جراءة نيوز - عمان : أظهرت ورقة بحثية لمركز كارنيغي للشرق الأوسط أن البرنامج الاقتصادي لحزب جبهة العمل الإسلامي لم يتطور على مدى الـ20 عاما الماضية.
وبينت الورقة البحثية التي أعدها الخبير الاقتصادي والباحث المقيم في المركز إبراهيم سيف والباحث في شؤون الحركات الإسلامية محمد أبو رمان أن برنامج الإسلاميين للعام 2007 أغفل دعوة حزب جبهة العمل الإسلامي إلى جعل التشريعات الاقتصادية والمالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، فيما ألمح إلى أن الحزب عموما قبل بالإطار القانوني والتشريعي القائم.
ولفت الورقة إلى أن الربيع العربي والاضطرابات الشعبية في الأردن دفعت لجان الحزب إلى الانشغال بصياغة البرامج الاقتصادية الشاملة، التي تحدد مواقف الحزب من القضايا الرئيسية كالتجارة الخارجية والتعاون الإقليمي والسياسة المالية والضريبية، وخطة لمعالجة أوجه التباين بين المناطق في الأردن.
وأكدت أن البرامج الاقتصادية لأربعة أحزاب إسلامية صاعدة في ظل الربيع العربي، في كل من تونس والمغرب ومصر والأردن، "ضعيفة" رغم ما اكتسبته تلك الأحزاب من قوة سياسية جديدة عبر صناديق الاقتراع أو ما ستظهره في انتخابات مقبلة.
وكشفت، عن أبرز النقاط الرئيسية التي طرحتها الأحزاب في أجنداتها الاقتصادية، في وقت يعاني فيه الواقع الاقتصادي في تلك البلدان من صعوبات جمة.
وتتناول الورقة مقارنة بين برامج أحزاب كل من حزب النهضة في تونس والحرية والعدالة في مصر، والعدالة والتنمية في المغرب، وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن.
وأشارت إلى أن خطاب حزب جبهة العمل الاقتصادي لا يرفض سياسة الخصخصة من حيث المبدأ، إلا أنه ينتقد العملية التي تمت من خلالها الخصخصة لبعض الشركات المملوكة للدولة، فيما يؤكد الحزب ضرورة تفعيل الاستثمار المحلي بدلا من الأجنبي.
ورغم ما يدعو إليه الحزب من إصلاح لسياسات الدعم الحالية التي لا تصل الى الفئات المستهدفة، فإن الورقة ترى بأن الحزب لا يقترح خطة مفصلة بشأن كيفية إعادة الهيكلة وما هي الأدوات والمؤسسات التي يمكن استخدامها لتنفيذ الاقتراحات.
وأشارت إلى أن البرامج الاقتصادية للأحزاب الإسلامية الأربعة تحمل أجندات "طموحة لا ثورية"، مشيرة إلى أن مقترحات حزب النهضة التونسي للتغلب على التحديات الاقتصادية هي الأكثر شمولا بين الأحزاب الأربعة، فيما تزال أجندة حزب العمل الإسلامي "تكافح" لتطوير مواقف مفصلة.
وأكدت الورقة البحثية ضرورة تطوير "العمل الإسلامي" لبرنامجه الاقتصادي إلى حد بعيد، لاسيما وأنه يستعد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة المتوقعة قبل نهاية العام الحالي، حتى يتمكن من إدارة حملة انتخابية مقنعة وإقناع الناخبين بأن لدى الحزب حلولا واقعية، مرجحا أن يستفيد الحزب من تجربة الأحزاب الأخرى.
ورأت الورقة أن الحزب ركز على أهداف عامة في الشأن الاقتصادي الذي احتل حيزا محدودا من الخطاب العام للحزب، رغم ما شخصه من تحديات تواجه الاقتصاد الأردني بدون تقديم استراتيجية مفصلة.
وتستعين الورقة بأمثلة عديدة على ذلك، من بينها، عدم تحديد الحزب الوسائل البديلة لتغيير الاقتصاد الأردني إلى الأفضل أو خفض معدل الواردات، مطالبا الدولة بتقليص عجز الميزانية والدين الوطني مع رفضه فرض ضرائب جديدة.
وأشارت إلى أن ذلك النوع من المشكلات الاقتصادية كانتقاد سياسات الدعم قدمت الأحزاب الإسلامية الأخرى لها حلولا ومقاربات بخلاف حزب العمل الإسلامي الأردني.
وميزت الورقة وبوضوح اختلاف برامج "العمل الإسلامي" الاقتصادية عن الأحزاب الثلاثة الأخرى، نظرا لطبيعة اختلاف المرحلة السياسية التي يعيشها الأردن والتي لم تشهد بعد إجراء انتخابات برلمانية على وقع الربيع العربي وصعود الإسلاميين إلى السلطة، وهو ما يؤكده قيادي للباحثين بأن "الحزب لم يصغ برامج اقتصادية شاملة لأن القيادة لا تتوقع أن تصل إلى السلطة".
