يمكن للصفقات التي وقعها الأردن في الأشهر الأخيرة، والتي تتيح بطبيعتها إمكانية إعادة تنشيط صادرات المملكة من الفوسفات، أن تجلب في طياتها مصدرا آخر للنمو إلى قطاع التصنيع المحلي، وذلك عقب عام من النتائج المختلطة.
وفي منتصف آذار (مارس) الماضي، أعلنت شركة إنتاج الفوسفات الوحيدة في المملكة – "شركة مناجم الفوسفات الأردنية" المملوكة للدولة- عن عقد بيع كانت قد أبرمته مع مجموعة من الشركات الهندية والذي يقتضي بتوفير 5.2 مليون طن من خام الفوسفات –المادة الخام المستخدمة في إنتاج السماد- خلال العام 2017.
وعلى الرغم من أن قيمتها لم تعلن بعد، تنص الاتفاقية على أنه سيتم تعيين أسعار المبيعات بالتماشي مع الظروف السائدة في السوق العالمية.
وتبنى الاتفاقية على العلاقات التجارية القائمة بين الدولتين، ففي العام 2015 افتتح الأردن مصنعا لحمض الكبريتيك بتكلفة 860 مليون دولار في الشيدية، على بعد 325 كيلومترا من العاصمة عمّان، من خلال مشروع مشترك بين شركة الفوسفات الأردنية وجمعية المزارعين الهنود التعاونية يهدف في جزء منه إلى تلبية الطلب الهندي المتنامي على الفوسفات.
وسادت أخبار جيدة جديدة أجواء الصناعة في شهر شباط (فبراير)، عندما وقعت مناجم الفوسفات الأردنية مذكرة تفاهم مع حكومة بنغلاديش لتصدير 270 ألف طن من الفوسفات وحمض الفوسفوريك على مدى ثلاث سنوات –وهي اتفاقية بقيمة 280 مليون دولار. وليس هناك من شك بأن الاتفاقية تحيي الشراكة بين البلدين، لاسيما وأن شركة الفوسفات الأردنية كانت المصدر الرئيسي للأسمدة إلى بنغلاديش في الماضي.
وبموجب شروط الاتفاقية، سوف تزود المملكة نظيرتها الآسيوية بـ 150 ألف طن من صخور الفوسفات، و120 ألف طن من حمض الفوسفوريك. ووفقا لمسؤولين حكوميين، فقد استوردت بنغلاديش بالفعل 150 ألف طن من صخور الفوسفات من الأردن.
ويستكشف الأردن أيضاً إمكانية تصدير الفوسفات ثنائي الأمونيوم، سماد الفوسفات الأكثر استخداما، إلى بنغلاديش.
انخفاض الإنتاج والتصدير
تأتي الجهود الرامية إلى الحفاظ على اتفاقيات التوريد مع المشترين الأجانب، فضلا عن إبرام صفقات جديدة، على خلفية إنخفاض الكميات المنتجة والمصدرة للأسمدة والمواد الخام (البوتاس والفوسفات) العام الماضي.
وفي حين أن إنتاج الفوسفات ارتفع بنسبة 34 % إلى 7.1 مليون طن في العام 2014، وإلى 8.26 مليون طن في العام 2015، تراجع الانتاج في الأردن بنسبة 3.4 % إلى 7.99 مليون طن العام الماضي. ومع ذلك، تظهر أرقام كانون الثاني (يناير) بداية قوية للعام الحالي، مع تسجيل نسبة 15.8 % على أساس سنوي، وفقا للبنك المركزي الأردني.
وعلى صعيد البوتاس، وصل الإنتاج إلى مستواه الأعلى في 4 سنوات عند 2.35 مليون طن في العام 2015، وهي زيادة من 12.9 % عن العام الذي سبقه. ومع ذلك، فيما يخص الفوسفات مرة أخرى، فقد شهد العام 2016 انخفاض الإنتاج إلى مستويات العام 2014 عند 2 مليون طن.
وفي الوقت نفسه، ارتفع إنتاج الأسمدة بنسبة 30.6 % إلى 886 ألف طن في العام 2014، قبل أن يتراجع تدريجيا إلى 610.400 طن في 2015 و547.400 في العام الماضي، بحسب أرقام البنك المركزي. وعلى الرغم من ذلك، أبدى القطاع علامات إنتعاش في كانون الثاني (يناير) من العام، عندما سجل نسبة تحسن ملحوظ من 18.1 % على أساس سنوي إلى 56.600 طن.
وانعكست الانخفاضات في الإنتاج في بيانات التصدير الخاصة بالعام الماضي، مع انخفاض شحنات الفوسفات بنسبة 17 % إلى 308.420 طن، وانخفاض شحنات البوتاس بنسبة 30.5 % إلى 301.694 طن. وتراجعت مبيعات الأسمدة هي الأخرى بنحو 12.5 % إلى 132.523 طن.
ومرة أخرى، جلب الشهر الأول من العام معه نتائج إيجابية، في ضوء ارتفاع صادرات الفوسفات بنسبة 7.3 % على أساس سنوي إلى 21.702 طن، وارتفاع البوتاس بنسبة 65.2% إلى 31.580 طن. وفي الوقت نفسه، ارتفعت شحنات الأسمدة للشهر نفسه بأكثر من الضعف على أساس سنوي إلى 26.288 طن.
الأسواق العالمية والسياق المحلي
ربما يعود جزء كبير من انخفاضات أرقام الإنتاج والتصدير في العام 2016 إلى بيئة الأسعار المنخفضة التي شوهدت في جزء كبير من العام،
ومع ذلك، يتوقع الكثير من المحللين انتعاش أسعار الفوسفات العالمية خلال العام الحالي، مدعومة بارتفاع الطلب. ويقدر تقرير صدر في شباط (فبراير) عن شركة الأبحاث "ماركيتس آند ماركيتس" أن الطلب العالمي على الفوسفات سوف يرتفع بنسبة 9.6 % خلال الفترة الممتدة من العام الحالي وحتى 2012، وصولاً إلى 75.1 مليار دولار من حيث القيمة.
ويمكن لارتفاع الطلب والأسعار، إلى جانب الشراكات الجديدة التي أبرمت حديثا مع عدد من شركاء الأردن في جنوب آسيا، أن تأتي المملكة بمزيد من فرص النمو في كل من قطاعي المنبع والمصب لسلسلة توريد الأسمدة.