لم تتخيل والدة الرضيع ريان أن يُصاب ابنها بمرض ضمور العضلات الشوكي قبل أن يتم عامه الأول، إلا أن ما لم تتخيله أبدًا ولا في أسعد أحلامها أن يحصل ابنها الرضيع بمعجزة نادرة الحدوث على العلاج الأغلى في العالم ليضع حدًا لمعاناة طفلها الذي يحتفل بعد يومين بعيد ميلاده الثاني.
القصة كما تكشفها الطبيبة المعالجة ناجية فهمي أستاذ أمراض المخ والأعصاب ومدير وحدة أمراض العضلات والأعصاب بطب عين شمس لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الطفل ريان أصيب بأخطر أنواع المرض خاصة وأنه جاء في السنة الأولى من عمره، وحينها تتحول كافة الأدوية إلى سبب للحياة وليس للعلاج.
الدواء الأكثر غلاء في العالم
حياة ريان، التي كانت على المحك خاصة مع النسب الكبيرة للوفاة نتيجة الإصابة بالمرض في هذه السن المبكرة، ما تحول معه دور الطبيبة المرموقة إلى أم أيضًا، حيث حاولت عن طريق معرفتها بأحد التقديمات الدولية للحصول على الدواء الأكثر غلاء في العالم والذي يساهم بشكل كبير في علاج المرض في حالة ريان، بأن يحصل عليه بشتى السبل، لتقدم للشركة الدولية بالفعل تفاصيل الحالة.
تشير ناجية إلى أن حالة ريان كانت دقيقة وحساسة، ودورها في التقديم على العلاج كانت تأمل من خلاله أن تتحقق نسبة شفاء ولو بسيطة للطفل الذي بالكاد لم يرى من الحياة شيئًا بعد، وبالفعل وقع اختيار اللوتري الدولي للشركة المتخصصة في تصنيع هذه النوعية من الدواء على حالة ريان، لكن المهمة لم تكن بهذه السهولة.
-80 درجة مئوية
تحتاج عملية نقل العلاج نفسه لدرجة حرارة تصل إلى (– 80 درجة مئوية)، إلى جانب إجراءات جمركية تقدر بـ 1.750 مليون جنيه، إلى جانب التدريب العملي لحقن المريض بالعلاج وهو أمر لم يكن يعتاد عليه الفريق الطبي الذي لم يجرب هذا الدواء من قبل، إلا أنه وبحسب رئيس الفريق الطبي تحملت جامعة عين شمس واتحاد المهن الطبية في مصر التكاليف.
المهمة كانت الأصعب في حياة الطبيبة المتمرسة في أمراض الأعصاب في مصر، حسبما تروي لموقع "سكاي نيوز عربية"، حيث سهلت الشركة المنتجة عن طريق فرعها في مصر عملية التدريب على استخدام الدواء للطفل الذي ربما لا يدرك ما حوله، أو كل هذا التكاتف الدولي الذي تم على أمل أن يتمكن من الحركة بدون كرسي متحرك مرة آخرى.
تشير الطبيبة ناجية إلى أن تكلفة العلاج تصل إلى 34 مليون جنيه مصري، نحو مليوني دولار، ويعد من العلاجات الأغلى في العالم وهو عبارة عن حقنة واحدة، وحسب الأبحاث على نفس العلاج المعروف باسم "زولغينزما" فإنه من المتوقع أن يعود ريان إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي، وفق جدول زمني موضوع من الفريق الطبي.
"زولغينزما" هو دواء خاص يستخدم لعلاج مرض ضمور العضلات الشوكي، وتبلغ قيمته 2.125 مليون دولار تقريبًا، وتقدم الشركة المنتجة للدواء 100 فرصة للحصول على الدواء مجاناً في الدول التي لم يتم تسجيل الدواء بها، وفقًا لشروط اختيار معينة تضعها اللجنة العلمية يتم حسمها بناء على حالة الطفل.
وحسب الطبيبة ناجية فهمي فإن من بين الشروط ألا يزيد عمر الطفل عن عامين وأن تكون الطفرة في الجين الأول، وعليه تقدمت وحدة أمراض العضلات والأعصاب بطب عين شمس بـ 8 حالات من الأطفال المصابين، قامت الشركة باختيار حالة الطفل "ريان" من محافظة الإسكندرية والذي يتم عامه الثاني بعد أيام.
هل تنتهي المعاناة سريعًا؟
حصل ريان بالفعل على الدواء عن طريق الحقن الوريدي، بإشراف ناجية فهمي، ونخبة من أطباء مصر المتخصصين الذين وصل عددهم إلى ثمانية، آملين أن تنتهي معاناة الطفل سريعًا، وأن يتمكن من لعب كرة القدم كما يتمنى ذووه أن يروه أمام أعينهم في القريب العاجل، وتم وضع برنامج تأهيلي واسع لمدة 3 أشهر.
يعمل الدواء بحسب رئيس الفريق الطبي على علاج وظائف التنفس والضعف الحركي في الجسم، خاصة مع حالة ضعف العصب الشوكي المصاب بها الأطفال، حيث يساهم ذلك في وضع الطفل في مسار النمو الطبيعي، على مراحل تدريجية يصبح فيها العلاج الطبيعي العامل الرئيس مع العلاج التأهيلي الرئوي.