وأوضح القيادي السابق في "حماس"، عماد الفالوجي، في حديث لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، بأن المبادرة، التي صدرت في شهر نيسان (إبريل)، أي بعد أقل من سبعة أشهر على اتفاق أوسلو عام 1993، طالبت "بالانسحاب الإسرائيلي من الضفة وغزة والقدس دون قيد أو شرط، وتفكيك وإزالة المستوطنات وترحيل المستوطنين من تلك المناطق".
كما دعت، وفق الفالوجي، وهو الوزير الفلسطيني السابق، إلى "إجراء انتخابات تشريعية حرة وعامة للشعب الفلسطيني لاختيار قيادته المخولة بالتعبير عن إرادة الشعب وطموحاته".
وطبقاً لآراء المسؤولين؛ فإن حماس قدمت بذلك منظورها للحل المرحلي الجزئي، الذي أوردته في الوثيقة، شريطة عدم الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، عقب تأجيل "الحل التاريخي" للصراع العربي- الإسرائيلي، الذي يحتاج، بحسب الحركة، إلى شروط موضوعية وتاريخية متعددة، ليست متوفرة حالياً.
وأفاد الفالوجي بأن المبادرة، التي أعلنها بنفسه كناطق رسمي باسم "حماس" خلال مؤتمر صحفي، "لم تشر إلى حدود العام 1967، خلافاً للوثيقة، حيث لم يكن مسموحاً آنذاك التطرق للحدود، حتى لا يسألنا أحد عنها، فنحن مع قيام الدولة الفلسطينيية في الضفة، بما فيها القدس، وغزة، ولكن لسنا مسؤولين عن أمن الكيان الإسرائيلي".
وأوضح أن مؤسس وزعيم حركة "حماس" الشيخ الشهيد أحمد ياسين "تحدث عن ذات المفهوم عندما أعلن عن الهدنة عند الإفراج عنه من سجون الاحتلال" (في العام 1997).
ومن الجدير ذكره بأن الشيخ ياسين أول من أطلق الإشارة الأساسية إلى مفهوم الهدنة عند "حماس" عبر رسائله الواردة من معتقل الاحتلال، حينما تحدث عن "هدنة لعشر أو عشرين سنة شريطة انسحاب العدو من الضفة، بما فيها القدس، وغزة، بدون شرط أو قيد وترك الحرية الكاملة للشعب في تقرير مصيره ومستقبله".
واعتبر الفالوجي، وهو رئيس مركز آدم لحوار الحضارات في فلسطين المحتلة، إن "حماس، بعد الوثيقة، دخلت مرحلة جديدة من أطوار حياتها السياسية"، معتبراً أنها "تتويج رسمي لكل ماسبق من مواقف صادرة عن الحركة".
وأشار إلى "إيراد الوثيقة صراحة لحدود 4 حزيران (يونيو) العام 1967، مع تأكيد عدم الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، بما يعد تطوراً وازناً في موقف "حماس"، لو صدر قبلاً لكان بالإمكان البناء عليه بجدية"، وفق قوله.
وقدر "بتعامل المجتمع الدولي بإيجابية مع الوثيقة، لما تتمتع به الحركة من ثقل معتبر في المجتمع الفلسطيني وقوة أمنية وعسكرية وسياسية وازنة، بما يستدعي الضغط على الاحتلال لجهة تحقيق "حل الدولتين"، لاسيما بعد موافقة أكبر فصيلين فلسطينيين، "فتح" و"حماس"، على نفس المفهوم".
وحول انعكاسات ذلك على العملية السياسية؛ قال الفالوجي إن "فشل التسوية ليس مرتبطاً بمواقف حماس، وإنما بالتعنت الإسرائيلي".
وزاد "لا يمكن الموافقة على أن حماس تقف عائقاً أمام العملية السياسية، فالرئيس محمود عباس قدم الكثير من التجاوب الإيجابي لأجل تحقيق "حل الدولتين" وإحلال السلام والأمن في المنطقة، غير أن سلطات الاحتلال لا تملك خيار التسوية السياسية".
واستبعد أن "تكون سلطات الاحتلال جاهزة اليوم للتسوية السياسية، في ظل انحياز الإدارة ألأمريكية، برئاسة الرئيس دونالد ترامب، لها".
ولفت إلى أن "حماس قدمت رؤية عبرت من خلالها عن الاستعداد للتجاوب مع اطروحات الحل السياسي القائم على حدود العام 1967، في حال الجدية وتحقق الإجماع الفعلي عليه، والاستجابة الإسرائيلية لتحقيقه، ولكن الاحتلال ليس جاهزاً للتسوية".
وفسر ذلك الموقف قائلاً أن "حماس ستكون مع التوافق الوطني إذا كان مع "حل الدولتين"، فيما أفاد (رئيس المكتب السياسي السابق خالد) مشعل بضرورة خضوع أي توافق على الحل للإستفتاء الشعبي، مما يعني أنه في حال حصول توافق وطني على حدود العام 1967 فلن تقف حماس ضد ذلك".
وكان "الحل المرحلي" قد تواتر على ألسنة قادة حماس بدون الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، أسوة بخطاب مشعل الجماهيري بدمشق في شهر آب (أغسطس) 2009، وإعلانه، لاحقاً، في حوار المصالحة بالقاهرة العام 2011، عن قبول منح المفاوضات سنة كاملة لجهود إحلال السلام.
من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عزام الأحمد، أن "مضمون وثيقة حماس ليس جديداً، فمعظم ما ورد فيها كانت الحركة قد وقعت عليه مع الفصائل الفلسطينية العام 2006، وثيقة الوفاق الوطني، كما أعلنه مشعل خلال حوار القاهرة، العام 2011، وفي مؤتمرات أخرى، غير أنها كانت تتراجع عنه أحياناً أو تمارس المماطلة حيناً آخر".
وأضاف الأحمد، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "الجديد فيها إعلان الحركة عن موقفها في وثيقة رسمية، وبالتالي لا تستطيع المناورة"، لافتاً إلى أهمية "تأكيد حماس بأنها ليست ضد اليهود وإنما ضد المحتل، وهو موقف جيد ونحن معه ونثمنه".
وعبر عن أمله في أن "تكون المرحلة المقبلة مرحلة وفاق وطني"، مضيفاً "حتى يتم استكمال برنامج حماس ويشعر الناس بالتغيير الفعلي، فلابد من إنهاء الإنقسام، للمواجهة الموحدة لعدوان الاحتلال وإنهاء الاحتلال وحصار قطاع غزة" .
وكانت حركة الجهاد الاسلامي قد أعلنت رفضها لوثيقة حماس التي قبلت فيها باقامة دولة فلسطينية وفق حدود 1967، "للمساس بالثوابت"، بحسبها.