ويصف الباحثان برنامج حزب جبهة العمل الإسلامي بـ"الأقل تفصيلا" عن البرامج الأخرى وهو المستند إلى فكر جماعة الإخوان المسلمين.
وتشكل قضية الفساد أكبر قدر من الاهتمام للحزب، حيث يخصص قسما لتلقي الشكاوى المتعلقة بالفساد وفقا للورقة، حيث أنشأ الحزب لجنة داخلية لجمع البيانات المتعلقة بهذه القضايا لتشير إلى أن الفساد هو "عقبة أساسية أمام" تحقيق النمو المستدام والعادل.
وتعتبر الحركة الإسلامية ممثلة بالجماعة والحزب بأن عملية التحرير الاقتصادي مع اسرائيل تمت على حساب الاقتصاد الأردني، حيث رفضت وما تزال الحركة معاهدة السلام التي وقعت العام 1994 وملاحقها التي تهدف إلى توسيع العلاقات التجارية مع اسرائيل.
ويبرر الحزب ذلك الرفض، من خلال الاستعانة بأداء الاقتصاد المحلي منذ التوقيع على الاتفاقية، فيما لا يظهر الحزب كيف سيتعامل مع التزامات الأردن الرسمية إزاء المعاهدة إذا ما وصل إلى السلطة.
بالمجمل، تعود الورقة بتقديم ملخص حول رؤية تلك الأحزاب الأربعة للأزمات للمشاكل الاقتصادية، لترى أن الواقعية غلبت على برامجها، لجهة التأكيد أن النظام الاقتصادي في بلدانها سيبقى كما هو، فيما تسعى هي لتحسين إدارة الشؤون الاقتصادية عموما.
ويرى الباحثان في ورقتهما، بأن برامج الأحزاب الأربعة عموما لا ترقى إلى مستوى البرامج الشاملة والمتكاملة التي يمكنها أن تغير وبصورة حقيقية ديناميكية اقتصادات تلك الدول، وأنها تفتقر إلى الخبرة والأولويات الواضحة وسبل بناء وتمويل خطط النمو الطموحة. وتخلص الورقة إلى أن تلك الأحزاب الأربعة تواجه تحديات خطيرة في ترجمة أجنداتها الاقتصادية المعقولة وحسنة النية عموما إلى نتائج.
وفي بعض القراءات التفصيلية، تميز الورقة البحثية برامج الأحزاب، بعدد من النقاط الرئيسية، من بينها، عدم دعوتها بالمجمل مثلا إلى تأميم الصناعات أو إعادة تأميم الشركات المملوكة للدولة التي تمت خصخصتها، كما تبدي احتراما لحقوق الملكية الخاصة.
وترحب تلك الأحزاب، حسب الورقة، بإقامة شراكات مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريعها المقترحة لاسيما ما يتعلق بالمرافق العامة والبنية الأساسية، حيث تشدد على ضرورة مكافحة الفساد وتعزيز أسس الحكم الرشيد والقضاء على الهدر المالي والاقتصادي واتباع سياسات اجتماعية عادلة.
وتظهر الأحزاب التزاما بالاتفاقيات الاقتصادية الدولية المبرمة؛ إذ يركز المغرب وتونس بشكل خاص على العلاقات مع أوروبا، بينما يتعهد الإسلاميون أيضا بدعم الشركات المحلية خاصة المتوسطة والصغيرة إلا أنهم غامضون في سياساتهم حيال "المشاريع الكبيرة".
ومن ضمن المقترحات التي تناولتها الأحزاب في برامجها، إعادة هيكلة النفقات العامة خاصة الإعانات والمساعدات لتصل إلى الفئات المستهدفة مع تقليل الضغط على الميزانية.
كما تقترح سن سياسة ضريبية بديلة تقوم أساسا على فرض ضريبة تصاعدية على الدخل والقضاء على الامتيازات الضريبية الممنوحة لقطاعات معينة.
وتتبنى الأحزاب الأربعة مبدأ التمويل الإسلامي كأحد الوسائل الممكنة لتأمين التمويل اللازم لبرامج التنمية بجانب النظام المالي التقليدي، فيما تقدم مقاربة عملية إزاء السياحة حيث يقدم قادة الأحزاب ضمانات قوية باستمرار الأنشطة السياحية كالمعتاد.
ولم تغفل الورقة ما اعتبرته مناطق سياسة رمادية قائمة في ثلاثة مجالات على وجه الخصوص وهي دور الدولة في الاقتصاد والأولويات التي سيتم اتباعها وكيفية تأمين الموارد المالية اللازمة والإطار الزمني الذي ستقدم الأحزاب بموجبه النتائج الاقتصادية التي وعدت بها الناخبين.