14 حكومة تفشل بانتشال 12 قضاء من الفقر
خلال الـ 15 عاما الماضية لم تنجح سياسات واستراتيجيات محاربة الفقر لـ14 حكومة متعاقبة في إخراج 12 قضاء، صنفت في العام 2002 كـ"جيب فقر"، من هذا التصنيف.
ويتزامن ذلك مع حكومة علي أبو الراغب الثانية (2002-2003)، مرورا بالثالثة (2003)، وحكومة فيصل الفايز (2003-2005)، وحكومة عدنان بدران (2005)، وحكومتي معروف البخيت (2005-2007)، و (2011)، وحكومة نادر الذهبي (2007-2009)، وحكومتي سمير الرفاعي (2009-2010)، و(2010-2011)، وحكومة عون الخصاونة (2012)، وحكومتي عبدالله النسور (2012-2013)، و(2013-2016)، وحكومتي هاني الملقي (2016-2017).
والـ 12 قضاء هي وادي عربة، الرويشد، وغور الصافي والحسينية والمريغة، الصالحية، دير الكهف، والضليل، والقويرة، ودير علا، وأم الجمال، والجفر، جميعها مصنفة حتى آخر دراسات (2010) كجيوب للفقر، فيما حددتها الحكومة العام 2016 من ضمن المناطق التي تحتاج إلى تدخلات تنموية.
فمنذ العام 2002 (وهو العام الذي تتوفر فيه أرقام وأسماء جيوب الفقر رسميا) ومع تطبيق برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي بدأت الحكومات بتحديد "بؤر فقر" أو جيوب للفقر، وهي تلك المناطق التي تقدر نسب الفقر فيها 25 % فيما فوق، حيث تم تصنيف 20 قضاء وقتها في المملكة كجيوب فقر.
وخلال الأعوام الماضية كانت هناك جيوب تخرج من التصنيف وتعود في المسوحات التالية لتدخل، وهكذا بحسب الآليات المتبعة في التصنيف.
وبقيت الأقضية السابقة تصنف كجيوب فقر الى العام 2010؛ حيث نشرت آخر احصائيات لنسب الفقر، فيما قامت الحكومة بعد ذلك بعدم الإعلان عن دراسة الفقر الأخيرة التي نفذت العام 2013، واكتفت في تموز (يوليو) 2016 بتحديد مناطق "ذات خصوصية تنموية بحاجة إلى تدخلات حكومية" وكانت الأقضية السابقة من ضمنها.
خلال الفترة الماضية أعلنت الحكومات نتائج لـ4 مسوحات للفقر الأول في 2002 والثاني في 2006 (حيث كان مسح الفقر يتم كل 4 سنوات) والثالث في 2008 وأخيرا في 2010، فيما أنجز مسح في 2013 ولم يتم الإعلان عن نتائجه بشكل رسمي.
في 2002 كانت نسبة الفقر 17 % وتمّ تحديد 20 جيب هي؛ الرويشد، ووادي عربة والضليل والصالحية والحسينية والجفر وبيرين والمريغة والأزرق والقويرة ودير الكهف وأم الجمال وغور الصافي والجيزة وحوشا والهاشمية وسما السرحان ودير علا والشونة الجنوبية وأم الرصاص.
في 2006 عادت الحكومة لتعلن أرقام فقر جديدة وحددت 22 جيبا؛ 10 منها جيوب منذ 2002 وهي الرويشد ووادي عربة والصالحية والجفر والمريغة والقويرة ودير الكهف وغور الصافي وحوشا وأم الرصاص.
وقد كان من ضمن الجيوب 12 جيب حديث هو غور المزرعة والموجب والديسة وكفرنجة والخالدية والقطرانة وبصيرا وبلعما والشونة الشمالية وعرجان وبرما والبادية الشمالية الغربية.
