على وقع أهازيج فرح أردنية ممزوجة بالتراث العربي والحجازي وزغاريد شعبية أصيلة، أقامت الملكة رانيا العبدالله، مساء الاثنين، حفلة حناء في قصر زهران، بمشاركة عدد من أميرات العائلة المالكة، ومايقارب 600 سيدة حضرن من أرجاء محافظات الأردن وقراها وبواديها، كأولى الاحتفالات الملكية بزواج ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله على الآنسة رجوة آل سيف، المقرر في الأول من حزيران المقبل.
وفي مقصورة هندسية الشكل، صمّمت خصيصا للاحتفال في الهواء الطلق في مضارب بني هاشم، اكتست العليّة بسنابل القمح الذهبية المجففة والمصابيح المتلألئة، كما انتشر عبق القهوة العربية والبخور بين الحضور وأظهرت التصاميم الخشبية المزركشة بالحبال ترابية اللون والمجدلّة طوليا، والمشغولات اليدوية بفن المكرميّة عدا عن أطباق القش الملونّة بالأحمر والأزرق والترابي، بهجة أردنية جمعت إبداعات وفرحة من صنعوها.
وزُفّت رجوة بعد وصول الملكة رانيا العبدالله وأفراد العائلة الملكية بمن فيهم الأميرة إيمان والأميرة سلمى، مع منثور الورد الجوري وعلى أنغام أهزوجة تراثية كتبت خصيصا وغنّتها الأردنية نداء شرارة.
وارتدت العروس ثوبا أبيض زُيّن بتطريز ذهبي وتوشحّت بغطاء أبيض كذلك، بينما كانت والدتها في استقبالها إلى جانب الملكة رانيا وعدد من أفراد عائلتها.
والاحتفال الذي بدأت تحضيراته قبل نحو شهرين ونصف، أحيته فرقة "حليم للموسيقى" التي استحضرت روح الشرق والتراث العربي بآلاتها الوترية، كما شاركت بمغناة فنيّة كلا من ديانا كرزون وزين عوض بصحبة فرقتين نسائيتين للتراث الشعبي.
وخلال حفل العشاء البهيج، رحبّت الملكة رانيا بضيفاتها ملقيةً كلمة مؤثرة خاطبت فيها العروس رجوة قائلة: "وأخيرا صار عندي كنّة..رجوة هي رجائي إلى الله للأمير حسين"، وتابعت: "بتعرفوا البنت من أمها وأم فيصل جوهرة ..فيه أحلى من هالعروس ..رجوة بعيوننا".
ولم تُخفِ الملكة تأثرها بزواج ابنها الأمير قائلة: "حسين هو فرحتي الأولى وابني البكر وكنت دائما أحلم أشوفه عريس".
واستذكرت الملكة رانيا العبدالله خلال كلمتها، وعداً كانت قد قطعته على الراحل الملك الحسين بن طلال، بأن ينشأ الحسين الابن على نهج الحسين الجدّ، وقالت: "لقد وفيتُ بوعدي".
وطافت 9 من الشابات في أرجاء ليلة الحنّاء، محمّلات بسلال القش والحنة بمختلف أنواعها ليزيّن أيادي النسوة بنقش الحنّة.
وقالت باسمة دعنا المعروفة برسم الحناء منذ سنوات واحترفته من خلال سوق "جارا" الأردني السنوي، إن الشابات حضرن من عدة محافظات ، وجميعهن يحترفن النقش بالحنّاء .
وعن هذه المشاركة تقول دعنا، لموقع CNN بالعربية، إن "اختيار هذه المجموعة كان مفاجأة خاصة، وأن لكل شابة عملها الخاص، وكلهن حاصلات على تعليم عال"، وأضافت: "لقد كانت فرحة مضاعفة بالمشاركة لنا وللحضور".
أما المواطنة ابتهال منصور صاحبة مشروع "لمسة حرير" لفن "المكرميّة"، فلم تكن الفرحة قد وسعتها عندما اختيرت قبل حفل الحناء بفترة وجيزة، لتصنع منسوجات المكرمية المشغولة يدوياً من خيوط القطن السميكة، لتتزين بها سلال القش وخواتم حامل مناديل الطعام، التي نُسجت على شكل سنبلة.
وتقول منصور، وهي من سكّان مدينة إربد شمال البلاد، لموقع CNN بالعربية: "لقد صنعتُ أنا وثلاثة من الشابات المتقنات لفن المكرميّة، منسوجات لما يقارب 90 سلة من أحجام مختلفة، وما يزيد عن 500 حلقة حاملة للمناديل، لقد كان عملا مرهقا في أربعة أيام متواصلة، ولكنه كان دعما كبيرا لنا وفرحة لاتوصف".
ولفتت ابتهال منصور إلى أن فن المكرميّة، هو من التراث العربي القديم الذي أعيد إحياؤه بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، بعد أن كان استخدامه مقتصرا على حمل أصص النباتات الخزفية.
كما زيّنت جلسات الحضور وطاولات العشاء، الأواني النحاسية المنقوشة وسلال القش وورود الجوري المنثورة وبتلات الفرنفل الأبيض، عدا عن أوراق نبتة الكركديه المجففة، وحبّات الورد المحمّدي الليلكي اللون، وكذلك أغصان شجر الزيتون وأعواد القرفة العطرة.