أصدر القضاء الجزائري أحكام إدانة بالسجن النافذ بحق اثنين من أهم وزراء الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، في قضايا فساد ثقيلة، تتعلق إحداهما باختلاس أموال خليجية موجهة لضحايا العشرية السوداء (1990-2000).
لا تزال قضايا فساد فترة حكم الرئيس الراحل تهيمن على أخبار المحاكم في الجزائر. وآخر هذه الأحكام إدانة وزير التضامن السابق جمال ولد عباس بـ 3 سنوات حبسا نافذا ومليون دينار غرامة مالية (7000 دولار) بعد متابعته بتهم اختلاس أموال حين كان على رأس القطاع. كما تم إلزام ولد عباس بدفع تعويض للطرفين المدنيين (وزارة التضامن والخزينة العمومية) بقيمة مليوني دينار.
وتوبع ولد عباس بجنح الاختلاس وتبديد أموال عمومية بعد ثبوت تحويل مبالغ مالية من حساب وزارة التضامن الوطني، بالإضافة إلى سوء استغلال الوظيفة وتبييض الأموال وعدم التصريح بالممتلكات. وفي وقائع الملف، اكتشف المحققون أن ولد عباس اختلس فوائد بنكية بقيمة 45 ألف دولار ناجمة عن إعانات مالية منحتها الكويت والمملكة العربية السعودية سنة 2000 لبناء مساكن لفائدة ضحايا الإرهاب بالجزائر، حيث قام بتحويلها من حساب وزارة التضامن إلى جمعية طبية كان هو رئيسها.
وليست هذه القضية الأولى التي يتابَع بها ولد عباس في قطاع التضامن، فقد أدين من قبل بـ 6 سنوات حبسا نافذا في قضايا متعلقة بالفساد، وأدين كذلك نجله اسكندر بـ7 سنوات حبسا نافذا، وذلك بعد متابعة المتورطين بتهم عديدة أبرزها تبديد أموال عمومية، وإبرام صفقات مخالفة للتشريع المعمول به وسوء استغلال النفوذ. كما لوحق هذا الوزير وأفراد من عائلته بتهم المتاجرة في القوائم الانتخابية بمناسبة تشريعيات 2017.
وكان ولد عباس من أبرز وزراء بوتفليقة وأحد المنحدرين من منطقته في الغرب الجزائري، وسمح له قربه من الرئيس الراحل بتولي مناصب وزارية عديدة أهمها التضامن والصحة، كما تولى بدعم من محيط الرئيس قيادة حزب جبهة التحرير الوطني سنة 2017 وكان عراب العهدة الخامسة التي أحبطها الحراك الشعبي في الجزائر سنة 2019.
وفي قضية أخرى، قضى القطب الجزائي المالي والاقتصادي بمحكمة سيدي أمحمد بالعاصمة، بتسليط عقوبة 6 سنوات حبسا نافذا ومليون دينار غرامة مالية في حق وزير المالية السابق محمد لوكال، المتابع بتهم ذات صلة بالفساد حين كان الرئيس المدير العام لبنك الجزائر الخارجي.
وتوبع محمد لوكال ومن معه بتهم تبديد أموال عمومية وإساءة استغلال الوظيفة ومنح امتيازات غير مستحقة للغير. وتدور وقائع الملف حول صفقة اقتناء مقر جديد للبنك الخارجي بحيدرة في أعالي العاصمة الجزائرية، بقيمة 110 مليار سنتيم (7.8 مليون دولار) في حين أن الخبرة المنجزة اعتبرت ان سعره الحقيقي لا يتجاوز 102 مليار سنتيم (7.2 مليون دولار). وشغل لوكال مناصب حساسة في النصف الثاني من عهدة بوتفليقة، حيث تولى منصب محافظ بنك الجزائر ثم وزيرا للمالية وهي من أهم الحقائب السيادية لعدة سنوات.