جمعية البنوك: مشروع الدخل يهدد النمو الاقتصادي
قدمت جمعية البنوك في الأردن مجموعة مقترحات لزيادة حصيلة ضريبة الدخل دون الحاجة لزيادة النسب الضريبية على القطاعات والشرائح والمقترحة في القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل رقم (34) لسنة 2014، كون التعديلات المقترحة لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد الوطني.
وأكدت نتائج الدراسة التي أجرتها الجمعية على القانون المعدل، أن للتعديل تأثيرات سلبية على الاقتصاد الوطني وخصوصا البنوك والسوق المالية (بورصة عمان) وكذلك على الاستثمار المحلي والاجنبي، ما يهدد النمو الاقتصادي، الذي يعاني اصلا من التباطؤ، ويزيد من معدلات البطالة المرتفعة، ويكرس حالة عدم العدالة بين مختلف القطاعات الاقتصادية.
وقالت الدراسة انه لزيادة حصيلة ضريبة الدخل دون الحاجة إلى التعديل يجب بذل جهد إضافي من قبل دائرة ضريبة الدخل والمبيعات لزيادة حصيلة الضريبة عن طريق الزامية إصدار فواتير من مختلف القطاعات، وتحفيز المستفيدين من الخدمة أو مستهلكي السلع على الحصول على فواتير وتقديمها كمدعمات لوجود إيرادات حقيقية ولاحتساب الدخول الحقيقية لتلك القطاعات.
ودعت إلى تشجيع الاستثمارات المحلية وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية عن طريق تحسين بيئة الاستثمار لرفع عدد الشركات العاملة في السوق، وذلك عن طريق ثبات التشريعات وخاصة الضريبية.
وأوصت الدراسة بمحاربة التهرب الضريبي، وتسريع البت في النزاعات الضريبية بزيادة عدد اللجان لإنهاء أكبر قدر من الملفات المتنازعة، وتحفيز النمو الاقتصادي باعتباره الأساس لتحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإيرادات الضريبية، والعمل على تخفيض الهدر في الإنفاق الحكومي.
ودعت دراسة جمعية البنوك إلى الاعتماد بدرجة أكبر على الشراكة مع القطاع الخاص في المشاريع التنموية، كونها تزيد من الانفاق الرأسمالي وتخفض العبء على الحكومة وتقلل بالتالي الإنفاق الحكومي.
وبينت الدراسة التي قامت بها جمعية البنوك أن مشروع القانون الجديد تضمن تخفيض الاعفاءات الضريبية للأفراد، وزيادة عدد الشرائح الضريبية للأفراد ورفع نسب الضريبة المفروضة عليهم، ورفع نسب الضريبة على العديد من القطاعات الاقتصادية منها نسبة الضريبة على البنوك إلى 40 % من 35، ورفع نسبة الضريبة على قطاعات التأجير التمويلي والتأمين والتمويل الاصغر إلى 40 % من 24.
وبحسب الدراسة، فقد تم فرض ضريبة بنسبة 1 % على صافي ارباح الشركات المساهمة لغايات البحث العلمي، و10 % على الأرباح الموزعة من قبل الشركات المساهمة العامة على الأشخاص الطبيعيين، فيما رفع مشروع القانون المقترح نسبة ضريبة الدخل المفروضة على فروع البنوك الأردنية العاملة في الخارج بحيث يصبح 30 % من صافي ربح الفروع الخارجية خاضعا لنسبة ضريبة دخل مقدارها 40 % بدلا من 10 % نسبة ثابتة حسب القانون المعمول به حاليا.
ووجدت دراسة الجمعية أن رفع النسبة على البنوك حسب المشروع يشكل عبئا ضريبيا، سيؤثر سلبا وبصورة جوهرية، على أنشطة البنوك وقدرتها على الاقراض وعلى نواح أساسية أخرى ذات علاقة مباشرة بالاقتصاد الوطني.
وقالت الدراسة إن النسب الضريبية على البنوك أعلى من النسب المفروضة على القطاعات الأخرى كقطاع الاتصالات 24 %، والشركات الأخرى 20 % "وهي لا تحقق العدالة ولا تنصف البنوك"، لاسيما وان مشروع القانون سيجعل من النسبة الضريبية المفروضة على البنوك 40 %، وهي النسبة الأعلى في جميع الدول العربية على الإطلاق وأعلى مما هو معمول به في دول العالم كافة الأمر الذي سينفر الاستثمار وخاصة الأجنبي منه.
كما أنها تحد من مقدرة البنوك على استقطاب المدخرات والودائع المحلية والخارجية في ظل وجود منافسة من بنوك إقليمية وعالمية، وهذا من شأنه أن يؤثر على سيولة القطاع المصرفي ومقدرته على تمويل القطاعين العام والخاص في المملكة، علما بأن البنوك حالياً تدفع 72 % من إجمالي الضرائب المدفوعة من جميع الشركات الأردنية المساهمة العامة.
