بعد عامين على توقف السعودية عن استقبال حجاج بيت الله الحرام من الخارج، واقتصار الموسم على عدد محدد من الداخل، ووفقاً لإجراءات احترازية مشددة، بسبب جائحة كورونا، عادت المملكة لاستقبال الحجيج من مختلف دول العالم.
ومع رفع المملكة للقيود وتحسن الوضع الوبائي فيها، قررت وزارة الحج السعودية رفع عدد الحجاج لهذا العام إلى مليون حاج من داخل المملكة وخارجها، وفقاً للحصص المخصصة لكل دولة، مع الأخذ بالتوصيات الصحية.
وشهد موسم الحج الماضي 2021 مشاركة 60 ألفاً من حجاج الداخل فقط وسط إجراءت مشددة بسبب جائحة كورونا، وقد سبق ذلك موسم استثنائي في 2020 اقتصر فيه عدد الحجاج على نحو 10 آلاف من الداخل أيضاً مقارنة بنحو 2.
5 مليون حاج في 2019 قدموا من جميع أنحاء العالم.
وحرم تقليص عدد الحجاج وعدم استقبال حجاج من الخارج خلال عامي 2020 و2021، الخزينة السعودية مليارات الدولارات، خلال جائحة كورونا.
ويشكل موسم الحج مصدراً لهيبة السعودية على الصعيدين السياسي والديني، علاوة على أنه يساعدها على جني إيرادات سنوية تقدر بنحو 8 مليارات دولار.
وتساهم السياحة الدينية بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للسعودية، وفقاً لبيانات حكومية.
وخلال أبريل الجاري، وثقت السلطات السعودية أداء نحو مليوني زائر العمرة، إضافة إلى توزيع مليون وجبة على الصائمين بالمسجد الحرام منذ بداية شهر رمضان.
ملامح الموسم القادم وظهرت ملامح الحج لهذا العام، مع تأكيد السلطات السعودية أنه سيكون وفقاً لعدة ضوابط؛ منها أن يكون للفئة العمرية أقل من (65) عاماً ميلادياً، مع اشتراط استكمال التحصين بالجرعات الأساسية بلقاحات فيروس كورونا المعتمدة في وزارة الصحة.
وتعتمد المملكة 9 لقاحات هي: "فايزر بيونتك"، و"موديرنا"، و"أسترازينيكا"، و"جونسون آند جونسون"، و"سينوفارم"، و"سينوفاك"، و"كوفاكسين"، و"سبوتنيك"، و"كوفوفاكس".
كما شملت شروط الحج لهذا العام القادمين للحج من خارج المملكة تقديم نتيجة فحص سلبي (PCR) لفيروس كورونا لعينة أخذت خلال 72 ساعة قبل موعد المغادرة إلى المملكة.
وخلال الفترة الأخيرة أطلقت السعودية العديد من المشاريع لخدمة الحجاج والمعتمرين، كان أبرزها قطار الحرمين، وهو مشروع خط سكك حديدية كهربائية، يصل مكة المكرمة بمحافظة جدة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية حتى ينتهي في المدينة المنورة.
وقلص قطار الحرمين رحلة الحجاج والمعتمرين من مكة المكرمة إلى المدينة من 7 ساعات إلى ساعتين.
ويصل طول مسار قطار الحرمين إلى 450 كم، وبسرعة تصل إلى 300 كم/ساعة، وطاقة استيعابية تم تقديرها بنحو 60 مليون مسافر سنوياً.
وشملت المشاريع الجديدة "منصة الحج الذكي"، ومبادرة "الرقابة على الخدمات" لرفع مستوى خدمات السكن بتوفير مساحات إضافية للحجاج وتنظيم مسارات النقل الترددي، وبرنامج "التفويج" المخصص لإدارة الحشود عبر نظام إلكتروني لإعداد ومراقبة خطة التفويج.
وتتضمن المشاريع "مشروع زيادة الطاقة الاستيعابية"، حيث أزيل جبل شرق ربوة منى بالكامل، وبنيت مخيمات مجهزة بكل الخدمات، وأُطلقَت مبادرة "تطوير خدمات الإعاشة" للتوسع في تقديم الوجبات مسبقة التجهيز في المشاعر المقدسة، ومبادرة "كن عوناً" التطوعية للمساهمة في الأعمال التطوعية، وفتح المجال لجميع أفراد المجتمع لخدمة حجاج بيت الله الحرام.
إيرادات متوقعة ومع عودة استقبال حجاج الخارج إلى المملكة يتوقع أن تعود معه الإيرادات الكبيرة، وإعادة تشغيل المحال التجارية، وتحقيق أرباح لقطاعات النقل، وشركات تقديم الطعام.
ويدر موسم الحج مليارات الدولارات على السعودية، ويساهم في تنويع مصادر التمويل للاقتصاد السعودي، بعيداً عن النفط، وذلك تطبيقاً لـ"رؤية 2030"، التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان.
ويعد موسم الحج من الروافد الاقتصادية المهمة للسعودية، حيث وضعته "رؤية 2030" هدفاً يقضي برفع الطاقة الاستيعابية لضيوف الرحمن إلى 30 مليون معتمر بحلول 2030.
ويبلغ متوسط إنفاق الحاج في الداخل 7 آلاف ريال سعودي (1866 دولاراً)، فيما يبلغ إجمالي تكلفة الحج بالنسبة للشخص الواحد من حجاج الخارج بين 4 و5 آلاف دولار في المتوسط، وقد يشهد زيادة خلال الموسم القادم، بسبب الإجراءات الجديدة.
وينعش حجيج الخارج قطاعات عدة أبرزها تجارة اللحوم (ذبح الهدي)، والمواصلات، والمطاعم، وغيرها من المجالات التي تدر إيرادات كبرى للبلاد، كما يسهم هؤلاء الحجاج في رفع الطلب على الريال السعودي بقوة في مختلف بلدان العالم.
وستوفر عودة الحجاج آلاف الوظائف للسعوديين والوافدين، وفق تقديرات غير رسمية، تشمل قطاع الخدمات مثل مرافقة الحجاج، وحراسة المخيمات، وقيادة المركبات، وأعمال النظافة، وكذلك قطاعات النقل، والضيافة، والتغذية، والتجارة، والتسويق.
وحول الإيرادات المتوقعة لعودة موسم الحج على الاقتصاد السعودي، يؤكد الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، أن تعليق العمرة وتقليص الحج خلال الأعوام الماضية، حرم المملكة من حوالي 12 مليار دولار سنوياً.
وتعد تلك الإيرادات السنوية، وفق حديث العوبلي لـ"الخليج أونلاين"، المصدر الثاني للدخل في السعودية بعد النفط، لذلك فإن عودة الحج لهذه السنة سوف تعيد هذا المصدر الهام للدخل للميزانية السعودية ويساعدها في ردم فجوة العجز الحاصل في الموازنة للعام 2022 والذي بلغ 13.
8 مليار دولار.
وستساهم عودة موسم الحج واستقبال حجاج الخارج، حسب العوبلي، في إعادة إنعاش عدة قطاعات في السعودية من ضمنها السياحة والنقل الجوي والبري والعقارات ويخلق فرص عمل واستثمارات جديدة في هذه المجالات.
ومن المتوقع أن يدر موسم الحج والعمرة، كما يوضح العوبلي، أكثر من 150 مليار دولار أمريكي من الدخل للسعودية على مدى السنوات الخمس المقبلة، ويخلق أكثر من مئة ألف وظيفة أخرى مرتبطة بالحج مباشرة.