آخر الأخبار
  البدور يقوم بزيارة ليلية مفاجئة لطوارئ مستشفى السلط   إحالة 16 شخصا أثاروا النعرات الدينية والطائفية لمحافظ العاصمة   القوات المسلحة تُحّيد عدد من تجار الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للمملكة   الملك : كل عام وأنتم بألف خير وأردن الوئام ومهد السلام   وزير الصحة : 40 مليون دينار لسداد مديونية مستشفى الملك المؤسس خلال 6 أشهر   لا تسعيرة بعد .. وزير المياه يحسم الجدل حول سعر مياه الناقل الوطني   المصري مستغربًا: لماذا يتبع ديوان المحاسبة إلى الحكومة؟   الهميسات للنواب: مناقشة تقرير ديوان المحاسبة لا تسمن ولا تغني من جوع   النعيمات: كيف لرئيس ديوان المحاسبة مراقبة رئيس وزراء عينه دون مقابلة؟   المعايطة: انضمام المملكة في برنامج الدخول العالمي للولايات المتحدة سيكون له أبعاد سياحية إيجابية كبيرة للأردن   إيعاز صادر عن "رئيس الوزراء" .. وضريبة الدخل ستبدأ التنفيذ إعتباراً من صباح الاحد   بدء صرف 25 مليون دينار رديات ضريبية عن عام 2024 الأحد   بعد اتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن .. الخارجية الاردنية تصدر بياناً   مساعدات اوروبية جديدة للأردن بقيمة 500 مليون يورو   بلدية الزرقاء تتحرك قانونياً ضد المتورطين بسرقة المناهل   وزير المياه: الموسم المطري أفضل من العام السابق   تخريج دفعة جديدة من كتائب الشرطة المستجدين   "ديوان المحاسبة" 2024: 609 ملايين دينار كلفة الإعفاءات الجمركية   التربية: تدفئة 1249 قاعة امتحانية استعدادا للتوجيهي في الأجواء الباردة   مذكرة نيابية تطالب بدعم "النشامى" من مخصصات الترويج السياحي

الصحف العربية و الدولية منبهرة من احتجاجات الأردنيين ووصفتها ب"الراقية" و تشيد بالأمن و الدرك

{clean_title}
قدّمت الاحتجاجات الأردنية الأخيرة تغييراً فريداً في أسلوب تعامل السلطات العربية مع حركات الاحتجاج لم يسبقها إليه أحد.
مهم هنا تذكّر حوادث أيار/مايو 2017 في تونس التي تقودها حكومة منتخبة نشأت بعد ثورة شعبية، والتي حاولت لمدة شهر وقف احتجاجات عمال مناطق إنتاج الغاز والفوسفات والنفط في تطاوين بطرق التفاوض السلميّة، ولم تنته بالاعتقالات والبطش بالمحتجين، كما أن الجيش، الذي طالبه الرئيس الباجي قائد السبسي، بالتدخّل، لم يستغل الطلب للقيام بمجزرة كبيرة، كما فعل الجيش والقوات الأمنية المصرية في ميداني رابعة والنهضة.
لا يجب التقليل، بداية، من السلطة الكبيرة للأجهزة الأمنية في الأردن، وهي سلطة ليست خفيّة تماماً (كما تفترض وظيفتها)، وتلعب دوراً في التحكم في (وبالتالي إضعاف) السلطات الأخرى، والمقصود طبعاً سلطات الحكومة ووزاراتها، وكذلك سلطات الأجهزة التشريعية والقضائية، بل إنها تتجرّأ أحيانا على عرقلة قرارات الملك وتوجيهاته، وهذا، من دون شك، جزء من الإشكالية الكبرى ليس للأردن فحسب، بل لكلّ الأنظمة العربية، وهو أيضاً جزء من الاختلال البنيوي الكبير في وظائف السياسة، باعتبارها حقلاً لإدارة العلاقات بين السلطات والشعوب، بما فيها العلاقة بين أجهزة الأمن والمؤسسات الأخرى.
طالب مسؤولون أردنيون كثيرون المحتجين بالاعتبار من أحوال سوريا واليمن وليبيا، وهي البلدان التي قامت فيها ثورات شعبية. المطالبة عقيمة تماما لأن الاحتجاجات الكبرى لا تحصل إلا عندما لا يعود أمام الشعوب خيار آخر سوى النزول إلى الشوارع.
ولعلّ أحوال تلك البلدان المنكوبة كانت أيضاً في أذهان المسؤولين الأردنيين (كما هي في أذهان المحتجين) أولئك، وكذلك الأشخاص الممسكين بالقرار في الأردن، فدروس الثورات تقرأ باتجاهين: حين يتّجه الحاكم إلى القمع المعمّم، فإنه عمليّا يفتح الباب لتفكّك بلاده، وتحوّله إلى طاغية وحشي قد ينتهي قتيلاً (كما حصل مع معمر القذافي وعلي صالح) أو طريداً (كما حصل مع زين العابدين بن علي) أو سجيناً ومعزولا (كما حصل مع حسني مبارك)، أو إلى بيدق فاقد للسيادة في لعبة عالمية وإقليمية وبلاده مجتاحة ومدمّرة وشعبه مهجر (كما هو حال بشار الأسد).
في مواجهة الظروف الإقليمية الخطيرة التي تحيط بالأردن من سوريا والعراق وفلسطين، والضغوط الهائلة التي يتعرّض لها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وحجب المعونات والمساعدات الاقتصادية من السعودية والإمارات، لم يكن أمام «المؤسسة الأردنية»، والتي يمثّل الملك عبد الله الثاني رأسها، وتضمّ الديوان الملكي والأجهزة الأمنية، والحكومة والبرلمان والمؤسسات المدنية أضلاعاً كبرى فيها، سوى أن تجيب بالطريقة التي أجابت فيها، وهو ما يمكن أن نسمّيه الإجابة الصحيحة على السؤال الأردني (العربيّ)، والذي تؤدي الإجابة الخاطئة عليه إلى الجحيم الذي تعيشه البلدان العربية، دفعة واحدة، كما هو حال سوريا واليمن وليبيا، أو بالتقسيط كما هو حال بلدان عربية تغلي فيها النار تحت الرماد.
غير أن الإجابة الصحيحة هذه، والتي تتمثّل، بداية، بالاستجابة لصيحات الجماهير المحتجّة، لا يمكن أن تكتمل من دون أن تتصحح اختلالات العلاقة بين المؤسسات الحاكمة في الأردن، ومن دون إعطاء الحكومة، المدعومة من الجمهور، فرصتها للعمل، من دون وضع «الدولة العميقة» للعراقيل في طريقها، والالتفاف على قراراتها، وإلا فإننا سنعود لتكرار أغنية الشيطان العربية نفسها، والتي كانت وراء أسباب هزائمنا ونكباتنا وخيباتنا.