جراءة نيوز -عمان:
يشارك الأردن العالم اليوم الاحتفال باليوم العالمي لحماية الطفل من الإساءة، في وقت يشكل فيه عدم توفر أرقام حقيقية حول أعداد الأطفال المعنفين، عائقا أساسيا أمام مواجهة هذه المشكلة،وبحسب أرقام وزارة التنمية الاجتماعية فيبلغ متوسط حالات الإساءة للأطفال التي يتم تسجيلها في مكاتب الخدمة الاجتماعية في إدارة حماية الأسرة وأقسامها 1850 حالة سنويا، لكن ناشطين في حقوق الطفل يبينون أن "هذه الأرقام لا تعكس واقع الحال، خصوصا أن غالبية الحالات لا يتم التبليغ عنها إنما تتم خلف أبواب موصدة".
وبحسب دراسة محلية عن واقع العنف في الأردن، "فإن 50 % من الأطفال في الأردن يتعرضون لإساءات جسدية، و70 % يتعرضون الى العنف اللفظي، و30 % يتعرضون الى العقاب البدني، فضلاً عن تعرض ثلث الأطفال لإساءة جنسية على اختلافها"،وكان تقرير لمنظمة إنقاذ الطفل نشر العام الماضي عزا عدم التبليغ عن حالات الإساءة إلى "المحرمات" الاجتماعية، والخوف من المجتمع،وأوضح التقرير أنه وعلى الرغم من تجريم قانون العقوبات للعنف ضد "الأطفال"، واتخاذ عديد من الخطوات في هذا الصدد، إلا أن الأطفال "ما يزالون ضحايا للعنف".
ويبين الخبير لدى الأمم المتحدة في مواجهة العنف، رئيس شبكة المهنيون الأردنيون للوقاية من العنف ضد الأطفال الدكتور هاني جهشان أن "الأرقام التي ترصد لا تعكس شيوع المشكلة في عموم المجتمع، لأن العنف ضد الطفل يمارس بصفة خفية وراء أبواب موصدة، ويعاني الضحايا بصمت خوفا من وصمة العار أو الانتقام"،ويتابع "لقد شهدنا مؤخرا جرأة بالتبليغ عن حالات العنف واكتشافها، وتقدما معرفيا في توثيق الحالات والاستجابة لها وعلاج وتأهيل الضحايا".
والى جانب ضعف التبليغ عن حالات الإساءة للأطفال، فإن التشريعات الحالية تحوي فجوات عدة فيما يخص حماية الطفل،ووفق تقرير وزارة الخارجية الأميركية لحقوق الإنسان للعام 2011 فإنه "رغم أن التشريعات الأردنية خصصت مواد قانونية لمعاقبة المسيئين للأطفال، لكن منظمات تعمل مع الأطفال المساء إليهم تشير إلى فجوات في التشريعات المتعلقة بحماية الطفل من الإساءة، واستمرارية إصدار العقوبات المخففة بحق المسيئين للأطفال".
وأمام استمرار ظاهرة الإساءة للطفل، يدعو متخصصون في هذا المجال الى ضرورة اتخاذ خطوات جادة وفورية فيما يتعلق بإقرار التشريعات المتعلقة بالطفولة، كقانون حقوق الطفل والذي تم إعداده قبل 15 عاما، لكنه لم يقر لغاية الآن، وقانون الأحداث الجديد بقي محط نقاش لستة أعوام، في حين إن قانون الأحداث الحالي يعد قانونا باليا يجري العمل به منذ ستينيات القرن الماضي.
وبهذا الشأن، يدعو جهشان الى التعامل مع الفجوات بالتشريعات الوطنية، لتتلاءم مع المعايير الدولية، و"تجريم سائر أشكال العنف ضد الطفل، واعتماد مرجعيات قانونية للاستراتيجيات والأطر الوطنية".
وبحسب أرقام وزارة التنمية الاجتماعية فإنه منذ العام 1998 ولغاية العام الحالي، بلغ عدد حالات الإساءة للأطفال المبلغ عنها نحو 28 ألف حالة، أكثر من نصفها في محافظة العاصمة.
وأشار تقرير للخارجية الأميركية إلى أنه منذ بداية العام الماضي وحتى نهاية آب (اغسطس) الماضي، حققت السلطات بـ329 حالة إساءة جنسية لأطفال، و87 حالة اعتداء جسدي على أطفال، حولت إلى المحاكم.
وأضاف أن الحكومة تستمر في تمويل مركز لرعاية الأطفال المساء إليهم، من خلال توفير الإيواء والرعاية الصحية للأطفال ما بين 6 و12 عاما.
وفيما يخص زواج القاصرات، والذي يعد نوعا من أنواع الإساءة، بين التقرير نفسه أن العمر الأدنى للزواج هو 18 عاما، لكن يمكن تزويج الفتاة بموافقة ولي الأمر والقاضي، بعمر 15 عاما، وتبين الأرقام أنه في 2010 تم تزويج 8042 فتاة تتراوح أعمارهن ما بين 15 و18 عاما.
أما تقرير "تحليل الحالة لحقوق الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" والذي أعدته منظمة إنقاذ الطفل الدولية، فيشير إلى العقوبات المشددة التي تفرض على من يمارس العنف ضد الأطفال، وتصل حد الإعدام فيما يتعلق باغتصاب حدث أقل من 15 عاما، غير أن عدد الحالات المبلغ عنها محدود جدا نتيجة "للمحرمات الاجتماعية".
ويلفت التقرير الى انعدام للمعلومات الموثقة حول العنف المنزلي والاعتداءات ضد الأطفال، معتبرا "أن أبرز التحديات فيما يتعلق بمكافحة تجارة جنس الأطفال في الأردن، تتمثل بنقص المعلومات، وعدم وجود إحصاءات لتصنيف حالات الاتجار بالأطفال واستغلالهم في البغاء"،ويوضح أن العنف الجنسي يهدد الأطفال الذكور في الأردن، إذ تشير إحصائيات العام 2009 الى "أن عدد حالات الاعتداء الجنسي على الذكور بلغت 190 حالة، أما على الإناث فتبلغ 230 حالة".
غير أن التقرير يشيد بالجهود الحكومية في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال، من خلال اتخاذ إجراءات على أرض الواقع، كتخصيص وحدات للكشف عن حالات العنف ضد الأطفال في المستشفيات الحكومية الكبرى، وإنشاء دار الأمان، التي تعمل على توفير الحماية للأطفال الذين يتعرضون للعنف والإهمال."الغد"