تحت عنوان وائل كفوري.. التمثيل مِش إلَك، كتب جوزف طوق في صحيفة "الجمهورية": إذا تدهورت بوسطة محمّلة بمجموعة من الفنانين اللبنانيين من فئة أصحاب صوت البطّة على كوع عاريا، فنحن متأكّدون من أنّ الشعب عن بكرة أبيه لن يحرّكَ سيارة واحدة للتوجّه إلى المكان، من شدّة قرَفِه ومللِه من قرقعة الأصوات... لكن أن ينخدش كوع وائل كفوري، فإنّ الأمم ستحجّ إلى جانب سريره للاطمئنان على صاحب هذا الصوت الذي يشارك بمستوى أغنياته، وبنبرته الحاضرة اليوم في صناعة تاريخ الأغنية اللبنانية والعربية لأجيال كثيرة قادمة.
وائل كفوري هو بلا منازع أبخلُ فنّان على المقابلات الصحافية والإطلالات الإعلامية والتلفزيونية، وبقراره هذا أغنى الفنَّ العربيّ بموهبة تشغل الناسَ بقوتها وفرادتها وتُريحهم من أخبار عجناتها في الأفران الصفراء. ومع كلّ ذلك، يخيب ظنّ المشاهد بعد أن تابعَ ظهور وائل كفوري في برنامج المقالب "رامز تحت الأرض"، مع ظاهرة الابتذال رامز جلال، حتى وإن كان مرَّ عدد غير قليل من الفنانين اللبنانيين المرموقين في نفس البرنامج في الموسم الحالي والمواسم السابقة، هذا لأنّ الآخرين لا يريحون أعينَنا من ظهوراتهم التلفزيونية ولا آذانَنا من أخبارهم المعجونة، فيما نشتاق وننتظر ظهورَ الكفوري النادر لنسمعَ منه خبرية جديدة.
المشكلة الأكبر في ظهور وائل كفوري مع رامز جلال، هي أنّ المشاهد لم يصدّق في أيّ لقطة من الحلقة أنّ "الضرب مبكّل"، بل كانت عملية التمثيل والتظبيط مفضوحة، وبدت الخطوات مدروسة لتظهير جانب معيّن من شخصية الضيف على حساب المقلب. وكلّ شيء بدأ مع توليفةِِ إخراجية هزيلة لتغييب "شجرة" البرنامج و"قطعة جبنته" (حسب التوصيف الرسمي) الإعلامي اللبناني نيشان، فتَحجَّج قبطان الطوافة بعاصفة رملية لم يشاهدها كفوري ولا نحن أيضاً، وتَوجَّه الطاقم مباشرةً إلى مكان تنفيذ الضرب الأسطورة. نزلوا من الطوّافة وتوجّهوا إلى السيارة، حيث شتمَ كفوري قليلاً ورَكل السائق كثيراً واحتضَن الفتاة التي بجانبه أكثر من كثيراً، قبل أن يصِلوا إلى الحفرة المائية، وبنفس اللعبة الإنتاجية الغبية، يَغرق الجميع ويَظهر التنّين وتخاف الضحايا، ويحافظ كفوري على شهامته، ففي لحظة رعبٍ شيطانية صحراوية تنّينية رملية أبَدية، يُشمّر وائل كفوري عن روح الـ"Maître Nageur" داخلَه وينسى ملايين المعجبين في ساحات المهرجانات وعلى مواقع التواصل وخلف البحار، ويَركل مشوارَه الفنّي الحافل من أجل إنقاذ فتاة من الغرق... فوقف توم كروز على شبّاك مكتبه في هوليوود، وتأمّل المشهد مليّاً وتأثّر واستلَّ تليفونه من جيبه وطلبَ رقم وكيل أعماله وقال له بالحرف الواحد "بدّي المشهد، جِبلي ياه من تحت الأرض"، فقال له وكيله: "رامز هونيك مع الكومودو"، فأقفلَ كروز الخط بوجهه وطلبَ رقم جاكي شان وقال له بالحرف "في عندي إلك مشهد بدّو يكسّر الأرض"، وأخبَره كيف انهمرَ الكفوري باللكمات والركلات على رامز جلال فكسرَ رِجله بحركةٍ سريعة خاطفة لم تتمكّن الكاميرات من التقاطها.. فأدمعت عينا شان وراح يَبحث عن رقم نيشان.
وفي انتظار مشاركة كروز وشان، جلس المخرج يَمسح عَرَقه شاكراً ربَّه على انتهاء الحلقة هوليوودياً، وعاش البطل وعفا عن أعدائه وتصوَّر سيلفي مع الجميلة وعاد إلى الجاكوزي سالماً.
الذي صام لسنوات طويلة عن الاسترخاص الإعلامي للمحافظة على صورة فنّية ملمَّعة بمهنيتها، لا يستطيع أن يركلَ سطلَ إنجازاته بإطلالةٍ مع رامز جلال، مع كلّ ما يحمله البرنامج من نسَب مشاهدة عالية ومن مستويات أعلى من الابتذال والاستهتار... وطالما إنّ وائل كفوري كان أكثر فنّان حريص على تجنّب الرخص الإعلامي من أجل رفع سعر أسهمِه الفنّية، يبقى وحده ودون غيره من الفنانين الذين يمكن لومهم بقوّة على المشاركة.
هناك لحظات من التجلّي أمام المايكروفون تدفع المستمع للقول إنه يعيش حقّاً في زمن وائل كفوري لِما يحمله ذلك الصوت من قوّة ونقاوة، لكن أن يشارك الكفوري نفسُه في ما يكرّس مقولة أنّنا بِتنا نعيش في زمن رامز جلال، في زمن استهبال الناس والاستهتار بترفيههم، في زمن الانحطاط الإعلامي والابتذال الكوميدي المريض، وفي عصر انحلال المسؤولية النجومية لنصرة مصالح الجيوب والأرصدة... يمكننا عندها القول إنّ "التمثيل مش إلَك يا وائل"، وملك المسرح لا ينزل أبداً إلى تحت، إلى برنامج لا يصلح أن يكون اسطبل للتلفزيون... الملك لا يجب أن يكون كومبارساً.