الأضحية شعيرة إسلامية وسنة مؤكدة عن الرسول (ص)؛ وهي اسم لما يُذبح من الأنعام من بعد صلاة عيد الأضحى حتى غروب ثالث أيام التشريق.
والأضحية إحياء لسنة النبي إبراهيم، عليه السلام، إذ أوحي إليه بأن يذبح ولده إسماعيل، فلما بادر بالامتثال فدى اللهُ تعالى ولدَه بكبش، فذبحه بدلًا عنه؛ قال تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾.
ويشترط في الأضحية أن تكون من الأنعام (الإبل، والبقر، والغنم)، فهل يجوز التضحية بالطيور؟.
هذا السؤال أجاب عليه الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، وقال إن الرأي القائل بجواز التضحية بكل حيوان يؤكل لحمه، ضعيف، وغير معتبر في الإفتاء، ومخالفٌ لعمل الأمة المستقر، مضيفا أن ما ورد من أن أحد الصحابة قال بجواز التضحية بالطيور غير صحيح؛ لأن النصّ الوارد عنه ليس على ظاهره، وإن حُمِل على ظاهره فهو مجرد اجتهاد من الصحابي، لكنه مخالف لما قد صحَّ عن الرسول (ص).
وأوضح أن "الأضحية لا يُجْزِئ فيها إلا أن تكون من الأنعام؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ وهي الإبل، والبقر، والغنم، وقد ذُكِرَت في قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾، وفي موضع آخر يقول تعالى: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين* وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْن﴾".
وتابع: "النُّسك يعم الهدي والأضحية جميعًا؛ لما رواه الشيخان عن النبي (ص): (وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ) قاله في الأضحية، فدلّ على اختصاصها ببهيمة الأنعام، موضحا أن النبي (ص) كان يُضحي بكبشين أملحين، أقرنين، ويُسمي، ويُكَبر، ويضع رجله على صفاحهما".
وأضاف: عندما أراد بعض الصحابة أن يضحّي بماعز دون السن المطلوب؛ قال له النبي (ص) "اذْبَحْهَا وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ"، كما روي عن النبي (ص) أنه قال: "لا تَذبحوا إِلاَّ مُسِنَّةً إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ".
وأشار إلى النبي (ص) ضحى بالضأن، مع كون التضحية بالبقر أفضل منها، والتضحية بالإبل أفضل من الكلّ، ودليل الأفضلية ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ"؛ فجعل الساعة الأولى للإبل، والثانية للبقر، والثالثة للغنم، ومعلوم أن مشقة الساعة الأولى أعظم، ومن هنا دلّ هذا الحديث على تفضيل الإبل على البقر والغنم.
وأوضح أن ترك النبي (ص) للأعلى يمكن أن يكون لأنه أراد الاقتصار على الحد الأدنى الأيسر على الناس؛ رفقا بالأمة، ولو كان يمكن النزول عن جنس الغنم إلى الطير مثلًا لفَعَلَه النبي (ص)، وهذا هو مقتضى النظر؛ فالأضحية عبادة تتعلق بالحيوان، فاختصت بالنعم، كالزكاة؛ فإنها عبادة تتعلق بالحيوان، فاختصت بالنعم.
واختتم مفتي مصر فتواه قائلا: "الرأي القائل بجواز التضحية بكل حيوان يُؤْكَل لحمه رأي شاذّ لم يُعَوِّل عليه أهل العلم"، مضيفا أن الأضحية لا يجزِئ فيها إلا أن تكون من الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم.