آخر الأخبار
  العدل: تنفيذ 2143 عقوبة بديلة عن الحبس منذ بداية العام الحالي   تعرف على تطورات المنخفض الجوي القادم إلى المملكة   البدور يقوم بزيارة ليلية مفاجئة لطوارئ مستشفى السلط   إحالة 16 شخصا أثاروا النعرات الدينية والطائفية لمحافظ العاصمة   القوات المسلحة تُحّيد عدد من تجار الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للمملكة   الملك : كل عام وأنتم بألف خير وأردن الوئام ومهد السلام   وزير الصحة : 40 مليون دينار لسداد مديونية مستشفى الملك المؤسس خلال 6 أشهر   لا تسعيرة بعد .. وزير المياه يحسم الجدل حول سعر مياه الناقل الوطني   المصري مستغربًا: لماذا يتبع ديوان المحاسبة إلى الحكومة؟   الهميسات للنواب: مناقشة تقرير ديوان المحاسبة لا تسمن ولا تغني من جوع   النعيمات: كيف لرئيس ديوان المحاسبة مراقبة رئيس وزراء عينه دون مقابلة؟   المعايطة: انضمام المملكة في برنامج الدخول العالمي للولايات المتحدة سيكون له أبعاد سياحية إيجابية كبيرة للأردن   إيعاز صادر عن "رئيس الوزراء" .. وضريبة الدخل ستبدأ التنفيذ إعتباراً من صباح الاحد   بدء صرف 25 مليون دينار رديات ضريبية عن عام 2024 الأحد   بعد اتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن .. الخارجية الاردنية تصدر بياناً   مساعدات اوروبية جديدة للأردن بقيمة 500 مليون يورو   بلدية الزرقاء تتحرك قانونياً ضد المتورطين بسرقة المناهل   وزير المياه: الموسم المطري أفضل من العام السابق   تخريج دفعة جديدة من كتائب الشرطة المستجدين   "ديوان المحاسبة" 2024: 609 ملايين دينار كلفة الإعفاءات الجمركية

تغيَّرت وفق المزاج .. العباءة السعودية أيضاً على موعد مع التغيير

{clean_title}
لم تعد العباءة السعودية كما كانت منذ عقود، وشاحاً أسود يوضع على الرأس، وقماشاً يغطي تفاصيل الجسد ليصل إلى الأرض، ويجر خلفه أتربه الطرقات، بل تحوَّلت إلى لباسٍ ذي تفاصيل وهوية تبحث عن منفذ ووسيلة تعبير، ولو بخيط فضي من الحرير.

وبعد عقود من اعتمادها زياً وحيداً للمرأة السعودية، أصبح المجتمع أكثر انفتاحاً عليها، وأكثر ليونة في تطويعها لخدمة أهواء صاحبتها. وبعدما كان السواد اللون الأحادي الطاغي، شقت العباءة الملونة طريقها إلى واجهات المحلات، وظهرت التطريزات والنقوش، حتى الأكمام خضعت لتدخل مقص المصممين.

منار الراوي أول مصممة سعودية تحصل على علامة تجارية لتصميم العباءات، قالت في تصريحات لـ"عربي بوست": "إن العباءة السعودية تطورت كثيراً ومرَّت بمراحل عديدة. فقديماً، كانت العباءة مجرد قطعة قماش سوداء اللون لا ملامح لها، تعبر عن ثقافة مجتمع وتلبِّي حاجته فقط بالستر. ومع تطور المجتمع والمرحلة الزمنية التي مرَّت بها المملكة تطوَّرت العباءة تبعاً لحاجة المرأة لها".

وتربط الراوي ملامح العباءة قديماً بشخصية المرأة السعودية، "فلو نظرنا إلى المرأة قديماً نجدها إنسانة بسيطة قليلة الخروج، ومحدودة الاحتكاك بالمجتمع، تقضي حاجتها فقط وتعود للمنزل، ولا تحتاج إلى العباءة التي تعبِّر عن شخصيتها، فكانت العباءة مجرد وشاح أسود ساتر فقط".

أما اليوم فاختلف الوضع، وأوضحت الراوي أن "المرأة أصبحت تخرج للعمل، وبالتالي تغيَّر مفهوم العباءة لديها وصارت تختار ما يلائمها ويلائم المناسبة التي تذهب إليها وطبيعة عملها. هذه الأمور جميعاً كانت سبباً لتغيّر وتطوير العباءة. وأصبحت المرأة تبحث عمَّا يشبه شخصيتها ويميِّزها من الزي الرسمي للنساء في المملكة".

وترى منار أن شكل العباءة لن يبقى كما هو، وسيتغير بالتأكيد، فالعباءة مرَّت بمراحل كثيرة منذ بداية ارتدائها، وستستمر بالتغير حسب حاجة المرأة وتطور المجتمع."ومن توقعاتي الشخصية ستصبح العباءة أكثر تنوعاً في التصميم، وذلك لإطلاع المرأة على خطوط الموضة. وستحاكي ملابس المحجبات أكثر منها من مظهر العباءة، فسوف نجد العباءات الملونة أكثر والمفتوحة والسبور والرياضية وعباءة العمل وما إلى ذلك".