في 2008 حددت الحكومة 32 جيب فقر، وفي هذه الفترة تمكنت 4 أقضية صنفت كجيوب فقر العام 2006 من الخروج من قائمة الجيوب وهي أم الرصاص وعرجان وكفرنجة والموجب، في حين بقي 18 قضاء صنف كجيوب فقر في 2006 بقي جيب فقر في 2008 أيضا وهي وادي عربة، والرويشد، والمريغة، وغور المزرعة والديسة وغور الصافي والخالدية والصالحية والقويرة ودير الكهف والبادية الشمالية الغربية والقطرانة وحوشا وبرما وبصيرا والشونة الشمالية وبلعما والجفر، وتضمنت 2008 جيوبا لم تكن موجودة العام 2006 وهي أم الجمال والأزرق والشونة الجنوبية وأم القطين والحسينية وسحاب وارحاب وأذرح والمفرق والموقر والعريض والضليل والطيبة وعين الباشا. أي أن جيوب الفقر زادت بـ14 جيب فقر، وفي 2010 تم تحديد 27 جيب فقر وشملت الأقضية التي وقعت ضمن الألوية الفقيرة التي تقدر نسب الفقر فيها 25 % فما فوق موزعة في جميع أنحاء المملكة؛ وهي وادي عربة (71.5 %) والرويشد (69.6 %)، وغور الصافي (61.9 %) والحسينية (52.5 %) والمريغة (50.5 %) وأيل (48.3 %) والديسة (47.5 %) والصالحية (44.7 %) ودير الكهف (42.8 %) والشونة الشمالية (36 %) وعرجان (33.9 %) والجفر (33.8 %) والضليل (31.7 %) والقويرة 31.1 %) وبصرا (30 %) ودير علا (29.9) وعين الباشا (29.5) والموجب (28.6 %) وقصبة عجلون (28 %) وأذرح (26.5 %) وأم القطين (26.5 %) والرمثا (25.1 %) وصخرة (22.5 %) وقصبة معان (21.5 %) وغور المزرعة (%21.4) وأم الجمال (17.6 %) وصبحا (14.2 %).
وتقاس أرقام الفقر عادة بالاعتماد على مسح نفقات ودخل الأسرة وتعتمد على منهجية "تلبية الاحتياجات من السعرات الحرارية لقياس خط الفقر"؛ حيث يعرف الفقر في دراسات الفقر المنفذة في الأردن أنه عدم مقدرة الشخص على توفير الدخل اللازم لتلبية الحاجات الأساسية (الغذاء، المأوى، الملبس والتعليم والصحة والنقل) التي تمكنه من أداء عمله بصورة مقبولة.
ووفق دراسات الفقر المنشورة على موقع دائرة الاحصاءات العامة فإنّ أول دراسة رسمية عن الفقر نفذت العام 1973، فيما كان هناك دراسة عام 1987 هي "دراسة جيوب الفقر في المملكة"، وتم خلال هذه الدراسة حساب خط الفقر لاسرة نموذجية وفق أسلوب السلة الغذائية المعيارية.
وفي العام 1994 و2001 قام خبراء البنك الدولي بتحديث خطوط الفقر لعام 1987 وذلك بالاعتماد على الرقم القياسي لأسعار المستهلك، كما تم إعداد وتنفيذ دراسة عن الفقر من قبل البنك الدولي بالتعاون مع فريق وطني تم تشكيله العام 2004 بعد صدور نتائج مسح دخل ونفقات الأسرة 2002 /2003 وتم خلال تلك الدراسة حساب خطوط الفقر ومؤشراته.
وبعد ذلك تم تحديث مؤشرات الفقر العام 2006 استنادا إلى بيانات مسح نفقات ودخل الأسرة الذي نفذ في النصف الثاني من 2006.
وفي أواخر 2007 جهزت دائرة الإحصاءات العامة بالتحضير لتنفيذ مسح ودخل الأسرة لعام 2008؛ حيث نفذ المسح على مدار عام كامل، وتم احتساب أرقام الفقر لعام 2008.
في 2012 تم نشر تقرير ونسب الفقر لعام 2010 وتمّ في هذه الدراسة تغيير منهجية احتساب الفقر، وذلك من خلال قياس كلفة السعر الحراري لشريحة السكان الأقل إنفاقا باعتماد العشيرات الثلاث الأولى بدلا من العشرين الاول والثاني الذي اعتمد في السنوات السابقة. وقد تم تغيير المنهجية اعتمادا على أن مقياس الاحتياجات الأسرية ومستوى الرفاه للأسرة قد تغير خلال العقدين الماضيين.
