حالة من الجدل، شهدتها الكويت، خلال اليومين الماضيين، إثر دعوات طالبت بتجنيد الفتيات في الجيش، في ظل تنامي المخاطر والتهديدات الأمنية.
الجدل انتقل من مجلس الأمة (البرلمان)، إلى مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تصدر فيها وسم بعنوان «تجنيد الفتيات بالكويت»، قائمة الوسوم الأعلى تداولا بالدولة الخليجية.
مراقبون قالوا إن قرار الكويت بتجنيد الشباب، ودعوات تجنيد الفتيات يأتي بعدما استشعرت مخاطر الإقليم المُشتعل، رغم حجمها الصغير، وسياساتها السلمية المُسالمة
وبدأت الكويت العمل جديّاً على تجنيد شبابها في مُعسكرات تحت إدارة وزارة الدفاع، خاصّة أن لها تجربة سابقة «فاشلة» في ذلك الشأن، حين دخلت قوّات الجيش العراقي بقيادة الرئيس الراحل «صدام حسين» أراضيها، واستطاع جيش العراق السيطرة على «الديرة» كاملة خلال يومين، واقتصرت دفاعات الجيش الكويتي يومها، على حركات مُقاومة تطوعيّة هنا، وهناك.
خلاف نيابي
ووسط هذه الأحداث، تصاعدت دعوات لتجنيد الفتيات الكويتيات، وإلزامهنّ بالخدمة العسكرية، حيث تعتزم النائبة «صفاء الهاشم»، تقديم اقتراح في موضوع تجنيد الفتيات، حتى تعود فكرة التجنيد الإلزامي لهن.
و«الهاشم» تعتبر نفسها من أشد المُؤيّدين للموضوع، وقالت إن «التجنيد يُشجّع على القوّة والثبات».
وذكرت النائبة الوحيدة في مجلس الأمة، أنها من جيل السبعينات الذي أخذ دورة التربية العسكرية للفتيات، وكانت جزءا من التجنيد الإلزامي الذي كان يعطى للشباب، و«كانت تجربة مثمرة، وأنا شخصياً خضت هذه التجربة على مدى السنتين الأخيرتين من الثانوية العامة، وكانت تؤخذ بعد ساعات عمل المدرسة».
ويوافقها في الرأي النائب «محمد الدلال»، الذي قال في تصريح لصحيفة «القبس»، إن «فكرة التجنيد أمر مستحق، والكويت يجب أن تكون مُهيّأة للتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية والخارجية».
وأضاف أن «لديهم تجربة سابقة في التجنيد الإلزامي، وهذا يجب ألا يتكرر»، مشيراً إلى تجربة «عراق صدام» وغزوه الذي وصفه بـ«الغاشم، وأن الشعب حينها وقف عاجزاً، لعدم إلمامه باستخدام السلاح».
وعن رأيه بتجنيد المرأة، أكّد «الدلال» أنه يُؤيّد مُشاركتها في حماية الوطن، حتى إذا تطلّب الأمر حملها السلاح.
من جانبه، عارض النائب «محمد هايف» تجنيد المرأة، وقال إن التجنيد اليوم واللبس العسكري لا يتناسب معها، «لما للمرأة من خُصوصية».
وأضاف: «كما أن إقحامها في السلك العسكري، لا يتناسب مع الشريعة الإسلامية، والعادات والتقاليد»، بحسب قوله.
وتابع: «يجب أن تتعلم الأمور الطبية النسائية أفضل لها».
بدوره، قال النائب «أحمد الفضل»: «أنا مع التجنيد الإلزامي، وأنا حرمت من التجنيد للأسف، وكثير من الناس حرموا، وصارت علاقاتهم محصورة بين مناطقهم ومدارسهم فقط، وهذا كان له تأثير سلبي في عدم زيادة دائرة التعارف بين الشباب الكويتي».
وأضاف: «ليس هناك أفضل لتعزيز الوحدة الوطنية من انخراط شباب الكويت في التجنيد الإلزامي».
وفيما يخص تجنيد الفتيات، علق «الفضل» بأنه «يجب أن تكون هناك قائمة محددة في إشراكهن وانخراطهن في التدريبات العسكرية، كما أنه ليس هناك مانع لفتح الباب للفتيات للتطوع على حمل السلاح، وفِي العمل الإداري والطبي».
وبين أن «للنساء دورا تاريخيا في الحروب من التاريخ الإسلامي وقبله، ولكن علينا مراعاة عادات البلد في هذا الموضوع».
سخرية إلكترونية
نشطاء موقع التدوينات القصيرة «تويتر» في الكويت، تجادلوا بدورهم حول إلزامية تجنيد الفتيات، وانقسموا بين مُؤيّدٍ، ومُعارض، وساخر حتى من الفكرة، لكنهم اتفقوا على وجوب التجنيد، حمايةً ودفاعاً للديرة والذود عنها.
