آخر الأخبار
  البدور يقوم بزيارة ليلية مفاجئة لطوارئ مستشفى السلط   إحالة 16 شخصا أثاروا النعرات الدينية والطائفية لمحافظ العاصمة   القوات المسلحة تُحّيد عدد من تجار الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للمملكة   الملك : كل عام وأنتم بألف خير وأردن الوئام ومهد السلام   وزير الصحة : 40 مليون دينار لسداد مديونية مستشفى الملك المؤسس خلال 6 أشهر   لا تسعيرة بعد .. وزير المياه يحسم الجدل حول سعر مياه الناقل الوطني   المصري مستغربًا: لماذا يتبع ديوان المحاسبة إلى الحكومة؟   الهميسات للنواب: مناقشة تقرير ديوان المحاسبة لا تسمن ولا تغني من جوع   النعيمات: كيف لرئيس ديوان المحاسبة مراقبة رئيس وزراء عينه دون مقابلة؟   المعايطة: انضمام المملكة في برنامج الدخول العالمي للولايات المتحدة سيكون له أبعاد سياحية إيجابية كبيرة للأردن   إيعاز صادر عن "رئيس الوزراء" .. وضريبة الدخل ستبدأ التنفيذ إعتباراً من صباح الاحد   بدء صرف 25 مليون دينار رديات ضريبية عن عام 2024 الأحد   بعد اتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن .. الخارجية الاردنية تصدر بياناً   مساعدات اوروبية جديدة للأردن بقيمة 500 مليون يورو   بلدية الزرقاء تتحرك قانونياً ضد المتورطين بسرقة المناهل   وزير المياه: الموسم المطري أفضل من العام السابق   تخريج دفعة جديدة من كتائب الشرطة المستجدين   "ديوان المحاسبة" 2024: 609 ملايين دينار كلفة الإعفاءات الجمركية   التربية: تدفئة 1249 قاعة امتحانية استعدادا للتوجيهي في الأجواء الباردة   مذكرة نيابية تطالب بدعم "النشامى" من مخصصات الترويج السياحي

السبتاتنك العراقي!

{clean_title}
جراءة نيوز - رجا طلب 

أعلم أن العنوان قد يكون غير مفهوم حتى للعراقي نفسه وهو المقصود بهذا المقال بشكل أساسي، فمصطلح "سبتاتنك" مشتق من أصله باللغة الانجليزية وهو Septic tank ومعناه "خزان المجاري" ، لكن هذا المصطلح بات يعرف في التداول في الثلاثينات من القرن الماضي داخل العراق بمعنى آخر ولكنه قريب من المعنى الأصلي، ألا وهو "غطاء خزان المجاري"، وما دفعني لكتابة هذا المقال وهو بكل الأحوال مناسب تماماً لوضع العراق الراهن، رسالة على الواتساب جاءتني من صديق لي، أرسلها للإضاءة أكثر على ما جاء في مقال لي نشرته في جريدة "الرأي الأردنية" عنوانه "الباشا نوري السعيد".

ما وصلني من صديقي شاكر الشاوي كان رواية تروى في الزمن البغدادي الجميل، وكنت شخصياً قد سمعتها مرات عديدة خلال دراستي في بغداد وبعدها عند عملي صحافياً، من قبل شخصيات عراقية وعربية كانت تعلق على أحوال العراق وما آل إليه الوضع فيه.

رواية صديقي شاكر الشاوي وهي الأقرب للرواية التاريخية تقول: "... إن الباشا نوري السعيد الذي كان رئيساً للوزراء قذف هذه المقولة في وجه المرحوم محمد رضا الشبيبي عندما (تلاسن) الاثنان داخل مجلس الأمة".

فقد نقل عن الشيخ الشبيبـي أنه وفي أحد الأيام "صرخ بوجه نوري السعيد في المجلس وقال له أنت ديكتاتور".

فرد عليه الباشا نوري السعيد: "إذا أنا ذهبت وجاءت من بعدي حكومة أخرى، ستعرف من هو الديكتاتور".

وتقول الرواية إن الباشا نوري السعيد قال محذراً الشبيبي:
-اسمع يا شيخنا "حچايتي هذي"، أي اسمع ما سأقوله لك.

"أني يا شيخ ما كاعد على كرسي رئاسة مجلس الوزراء.. أنا كاعد على "سبتتنك"، (أي "أنا قاعد على غطاء بالوعة كبيرة"). وإن ذهبت وجاء من هو بعدي ستعرف من أنا"!!

رحم الله الباشا نوري السعيد الذي كان رجل دولة بامتياز وعمل بإخلاص للحفاظ على العراق كما حافظ على حبه وتقديره للهاشميين كقادة للأمة العربية منذ الثورة العربية الكبرى عام 1916 حتى اللحظة التي قتل فيها في مؤامرة ما سمي بثورة تموز(يوليو) 1958. لقد قتل الرجل من قبل "جراثيم ومخرجات وصراصير البالوعة" ، التي تحدث عنها الباشا أبو صباح للشيخ الشبيبي.

ومن حسن حظ الباشا نوري السعيد أن مجريات التاريخ لم تخذله ولم تكذبه، بل أكدت رؤيته ودوره العظيم في الجلوس وباقتدار ووعي وعنفوان على غطاء البالوعة، التي بدأت بإخراج "قاذوراتها" منذ انقلاب 14 تموز (تموز) عام 1958 ، وتبعتها مجموعة انقلابات حركتها أجهزة مخابرات غربية وشرقية انتهت عملياً عام 1979، بتولي صدام حسين "رعاية وحراسة البالوعة"، حيث كان مبدعاً في إعادة إنتاج أنواع جديدة من مخلوقات وكائنات "السبتاتنك".

اعتقد المؤرخون والراصدون لتاريخ العراق الحديث أن عهد صدام حسين الديكتاتوري هو نهاية المطاف، لكن الواقع أثبت سوء وعقم هذه النظرية، حيث كشف عهد ما بعد صدام حسين حجم ونوعية الصراع المجتمعي الطاحن بكل أبعاده الطائفية والطبقية والثقافية والحضارية المسكوت عنه وغير المرئي، ويمكن القول إن غطاء البالوعة التي كان يجلس عليها نوري السعيد كحارس أمين لحماية الدولة والمجتمع العراقيين، فتحه نوري المالكي متعمداً ودون وخزة من ضمير من أجل أن يهلك العراق ويغرقه بالقاذورات، فالمالكي القادم من المجهول والذي تسيد المشهد السياسي العراقي قرابة عقد من الزمن بفعل قوة إيران ونفوذها هو حالة نقيضة تماماً لوطنية ووعي نوري السعيد. فالمالكي نفسه هو احد أخطر مخرجات "السبتاتنك".

لو كان العلامة علي الوردي على قيد الحياة لكان قد أضاء وبإبداعه المعروف على ظاهرة "مجتمع السبتاتنك" وتحديداً السياسيين منهم.