ترجيح قرارات جديدة لزيادة أسعار الفائدة
تشير كافة المؤشرات إلى أن البنك المركزي الأردني سيتخذ خلال الفترة المقبلة مزيدا من القرارات، التي ستفضي لزيادة أسعار الفائدة، بما يتماشى مع التطورات الإقليمية والعالمية بهدف تعزيز جاذبية الدينار، إلى جانب المحافظة على أداء بعض القطاعات الاقتصادية باقراضها بأسعار فائدة منخفضة لأهميتها في التوظيف.
ويعتقد خبراء ماليون محليون يتابعون الشأن العالمي أن العام الحالي يحمل في طياته نحو 3 رفعات جديدة مقبلة لسعر الفائدة.
وعلى الرغم من تلك المعطيات فإن البنك المركزي الاردني فعّل، منذ العام 2012، العديد من المبادرات بهدف حفز النشاط الاقتصادي، كما فعّل العديد من الأدوات غير التقليدية لحفز بعض القطاعات الاقتصادية المهمة انطلاقا من التوجيهات الملكية السامية بضرورة إيلاء تعزيز النمو الاقتصادي في المملكة أهمية قصوى بما يسهم في رفع مستوى المعيشة وخلق فرص عمل جديدة.
وتنفيذا لتوصيات مجلس السياسات الاقتصادية الخاصة بتوفير تمويل بكلف مخفضة ولآجال تتناسب وعمل القطاعات الاقتصادية بما فيها المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يعزز من عملها في الاقتصاد الوطني، حرص البنك المركزي على الموازنة بين دوره كسلطة نقدية مسؤولة، بموجب قانون انشائه، عن تحقيق الاستقرار النقدي والمالي في المملكة ودوره كذلك في تشجيع النمو الاقتصادي المستدام، وبما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة.
ومن أبرز تلك المبادرات برنامج البنك المركزي لتمويل ودعم القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة العالية (قطاعات الصناعة، الطاقة المتجددة، السياحة، الزراعة، تكنولوجيا المعلومات، الاستشارات الهندسية).
ويعتبر التضخم أبزر التحديات التي تواجه السلطات النقدية في أغلب دول العالم، وخصوصا الولايات المتحدة، وحالة التعافي التي سجلها الاقتصاد الأميركي بعد ثماني سنوات من انتهاء شبح الركود، علما بأن البنوك المركزية تعتمد على سعر الفائدة كأداة فاعلة لكبح جماح التضخم من خلال لجنة السوق المفتوحة.
يأتي ذلك في ظل تحول عالمي من البنوك المركزية بالتوجه نحو الاستمرار في تنفيذ سياسات انكماشية بعد انتهاء عصر سياسات التيسير الكمي التي انتهجتها تلك البنوك في تنفيذها مع الأزمة المالية العالمية في 2008.
يشار إلى أن لجنة عمليات السوق المفتوحة قررت في 22 آذار (مارس)، في البنك المركزي رفع سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس على أدوات السياسة النقدية كافة، بينما قررت اللجنة الإبقاء على أسعار فائدة برنامج التمويل الميسر المقدم من البنك المركزي للقطاعات الاقتصادية دون تغيير عند 1.75 % للمشاريع داخل محافظة العاصمة، و1 % للمشاريع في باقي المحافظات.
ومن المعروف أن البنوك المركزية عندما تقيّم أثر القرارات لا تنظر فقط إلى المدى القصير، وبالتالي تعتمد في تنفيذها وآليات تفكيرها تكون منصبة على الاستقرار النقدي كمهمة رئيسية في المدى الطويل.
واعتمدت المملكة سياسة سعر الصرف الثابت مقابل الدولار منذ العام 1995، حيث أكد العديد من المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي نجاعة تلك السياسات المنتهجة من البنك المركزي واثارها الايجابية على الاقتصاد الوطني.
لذلك نجد أثناء فترات البرنامج الإصلاحي الذي نفذته الحكومة مع صندوق النقد الدولي (الاستعداد الائتماني)، شهدت حينها قيام البنك المركزي وعلى مدار الثلاث سنوات التي تمثل عمر البرنامج تحول منه – أي المركزي- باتباع سياسة انكماشية عبر رفعات متتالية بهدف تعزيز جاذبية الدينار وتحول بعدها لانتهاج سياسية توسعية عبر تخفيضات متتالية بما ينسجم مع الأوضاع التي كانت في تلك الفترة.
واليوم، نجد أن البنك المركزي ينتهج سياسات تعزيز جاذبية الدينار وبما ينسجم مع الظروف الإقليمية والعالمية، وبالتالي فواقع الحال وفقا للدورات الاقتصادية يشير إلى أن المستفيدين أكثر هم المودعون ويتحمل تبعات الظروف الجديدة المقترضون، كما هو الحال في كافة دول العالم.
بالمقابل، نجد حديث محافظ البنك المركزي، د.زياد فريز في مؤتمر اليورويوموني الذي عقد أخيرا يؤكد "أن البنك يسعى من خلال مهمته الرئيسية للمحافظة على استقرار القطاع المالي وسعر صرف الدينار الأردني".
وأضاف فريز "أن ربط الدينار بالدولار منذ العام 1995 وحتى الآن له فوائد عديدة ومهمة للاقتصاد منها الحفاظ على سعر صرف الدينار ونحن واجبنا الحفاظ على هذه الحالة".
واذا تم تتبع مسيرة الاقتصاد الوطني فإننا نخلص إلى أن مشاكل الاقتصاد الوطني في جوهرها مالية، فبعد أن خضع الأردن لعدة برامج إصلاحية مع صندوق النقد الدولي في الفترة (1989-2004)، عادت المملكة في 2012 جراء الانفلات المالي في عدد من السنوات المالية والانفاق خارج الموازنة وتعاظم العجز لمستويات قياسية فاقت 1.5 مليار دينار بعد المنح والمساعدات بالاضافة للصدمات الخارجية التي تلتها.
وعلى ضوء تلك المعطيات فإن البنوك المركزية يجب أن تبقى تتمتع بكافة الاستقلالية ودون أية ضغوطات وبالتالي حمايتها من الحكومات على الصعيد العالمي، كما هو الحال بالنسبة لمقتضى الدستور واستقلالية الفصل بين السلطات الثلاث.