ودشّن النشطاء وسما تحت عنوان «تجنيد البنات بالكويت»، ليتحوّل إلى أكثر الوسوم تفاعلاً، وتغريداً.
«كندرية» قالت إن «على الدولة الكويتية تجنيد الشباب فقط، أفضل من تواجدهم في المولات للميوعة» بحسب توصيفها.
أما «عزام» فأكّد أن «على المرأة الكويتية أن تعرف كيف تُعامل زوجها وهذا يكفي».
بينما سخر حساب «عز» من تجنيد الفتيات بالقول: «البنت ما تشيل السلاح مرّتين لأنه صديقاتها شاهدوها وهي تحمله نفسه الأسبوع الماضي».
وغرد «عزيز المطيري» بالقول: «تريدون مساواة.. هذه مُساواة، اذهبوا للجيش».
ونشر مغردون صورا وفيديوهات لمجندات في جيوش غربية، مطالبين أن يكن قدوة للفتيات في الكويت، فيما سخر آخرون بنشر صور لدبابات وأسلحة ملونة بألوان الروز والأحمر، قالوا إنها تناسب الفتيات.
التجنيد بالكويت
ومن المقرر أن يبدأ استدعاء الشباب الكويتي في شهر مايو/ أيار المقبل، على أن يتم إلحاق الدفعة الأولى بمراكز التدريب في شهر يوليو وبعد عيد الفطر المبارك مباشرة، وفقا لصحيفة «الرأي» الكويتية.
وتسعى مديرية الخدمة الوطنية في وزارة الدفاع الكويتي، إلى استكمال استعداداتها من خلال تجهيز ميادين التدريب والمدربين والمهاجع والإمداد والتموين ومراكز المحافظات، لبدء استقبال أول دفعة من الشباب الذين تنطبق عليهم شروط تأدية الخدمة الوطنية «التجنيد الإلزامي».
وفي 25 مارس/آذار 2015، وافق مجلس الأمة الكويتي على قانون «التجنيد الإلزامي»، وأحاله إلى لجنة شؤون الداخلية والدفاع في المجلس، لبحث تعديلاته قبل مداولته الثانية، التي أقرها البرلمان أيضا في أبريل/ نيسان من ذات العام.
وتعتبر الخدمة الوطنية العسكرية، وفق المادة الأولى من القانون، هي «الخدمة الواجبة على كل كويتي من الذكور أتم الـ18 من عمره عند العمل بهذا القانون، ويعفى من تجاوز هذا العمر من أدائها وهي خدمة عاملة وخدمة احتياطية.
ونص القانون على أن مدة الخدمة العاملة 12 شهرا تشمل فترة تدريب عسكري وفترة خدمة وفي حال عدم اجتياز فترة التدريب العسكري بنجاح تكون مدة الخدمة العاملة 15 شهرا على أن يوزع المجندون على الوحدات، وفقا للأوامر التي تصدر عن رئيس الأركان العامة للجيش أو نائبه.
وكانت كل من الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر والمملكة العربية السعودية، قد أعلنت تطبيق الخدمة الإلزامية للذكور في سن الثامنة عشرة العام الماضي، وقامت بجعلها اختيارية للإناث، عدا المملكة السعودية التي تحظر خدمة الإناث في السلك العسكري.
ويأتي فرض الخدمة العسكرية في عدد من دول الخليج، في سياق التوتر المتزايد في المنطقة، حيث تتهم إيران بأن لديها طموحات إقليمية على حساب جاراتها في الخليج.
ويستبعد مراقبون إقرار قانون يُجبر النساء الكويتيات على الخدمة العسكرية الإلزامية، فالمجتمع الكويتي بطبيعته مُحافظ، ولن يقبل أبداً أن تخدم بناته في أطر تُخالف العادات والتقاليد.
ويرى المراقبون أن المرأة الكويتية بالأساس غير مُؤهّلة للحياة العسكرية، وكما يُعرف عنها (الكويتية) فهي مُدللة ومُرفّهة، ولن تستطيع بالتأكيد التماشي مع صرامة أوامر العسكر وحياتهم، على عكس فتيات دول عربية أخرى.
الشباب الكويتي كذلك بحسب مراقبين، لم يعتد ظروفاً عسكرية قاسية كتلك، لأن نشأته منذ البدء في عائلته، ودراسته في المدارس والجامعات، أفهمته، أو زرعت فيه بالأحرى أن دولته «نفطية»، وليست من دول المُواجهة، وسياساتها سلمية في العُموم، وبالتالي ربّما تطول مُدّة تقبّل الشباب لفكرة الالتحاق بالمُعسكرات طوعاً واختياراً، فبالنسبة لهم الأمن مُستتب حالياً.