وأدى هذا التغيير إلى ارتفاع مستويات الفقر عن العقود السابقة لتصل الى 14.4 % مقارنة بـ13.3 % لعام 2008، ولو استخدمت المنهجية السابقة لبلغت نسبة الفقر 10.5 %.
وفي 2010 تم تغيير آلية تحديد جيوب الفقر؛ حيث تم تحديد الأولوية الاشد فقرا وشمول الأقضية كافة التي وقعت ضمن الألوية الفقيرة؛ حيث تم شمول الأقضية الفقيرة وغير الفقيرة الموجودة داخل اللواء الفقير ليبلغ عدد الأقضية المستهدفة 24 قضاء.
وتم احتساب عدد الأقضية غير الفقيرة التي جاءت ضمن الألوية غير الفقيرة واضافتها الى قائمة الأقضية الاكثر فقرا و 3 أقضية.
وبذلك كان مجموع الأقضية التي صنفت كمناطق مستهدفة 27 قضاء موزعة على جميع محافظات المملكة.
أسباب استمرار تصنيف بعض الأقضية كجيوب للفقر وتوطنه في هذه المناطق، لم تجب عليه وزارة التخطيط والتعاون الدولي رغم محاولات الحصول على تفسيرات لعدم "جدوى التدخلات الحكومية داخل هذه البؤر".
قد أشارت في وقت سابق، نقلا عن مصادر لها، ""أنّ نسبة الفقر التي أظهرها مسح دخل ونفقات الأسر لعام 2013 في المملكة قدرت بـ 20 % مقارنة بـ14.4 % لعام 2010، وذلك بنسبة زيادة قدرت بـ %5.6. كما أشارت المصادر حينها إلى أن جدلا دار بين أعضاء الحكومة السابقة حول الارقام الجديدة، تتعلق بالمنهجية التي حسبت بناء عليها.
على أنّ خبراء اقتصاديين أكدوا أنّ الأزمة الاقتصادية والسياسات الحكومية الفاشلة وعدم جدية الحكومات في مواجهة هذه الظاهرة هي أهم أسباب توطن الفقر.
ويرى وزير تطوير القطاع العام سابقا والخبير الاقتصادي، الدكتور ماهر المدادحة، أنّ الحكومة عندما قررت إدراج مناطق كجيوب فقر كانت قد أخذت بعين الاعتبار الخدمات المقدمة في هذه المناطق بالاضافة إلى الفقر والبطالة.
ويرى المدادحة أنّ السبب الرئيس في زيادة جيوب الفقر ونسب الفقر بشكل عام هي الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المملكة والتي أثرت على دخول المواطنين، موضحا أن تراجع نسب النمو الاقتصادي سبب رئيس في تزايد أعداد جيوب الفقر ودخول مناطق جديدة ضمن هذا التصنيف.
وقال إنّ التدخلات التي تمت لعلاج الفقر في مناطق جيوب الفقر لم يكن لها الأثر المباشر وذلك بسبب تراجع حجم الإنفاق العام للدولة، مضيفا أنّ الركود وتآكل الدخول بسبب التضخم أدى الى انخفاض حجم الطلب، وبالتالي انعكس على انشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في تخفيض الفقر؛ حيث أنّ المواطنين مع انخفاض الطلب لم يخاطروا في الدخول في مشاريع جديدة.
أما الخبير الاقتصادي، زيان زوانة، قال إنّ المشكلة الأساسية في عدم معالجة الفقر في المملكة هي "عدم وجود مشروع اقتصادي وطني" يبدأ من اصلاح التعليم الذي يعتبر سببا في انهاك العائلة الأردنية، ويتضمن اصلاحات وسياسات من شأنها أن تخلق مشاريع وفرص عمل، موضحا أنّ مشكلة الفقر والبطالة متلازمتان لا بدّ من علاجهما معا لأنّ البطالة دائما تؤدي الى الفقر.
وقال إنّ الحكومة الحالية والحكومات السابقة لم تتعامل مع البطالة والفقر والمشكلات الاقتصادية الأخرى بالشكل الصحيح، وتعاملت معها بشكل "قطّاعي" دون أن يكون هناك خطط ممنهجة.
