يقظة رجال الامن توقف كارثة بيئية صحية

للوهلة الأولى، يبدو الخبر الذي أعلنته وزارة المياه والري قبل أيام عن ضبط صهريج للمياه العادمة وهو يفرغ حمولته بجانب احدى آبار المياه المخصصة للشرب في منطقة «إيل» بمحافظة معان عاديا، لكن ما وراء الخبر يكشف كارثة كادت أن تقع بسبب الإهمال والتهاون في الحفاظ على السلامة العامة أوقفتها يقظة رجال الأمن.
بعبارات أخرى، تخضع مصادر مياه الشرب لمراقبة الكترونية من قبل مركز السيطرة والتحكم عن بعد ومراقبة العمليات في قطاع المياه، الذي افتتحه رئيس الوزراء في نهاية شباط الماضي، إذ يضم أقساما عديدة تعنى بمراقبة عمليات المياه ومحطات الضخ والخزانات والسدود الرئيسية والآبار وغيرها من المنشات المائية على مدار الساعة من حيث مراقبة نوعية مصادر المياه وكمياتها والعمل أولا بأول من خلال هذه الأنظمة على معالجة أي خلل فني قد يحدث في أي منطقة.
في حادثة صهريج «إيل» لم تلتقط المراقبة الالكترونية اقتراب صهريج المياه العادمة من بئر يزود مئات المواطنين بحصصهم المائية، بل ساهمت يقظة إحدى دوريات الأمن من مديرية شرطة معان في إيقاف كارثة صحية بيئية حيث كشفوا «فعلة» صاحب الصهريج وأوقفوه لدى المدعي عام لاستكمال التحقيق.
وفي ظل ما تعانيه المملكة من فقر وعجز مائي وأعباء جسيمة نتيجة الظروف في الدول المجاورة وبالتزامن مع تعدد نوعية المصادر المتاحة، فإن ذلك يحمل إدارة قطاع المياه أعباء إضافية ما يجعل عمل «المركز» ذا أهمية بالغة في إحكام مراقبة المصادر المائية وكشف أي خلل أو اعتداء عليها من خلال نظام إنذار مبكر وعبر نظام المشاهدة عن بعد في كافة محافظات المملكة.
وان كان «المركز» لم يكتشف صهريج ايل و هو يفرغ حمولته من المياه الملوثة قرب مزود هام للمياه لمواطنين يعانون بالأصل من تزويد مائي بالكاد يلبي احتياجاتهم،يبقى تعاون المواطن الأساس في أي موقع، أداة رئيسية لاستمرار التعاون معها في الإبلاغ عن مثل هذه المخالفات الخطرة والتي تهدد حياة المواطنين.
وان كانت حالات ضبط صهاريج تلوث مصادر المياه لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة من بداية العام الجاري،إلا ان الحادثة تبرز الإهمال و الاستهتار بأرواح المواطنين من قبل سائق الصهريج الذي فضل إفراغ حمولة صهريجه لأسباب غير معروفة قرب بئر المياه متناسيا خطورة فعلته على المنطقة و المواطنين بيئيا و صحيا.
يقول وزير المياه والري حازم الناصر ان حادثة الصهريج «لايمكن السكوت عنها ،لتأثيراتها الصحية والبيئية الكارثية التي كان من الممكن حدوثها نتيجة تسرب هذه المياه العادمة إلى طبقات الأرض و اختلاطها مع المياه الجوفية المخصصة للشرب، إذ تم تشكيل لجنة تحقيق رفيعة المستوى من كبار مسؤولي الوزارة/ سلطة المياه للوقوف على هذا الاعتداء الخطير كونه اعتداء على مصادر الشرب الرئيسية».
ويزيد» يشكل هذا الاعتداء خطورة على مصالح المواطنين و ستعمل اللجنة على التحقق من كافة المعنيين بالمراقبة والحراسة والتفتيش على موقع هذه الآبار من الموظفين المعنيين كونها تمس مباشرة مياه الشرب وآي عبث بها او اعتداء عليها قد يلحق الضرر بالمواطنين».
وتنص المادة (30) من قانون سلطة المياه على ان كل من أحدث تلوثا في الآبار أو الينابيع المشغلة لغايات الشرب يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وتصل لخمس سنوات وبغرامة لاتقل عن ألفي دينار وتصل إلى سبعة آلاف دينار.
من المؤكد أن صهريج «آيل» لن يكون الأخير، لكنه يلفت الانتباه إلى ضرورة إعادة النظر بنظام المراقبة حيث يراقب «المركز» أكثر من 50 موقعا استراتيجيا تم اختيارها وتصنيفها وفق معايير مجلس السياسات الوطني لمصادر المياه وخزانات المياه ومحطات الضخ.
أما دورية الأمن العام التي كشفت هذا الفعل الذي يهدد الأمن المائي الوطني فلا أقل من تكريم لائق لهم ليكونوا محفزين لغيرهم.