطينيين مقابل كل رهينة يتم تحريرها.
بموجب الاتفاق، وافقت إسرائيل على إضافة يوم إضافي لوقف إطلاق النار مقابل كل دفعة إضافية مكونة من عشر رهائن من النساء أو الأطفال يتم إطلاق سراحهم بالإضافة إلى الخمسين الأصليين المتفق عليهم، وهذا يعني أن حماس يمكنها تمديد وقف إطلاق النار لمدة تصل إلى تسعة أيام وفقًا للاتفاق الحالي باعتبار ان حماس وآخرين في غزة يحتجزون ما يصل إلى مئة امرأة وطفل كرهائن وفق مسؤولين إسرائيليين.
وسيسعى السنوار إلى استغلال فترة التوقف واحتمال إطلاق سراح الرهائن في المستقبل لإطالة أمد وقف إطلاق النار إلى ما بعد الأيام الأربعة، وكسب حرية الفلسطينيين المسجونين بتهم أكثر خطورة من أولئك الذين تم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من وقف القتال وفق المحللين.
يقول غسان الخطيب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، إن "الأولوية بالنسبة لحماس هي إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين" مضيفًا "لقد كانت هناك الكثير من التضحيات، والكثير من الخسائر، والكثير من الأضرار، لذا فهم بحاجة إلى إظهار الإنجازات في مقابل ذلك".
تقدر إسرائيل أن حماس تمتلك حوالي ثلاثين ألف مقاتل في بداية الصراع، وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير إن الجيش استهدف قادة حماس في القتال الأخير في شمال غزة لتعطيل قدرة الجماعة على توجيه المقاتلين، ويعتقد أنه قد تم قتل ما بين ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف مقاتل حتى الآن وإضعاف قدرة الجماعة على شن هجمات على الجنود الإسرائيليين، بالرغم من عدم امتلاك الجيش الإسرائيلي لتقدير محدد للأضرار التي لحقت بجيش حماس.
يعتقد الجيش الإسرائيلي أن السنوار موجود الآن في شبكة أنفاق حماس في الجزء الجنوبي من غزة مع كبار القادة والرهائن، وفقًا لما ذكره إيهود يعاري، زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمعلق الإسرائيلي المعروف.
وفي حين أن الهدنة ستمنح حماس الفرصة لإعادة تجميع صفوفها، فمن المتوقع أن تشن إسرائيل هجوماً كبيراً على مدينة السنوار، خان يونس، على أمل عزل الشمال والجنوب وإجبار حماس إما على الخروج من الأنفاق للقتال أو الاستسلام.
ويقول يعاري: "بالنسبة لحماس، إذا توقفت المعركة قبل مهاجمة خان يونس، فإنها ستظل واقفة على أقدامها".
ويقول جيورا إيلاند، الجنرال الإسرائيلي السابق ومستشار الأمن القومي، إن القتال في الجنوب سيكون أكثر صعوبة من الشمال بسبب وجود النازحين الفلسطينيين، الأمر الذي قد يعمق الأزمة الإنسانية ويزيد الضغط الدولي على إسرائيل لوقف الحرب.
وأضاف أن شبكة أنفاق حماس ووجود رهائن هناك يزيدان من تعقيد العملية في الجنوب، وأضاف: "طالما أنهم يستطيعون استخدام هذه الأنفاق كملاذ للمقاتلين، فمن الصعب جدًا تحقيق النصر هناك".
وقد يجبر حرمان حماس من الوقود والماء والغذاء مقاتليها على الخروج من الأنفاق، لكن السنوار يملك الرهائن المتبقين كوسيلة ضغط للتفاوض على خروج آمن له ولزعماء آخرين مثل الضيف من غزة، أو للحصول على هدنة أخرى.
لإسرائيل خبرة في فرض حصار على منطقة ما لتحقيق أهداف عسكرية، فخلال الحرب الأهلية اللبنانية عام 1982، حاصر الجيش الإسرائيلي العاصمة بيروت، مما أجبر منظمة التحرير الفلسطينية على إجلاء مقاتليها من لبنان في صفقة تم التوصل إليها بوساطة دولية، لكن محللين فلسطينيين يقولون إن من غير المرجح أن تغادر حماس نظرا لأن مقاتليها من غزة.
ويعتقد بعض المسؤولين في الشرق الأوسط أن إسرائيل ستواجه تمردا إذا سعت إلى تجريد غزة من السلاح والاحتفاظ بقواتها هناك، كما يعتقد قلة من الإسرائيليين والفلسطينيين أن إسرائيل سوف تكون قادرة على تدمير حماس كمنظمة عسكرية وحركة سياسية.
يقول المسؤولون العسكريون الإسرائيليون إنهم يعرفون أنه لا يمكن القضاء على أيديولوجية حماس، لكنهم يقولون إنه من الممكن القضاء على قدرة الجماعة على شن الحرب وحكم غزة.
وقالت ميراف زونسزين، وهي محللة بارزة في الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، إن إسرائيل قد تواجه الاختيار بين قتل كبار قادة حماس والتفاوض من أجل إطلاق سراح الرهائن المتبقين.
وقالت: "في النهاية، سيتعين على إسرائيل أن تقرر ما إذا كانت ستعيد جميع رهائنها أو ستواجه نوعًا من المفاوضات” مع السنوار والضيف، مضيفة "نتنياهو يأمل حقاً أن يتمكن من اغتيالهم قبل أن يحدث ذلك، ولكن في نهاية المطاف، لن تكون إسرائيل قادرة على تحقيق هدفي "تدمير حماس” واستعادة جميع الرهائن معًا”.