وقبل تصريحات بن سلمان، كان الداعية السعودي البارز عبدالله المطلق، قال في شهر فبراير/شباط الماضي، إن المسلمات غير ملزمات بارتداء العباءة.
وأوضح المطلق، وهو عضو بهيئة كبار علماء المسلمين -أرفع هيئة دينية في المملكة- أن على النساء ارتداء ملابس محتشمة، دون أن يعني هذا بالضرورة العباءة أو اللون الأسود.
البدايات دائماً صعبة
لم يكن من السهل على منار أن تعمل مصممة للعباءات، إذ خرجت عن المألوف بمبادرتها وتصميماتها. حصلت على دعم من الغرفة الصناعية والتجارية قبل أن يلمع اسمها في عالم التصميم. وتمكنت من أن تثبت مكانها، وأن تصل تصاميمها إلى كبرى المتاجر مثل Saks Fifth Avenue و Harvey Nichols.
لعل التحدي الأكبر أمام منار كان البحث عن التميز عبر الرسوم والنقوش على قماش أسود، يلفت النظر ويحقق الهدف المرجو من العباءة في آنٍ معاً. تعرَّضت لهجوم وانتقادات، بدايةً ثم تجاوزت بسرعة تلك الحرب كما سمَّتها.
اكتسبت ثقة السعوديات وبدأ عملها يتسع، مؤكدةً: "أنا أؤمن أن المرأة المسلمة أنيقة ومرتبة وتتبع الموضة، بما يناسب دينها، فكيف لا تظهر بمظهر أنيق ومحتشم يناسب تطور الزمن والحياة، لذا قدمت منتجاً تكون المرأة فخورة به وسعيدة، ويحقق هدف الاحتشام". وهذا كان ملخصاً ومحور رسالتها وعملها طوال هذه السنين.
وعن نوعية العباءات التي تصممها، تقول "نلاحظ الإقبال الكبير على العباءات الملونة أكثر من السابق، وخاصة في المناطق الغربية للمملكة -منطقة جدة وضواحيها- وبالطبع لكل منطقة متطلباتها، وهذا ماعلينا وضعه بعين الاعتبار دائماً، أي فهم احتياجات كل منطقة وكل سيدة قبل بدء التصميم".
وأوضحت أن اختيار التصاميم حسب كل موسم يعتمد على عاملين أساسيين:
أولاً: أن تحاكي العباءة خطوط الموضة العالمية، فالمرأة اليوم أكثر ثقافة وتتبعاً الموضة.
ثانياً: أن تبتكر علامتها الخاصة تصاميم جديدة لتصبح هي موضة الموسم كعلامة رائدة.
وعن حجم المبيعات، تقول الراوي إنها تختلف حسب المنطقة والموسم، فيزداد الطلب عليها في المدن، نظراً لعمل المرأة وخروجها من المنزل وما إلى ذلك.
تاريخ ملون بألوان الحقبة السياسية
تماماً كتبدل الأزمان ورجالها، مرَّت العباءة السعودية بمراحل تاريخية متعددة، كانت تعكس في كل مرحلة منها المزاج السياسي والثقافي.
كما تغيرت المسميات والأشكال، وإن اجتمعت على الوظيفة بتغطية جسد المرأة كاملاً، ووجهها.
ولعل أكثر فترة مفصلية في تاريخ شكل العباءة السعودية كانت عهد الصحوة ما بعد منتصف ثمانينات القرن الماضي.
استبدل شكل العباءة عما كانت عليه في السبعينات، حين سادت موضة رفع العباءة إلى منتصف الجسد لتظهر من تحتها عباءة بلون آخر.
وبعد حرب الخليج الأولى وغزو الكويت، دخل مع الأسر الكويتية مفهوم النقاب.
ولكن قبل انتشار استخدام العباءة السوداء، كن يرتدين عباءات ملونة، ويغطين وجوههن مع كشف جزء نسبي، بما سمي البرقع. اختلف شكل البرقع بين السيدة المتزوجة وصغيرات السن، اللواتي كنَّ يرتدين "القحفية"، وهي ما تظهره صور قديمة تتلقفها المواقع السعودية والمنتديات.
ورغم التمسك لاحقاً بالعباءة السوداء، فإن ما اختلف هو نوع القماش، الذي تغيَّر من الصوف الخشن إلى الصوف الناعم، ثم الوبر، وأخيراً العباءات المنسوجة من الحرير، مع إضافة تطريزات هنا وهناك.
ومع تقدم الزمن وتحول الظروف، عاودت العباءة الملونة الظهور على استحياء، واختارتها سعوديات كلباس لهن عند السفر خارج المملكة تحديداً. كما انتشر مؤخراً دمج كبير بينها وبين القفطان المغربي.
ويبدو أن المرأة السعودية على موعد مع تغييرات جديدة في عباءتها وأزيائها. وبينما لا يعيره البعض أهمية، إلا أن المؤرخين وعلماء الاجتماع يجدون فيه جانباً من جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية التي تدور في فلك غير بعيد عن الحياة السياسية.