اختتمت منافسات دور الثمانية من نهائيات كأس العالم 2018، المقامة حالياً على الأراضي الروسية، بتأهل إنجلترا للدور قبل النهائي بعد غياب طويل، وذلك بفوزها على السويد بهدفين دون رد، وخروج البلد المنظم أمام كرواتيا بركلات الترجيح.
سنستعرض معكم فقرة خاصة لعشاق التكتيك، بإلقاء الضوء عن أبرز الأفكار الفنية التي طبقها المدربون واللاعبون في هذا العرس العالمي، ونتوقف معكم اليوم عند المبارتين التي احتضنتهما الملاعب الروسية، مساء أمس السبت.
إنجلترا والسويد .. حل الكرات الثابتة وسلبية ثلاثي الوسط:
دخل المنتخب الإنجليزي هذه المباراة بنفس الأفكار التي ناقش بها المباريات السابقة: الاعتماد على الأطراف من أجل تذويب الكتل الدفاعية للمنتخب السويدي مع الاستحواذ على الكرة وتنويع البناء الهجومي بين التمريرات البينية والكرات العرضية، ناهيك عن استغلال تحركات هاري كين خارج منطقة الجزاء من أجل منح المساحة الكافية للسريع سترلينج من أجل التوغل نحو العمق.. لكن هذه الأمور كلها لم تساعد الأسود الثلاثة على الوصول إلى الشباك ليأتي الحل عبر الكرات الثابتة والرأسية والتي منحت رجال ساوثجيت تأشيرة العبور للمربع الذهبي.
أحد أبرز الشوائب التكتيكية التي ظهرت في إنجلترا، كانت عدم وجود أي لاعب في خط الوسط يجيد التمريرات للأمام والتي بإمكانها خلخلة تنظيم المنتخب السويدي.. جيسي لينجارد، جوردان هندرسون وديلي آلي، كلهم لاعبين حيويين بدون كرة، لكنهم يفتقدون للنظرة المميزة داخل الملعب حين تكون الكرة بحوزتهم.. تقريباً طيلة الـ90 دقيقة لم نكد نعاين سوى تلك التمريرة الجميلة من متوسط ميدان ليفربول إلى رحيم سترلينج، والتي وضعت الأخير في انفراد تام مع حارس المنتخب السويدي.
روسيا وكرواتيا .. السبب وراء اختفاء جولوفين هجومياً:
دخل ستانيسلاف تشيرتشيسوف هذه المباراة بخطة 1/5/4 بدلاً من 1/4/5، الأمر الذي جعل ألكسندر جولوفين مُطالباً بعمل دفاعي كبير من خلال الضغط على إيفان راكيتيتش ولوكا مودريتش أثناء عملية تحضير الهجمة وذلك من أجل منعهم من البناء السلس من الخلف والتدرج بالكرة إلى الأمام بسهولة.. هذا الأسلوب قوض كثيراً من القدرات الهجومية للنجم الشاب، لكنه خلق كثافة عددية في وسط الملعب ومكنه من تقليل المساحات بين الخطوط وغلق زوايا التمرير على مفاتيح لعب المنتخب الكرواتي.
المنتخب الروسي الذي يُدافع بطريقة "البلوك ديفانس” أي ككتلة دفاعية تتحرك في اتجاه تواجد الكرة، استفاد كثيراً من بطء المنتخب الكرواتي في التحضير في وسط الملعب، بسبب التمركز المنخفض للثنائي راكيتيتش ومودريتش.. هذا الأمر جعل داليتش يمنح أظهرته حرية التقدم للأمام من أجل فتح الملعب عرضياً وانتظار ظهور المساحات بين الخطوط، لكن القوة البدنية للروس مكنتهم من التحرك ككتلة واحدة طيلة المباراة وبتركيز عالٍ.
تغييرات داليتش كان معقولة وموفقة من وجهة نظري، فالمدرب الكرواتي تفاعل مع أحداث المباراة بشكل سريع بدخول بروزوفيتش كمحور ذو نزعة دفاعية بهدف منح حرية أكبر لمودريتش من أجل التقدم للأمام ومحاولة استغلال قدرته على التسديد في الثلث الأخير، إضافة إلى تحرير راكيتيتش من الضغط الروسي والذي جعله يفقد كرات عديدة في الشوط الثاني .. صحيح أن الفاعلية والتأثير كانا محدودين، لكن هذا القرار يستحق الإشادة في رأيي.