وأكدت الدراسة أن زيادة نسبة الضريبة المفروضة على البنوك والأفراد سيكون لها عدة آثار وتبعات مباشرة على البنوك وبالتالي على الاقتصاد الوطني؛ حيث أن رفع نسب الضريبة سيؤدي لعواقب وخيمة على الاقتصاد الوطني، أبرزها انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، بسبب السياسة المالية الانكماشية الظاهرة في مشروع القانون، ومعاناة الشركات من تراجع النشاط الاقتصادي بشكل عام وانخفاض الطلب الكلي نظرا لانخفاض الدخل المتاح للأفراد، وانخفاض أرباح الشركات.
كما سيؤدي تراجع الطلب الكلي المحلي وإغلاق الأسواق الخارجية المحيطة، وارتفاع الفائدة على الشركات، إلى تراجع الاقتراض من البنوك نظرا لارتفاع تكاليف التمويل، وكذلك مخاطر التشغيل والمخاطر الجيوسياسية، ما سيؤدي لتراجع الاقتراض والإنتاج والاستثمار، وبالتالي تراجع الإيرادات سواء للبنوك أو الشركات.
ومن المخاطر الاقتصادية الأخرى، حسب الدراسة، خسارة الكفاءات وهجرتها نتيجة ارتفاع الاعباء الضريبية، وتراجع القدرة على خلق الوظائف، وارتفاع معدل البطالة بشكل واضح في ظل تراجع حركة الأسواق نتيجة الضرائب المفروضة على الأفراد.
وقالت الدراسة إنه، وفي النتيجة النهائية، وفي ظل انخفاض أرباح الشركات، وانخفاض الطلب الكلي والاستهلاك، وتراجع النمو الاقتصادي، فإن الحصيلة الضريبية الكلية سوف تتراجع بما في ذلك حصيلة ضرائب الدخل، أو ضرائب المبيعات، أو الجمارك ومختلف الرسوم.
اما تأثير رفع نسبة الضريبة على البنوك، فحسب نسب كفاية رأس المال المقررة بموجب تعليمات البنك المركزي الأردني الصادرة وفق أحكام قانون البنوك النافذ، فإن سحب مليون دينار من رأس المال التنظيمي لأي بنك نتيجة رفع نسبة الضريبة واقتطاعها مباشرة من الأرباح سيؤدي إلى تخفيض قدرة ذلك البنك على الاقراض بمبلغ 7 ملايين دينار تقريبا، ما يعني أن سحب ضرائب إضافية من البنوك بحوالي 50 مليون دينار سوف تؤدي لانخفاض التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك بمبلغ 350 مليون دينار سنويا، وهذا كان من شأنه أن يشكل نمواً في الاقتصاد يصل إلى أكثر من 1% سنوياً والذي يحقق عوائد ضريبية بالقدر الذي تحتاجه الخزينة من رفع الضريبة على البنوك.
ونوهت الدراسة في هذا الصدد، إلى أن البنوك الأردنية وصلت إلى الحد الأقصى من الإقراض في ضوء المستويات الحالية لرأس المال، مرجحة أن تعمل البنوك للمحافظة على هامش سعر الفائدة والمقدر بحوالي 2ر3 %، وهو هامش متواضع مقارنة مع الهامش في دول المنطقة.
وقالت إن هذا يعني أن ارتفاع التكاليف على البنوك سيؤدي إلى رفع أسعار الفائدة في السوق؛ ونظرا لكون الحكومة هي المقترض الأكبر من البنوك حاليا، فإن ارتفاع أسعار الفائدة على التسهيلات الائتمانية سيشمل سندات وأذونات الخزينة وبما سيفاقم من عبء خدمة الدين العام على الموازنة.
كما ستعمل على زيادة العبء على الأفراد، حيث ستزيد الضريبة المفروضة عليهم وستزيد كذلك أسعار الفائدة على المقترضين منهم، حيث أن ارتفاع أسعار الفائدة سيؤثر على جميع الأفراد المقترضين من البنوك، وحتى محدودي الدخل (أو من يقل دخلهم الشهري عن 666 دينار) من خلال زيادة الأقساط الشهرية على قروضهم وهو ما سيفاقم من التراجع في قدرتهم الشرائية، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى تعثر الأفراد وإضعاف قدرتهم على السداد، وهذا بالنهاية سيؤثر على البنوك وعلى جودة محفظة القروض، خاصة بالنسبة للقروض القائمة والتي ستستمر بعد نفاذ مشروع القانون مثل القروض السكنية وقروض السيارات والقروض الشخصية لمدة 8 سنوات.