الخبير الاقتصادي، الدكتور قاسم الحموري، أكد أنّ تحديد جيوب الفقر كانت لأسباب تتعلق بـ "متطلبات دولية" مع بدء تطبيق برنامج التحول الاقتصادي، ولم يكن منها "حل مشكلة الفقر ومعالجته" موضحا أنّ الحكومات لم تنو فعليا معالجة هذه المشكلة.
وأشار الى أن جميع الدراسات التي تتم "غير كافية وغير شاملة" فالتشخيص والمعالجة ضعيفان، ولا يوجد متابعات للتأكد من نجاح ما يطبق من سياسات واجراءات تعلن لمكافحة الفقر.
وشدد الحموري على ضرورة التعاون مع الجامعات لتشخيص حالة الفقر؛ حيث يرى ضرورة أن يكون هناك فِرق مُشكّلة من اختصاصيين اقتصاديين واجتماعيين وانثروبولوجي ليتم دراسة أسباب الفقر وعلاجه في كل منطقة.
ويشار هنا الى أنّ وزارة التخطيط والتعاون الدولي كانت نشرت في 2012 دراسة حول جيوب الفقر والذي جاء تحت عنوان "تفكير مختلف حول الفقراء- نتائج مسح جيوب الفقر في الأردن".
وقالت الدراسة أنّ هنالك 4 عوامل تفسر التحولات في تغير حالات الفقر في 36 جيبا من جيوب الفقر في الأردن. حيث فسرت %60 من التحولات في تغير حالات الفقر في هذه الجيوب وهي، نسبة التضخم في أسس المواد الغذائية خلال الفترة من 2006 - 2008 على مستوى المحافظة، التغير في مستوى البطالة خلال الفترة من 2006 - 2008 على مستوى المحافظة، والتغير في نسبة الدخل من التحويلات الى اجمالي الدخل على مستوى القضاء خلال الفترة من 2006-2008، ونسبة نمو الممتلكات من المواشي (الأبقار والأغنام) في السنوات المعنية.
وأكدت النتائج النظرية المسبقة والاستنتاجات التجريبية العرضية المتعلقة بتلك العوامل أن جيوب الفقر تعرضت لمستوى أعلى من التضخم وشهدت أيضاً مستوى أعلى من نسب الفقر في 2008، كما أكدت ارتفاع نسب الفقر في مستوى القضاء مع ارتفاع مستوى البطالة على مستوى المحافظة، وكذلك انخفاض نسبة الدخل من التحويلات الى إجمالي الدخل كلما ارتفعت نسب الفقر، وبينت أنه كلما نمت الممتلكات من المواشي في الفترة المعنية، ارتفعت حالات الفقر، وتناقض النتيجة الأخيرة التوقعات المسبقة حيث أن المواشي تمثل نمواً في الثروة والمزيد من الاستثمارات.
إلى ذلك تقوم دائرة الاحصاءات العامة بتنفيذ مسح دخل ونفقات الأسر جديد ينفذ العام الحالي ويشمل الأردنيين وغير الأردنيين على عكس المسح السابق (2010) الذي كان يطبق على الأسر الأردنية فقط.
وينفذ المسح الجديد وفق تصريحات سابقة لمدير الإحصاءات العامة الدكتور قاسم الزعبي بناء على أسس وآليات جديدة مختلفة عن السابقة، خصوصا أنها تأخذ بعين الاعتبار "ظاهرة الهجرة" التي لم تكن واضحة في المملكة في السابق.
يأتي هذا بعد أن امتنعت الحكومة عن إعلان أرقام الفقر للعام 2013 والتي اعتمدت على مسح دخل ونفقات الأسرة لعام 2012-2013، لتكتفي بالنسبة المعلنة لعام 2010 والتي قدرت بـ 14.4 %.
وبحسب الزعبي، كان للدائرة "تحفظا" على نسبة الفقر السابقة، حيث أنّه لم يكن قد أخذ بعين الاعتبار التغيرات الهيكلية في السكان، ما يجعل النسب المستخرجة غير دقيقة ولا تعكس الواقع.
وأكد أنه سيتم الاعتماد على أطر جديدة تعكس واقع دخل ونفقات الأسر خصوصا بعد تغير هيكل السكان في المملكة، والذي كشفه التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2015.
وينفذ هذا المسح بالتعاون مع البنك الدولي ومؤسسات دولية أخرى ذات خبرة من خلال كوادر الدائرة.