الدول النامية تثور على وكالات التصنيف الائتماني
في وقت سابق من هذا العام، ثار حشد من الطلبة الهنود الوطنيين عندما عرض آرفند سوبرامانيان -كبير المستشارين الاقتصاديين للحكومة- شريحة تقتصر على رسمتين بيانيتين.
تظهر أولاها نمواً اقتصادياً محلياً مطرداً ونسبة دين إلى ناتج مجلي إجمالي صفرية، في حين توضح الأخرى تباطؤ النمو في الصين وسرعة ارتفاع الديون لديها.
ومع ذلك، بقي تصنيف الائتمان الهندي في تصنيفات "إس آند بي جلوبال" (المعروفة سابقاً باسم ستاندرد آند بور) عالقاً عن "BBB-". في حين أن تصنيف الصين صعد من "A+" إلى "AA-" في 2010، حتى مع ارتفاع ديونها بشكل ضخم، وقد كانت الشريحة بعنوان "المعايير الرديئة".
لطالما كان تصنيف الدين الحكومي أمراً مثيراً للجدل. وعادة ما تكون الهند ضد الصين مباراة حقد. لكن العديد من الدول النامية توافق رأي السيد سوبرامانيان، الذي نقد معاملة وكالات التصنيف للهند مقابل معاملتها لدول العالم الثري في أزمة العام 2008 الاقتصادية العالمية، عندما قامت "أغلقت أبواب الإسطبل بعد انطلاق الخيول".
وبإحباط شديد، تخطط مجموعة "البريكس" -البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا- لإنشاء وكالة تصنيف "مستقلة"، والمتوقع تدشينها في قمتهم المرتقبة في أيلول (سبتمبر) في شيامن الواقع جنوب الصين.
وحتى الدولة المستضيفة، التي كانت في البداية حذرة من الفكرة، فربما تصبح حتى أكثر حرصاً في ضوء أن "موديز"، وكالة تصنيف أخرى، خفضت ديونها في شهر أيار (مايو) الماضي.
وحدث في ذلك الوقت أن هاجمت صحيفة "تشاينا ديلي"، الحكومية، "تحليل موديز الشخصي للأمور".
وبواقع الحال، تقول حكومات السوق الناشئة إن ديونها تنخفض في ترتيبات التصنيفات أكثر من تلك الخاصة بالدول الثرية. وقد انخفض ترتيب دين جنوب أفريقيا إلى "نفاية" في شهر نيسان (أبريل)، عندما طرد رئيسها يعقوب زوما وزير المالية، برافين غورهان.
وكذلك كان حال تركيا، عقب فشل الانقلاب العام الماضي، والبرازيل عندما ساءت أحوال فضيحة الفساد التي حدثت في العام 2015. وفي سياق متصل، تعتقد ليا تروب، من "لورد أبيت" -مدير صندوق، أن الوكالات تستجيب أسرع مما سبق للأحداث السياسية في مثل هذه الاقتصادات.
ووفقاً لـ"بلومبيرغ"، سجلت ثلاث وكالات 1.971 إجراء سلبياً ضد دين حكومات السوق الناشئة والجهات ذات الصلة.
ويعتقد البعض أن الوكالات أمست نفسها مدفوعة بالسعادة، وربما ترفع بنفسها خطر حدوث الأزمات والنقد أمر حديث الميلاد بطبيعته.
ففي مقالة نشرت في صحيفة خلال العام 1999 حول "الدور الدوري للوكالات التصنيف"، نظر الاقتصاديون الثلاثة جيوفاني فيري وليو ليغانغ وجوزيف ستيغليتز إلى الأزمة المالية الآسيوية التي نشبت في العام 1997، وأوضحوا أن وكالات التصنيف عززت، في مراحلها الأولى، حالتي العذر والعدوى.
ووجدت دراسة للبنك الدولي في العام الماضي، حول تصنيف 20 دولة نامية بين العامين 1998 و2015، أن تخفيض التصنيف إلى وضع "السيئ للغاية" رفع حصيلة سندات الدولة على المدى القصير بمتوسط 1.38 نقطة مئوية.
ويجبر هذا التصنيف بعض المستثمرين المؤسسيين على البيع بسبب القوانين الداخلية أو المتطلبات التنظيمية. وعادة ما تحدد السندات السيادية أيضاً الأرضية لتكلفة اقتراض الشركات المحلية، في ضوء أن ديونها بالكاد تصنف أعلى من تلك الخاصة بالحكومات.
وعلى النقيض من ذلك، عادةً ما تتحمل تكاليف اقتراض الدول الثرية الصدمات الراديكالية. وهذا صحيح بشكل خاص بالنسبة للولايات المتحدة؛ حيث تميل غلة السندات السيادية إلى الانخفاض خلال الأزمات، وذلك بفضل مؤسساتها المستقرة وأسواقها العميقة ووضع احتياطاتها من الدولار التي تجعل منها ملاذاً آمناً.
وحتى عندما خفض "إس آند بي جلوبال"، في خطوة نادرة، التصنيف السيادي من "AAA" إلى "AA+" في العام 2011، أدى ذلك إلى انخفاض عائدات الخزانة فعلياً.
وفي بريطانيا، أيضاً، عقب تصويت خروجها من الاتحاد الأوروبي العام الماضي، سقطت عائدات السندات الحكومية بشكل جيد بعد أن فر المستثمرين من الأصول الأكثر خطورة.
ومن جهتها، تقول وكالات التصنيف إن الدول الثرية تملك "سجلاً من 100 عام". وهذه الأدلة التي تستشهد بالتاريخ إنما تغذي التصور لدى الأسواق النامية بأن الأسواق تقف ضدها، وأن احتمالية أن لا تعد وكالة مجموعة الـ"بريكس" المنتظرة ذات مصداقية للعديد من المستثمرين قد تزيد من إحساسها بغياب العدالة.