توقعات منار لم تصبّ بعيداً عن التيار السياسي الجديد في المملكة، إذ قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مؤخراً في تصريحات إعلامية، إن النساء في المملكة لا يتعين عليهن ارتداء غطاء الرأس أو العباءة السوداء ما دامت ملابسهن محتشمة ومحترمة، وهو تحول جديد في السياسة، سينعكس بطبيعة الحال على سوق العباءة نفسها مستقبلاً.

وقبل تصريحات بن سلمان، كان الداعية السعودي البارز عبدالله المطلق، قال في شهر فبراير/شباط الماضي، إن المسلمات غير ملزمات بارتداء العباءة.

وأوضح المطلق، وهو عضو بهيئة كبار علماء المسلمين -أرفع هيئة دينية في المملكة- أن على النساء ارتداء ملابس محتشمة، دون أن يعني هذا بالضرورة العباءة أو اللون الأسود.
البدايات دائماً صعبة

لم يكن من السهل على منار أن تعمل مصممة للعباءات، إذ خرجت عن المألوف بمبادرتها وتصميماتها. حصلت على دعم من الغرفة الصناعية والتجارية قبل أن يلمع اسمها في عالم التصميم. وتمكنت من أن تثبت مكانها، وأن تصل تصاميمها إلى كبرى المتاجر مثل Saks Fifth Avenue و Harvey Nichols.

لعل التحدي الأكبر أمام منار كان البحث عن التميز عبر الرسوم والنقوش على قماش أسود، يلفت النظر ويحقق الهدف المرجو من العباءة في آنٍ معاً. تعرَّضت لهجوم وانتقادات، بدايةً ثم تجاوزت بسرعة تلك الحرب كما سمَّتها.

اكتسبت ثقة السعوديات وبدأ عملها يتسع، مؤكدةً: "أنا أؤمن أن المرأة المسلمة أنيقة ومرتبة وتتبع الموضة، بما يناسب دينها، فكيف لا تظهر بمظهر أنيق ومحتشم يناسب تطور الزمن والحياة، لذا قدمت منتجاً تكون المرأة فخورة به وسعيدة، ويحقق هدف الاحتشام". وهذا كان ملخصاً ومحور رسالتها وعملها طوال هذه السنين.

وعن نوعية العباءات التي تصممها، تقول "نلاحظ الإقبال الكبير على العباءات الملونة أكثر من السابق، وخاصة في المناطق الغربية للمملكة -منطقة جدة وضواحيها- وبالطبع لكل منطقة متطلباتها، وهذا ماعلينا وضعه بعين الاعتبار دائماً، أي فهم احتياجات كل منطقة وكل سيدة قبل بدء التصميم".

وأوضحت أن اختيار التصاميم حسب كل موسم يعتمد على عاملين أساسيين:

أولاً: أن تحاكي العباءة خطوط الموضة العالمية، فالمرأة اليوم أكثر ثقافة وتتبعاً الموضة.

ثانياً: أن تبتكر علامتها الخاصة تصاميم جديدة لتصبح هي موضة الموسم كعلامة رائدة.

وعن حجم المبيعات، تقول الراوي إنها تختلف حسب المنطقة والموسم، فيزداد الطلب عليها في المدن، نظراً لعمل المرأة وخروجها من المنزل وما إلى ذلك.
تاريخ ملون بألوان الحقبة السياسية

تماماً كتبدل الأزمان ورجالها، مرَّت العباءة السعودية بمراحل تاريخية متعددة، كانت تعكس في كل مرحلة منها المزاج السياسي والثقافي.

كما تغيرت المسميات والأشكال، وإن اجتمعت على الوظيفة بتغطية جسد المرأة كاملاً، ووجهها.

ولعل أكثر فترة مفصلية في تاريخ شكل العباءة السعودية كانت عهد الصحوة ما بعد منتصف ثمانينات القرن الماضي.

استبدل شكل العباءة عما كانت عليه في السبعينات، حين سادت موضة رفع العباءة إلى منتصف الجسد لتظهر من تحتها عباءة بلون آخر.

وبعد حرب الخليج الأولى وغزو الكويت، دخل مع الأسر الكويتية مفهوم النقاب.

ولكن قبل انتشار استخدام العباءة السوداء، كن يرتدين عباءات ملونة، ويغطين وجوههن مع كشف جزء نسبي، بما سمي البرقع. اختلف شكل البرقع بين السيدة المتزوجة وصغيرات السن، اللواتي كنَّ يرتدين "القحفية"، وهي ما تظهره صور قديمة تتلقفها المواقع السعودية والمنتديات.

ورغم التمسك لاحقاً بالعباءة السوداء، فإن ما اختلف هو نوع القماش، الذي تغيَّر من الصوف الخشن إلى الصوف الناعم، ثم الوبر، وأخيراً العباءات المنسوجة من الحرير، مع إضافة تطريزات هنا وهناك.

ومع تقدم الزمن وتحول الظروف، عاودت العباءة الملونة الظهور على استحياء، واختارتها سعوديات كلباس لهن عند السفر خارج المملكة تحديداً. كما انتشر مؤخراً دمج كبير بينها وبين القفطان المغربي.

ويبدو أن المرأة السعودية على موعد مع تغييرات جديدة في عباءتها وأزيائها. وبينما لا يعيره البعض أهمية، إلا أن المؤرخين وعلماء الاجتماع يجدون فيه جانباً من جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية التي تدور في فلك غير بعيد عن الحياة السياسية.