جراءة نيوز – عمان : أكد جلالة الملك عبدالله الثاني، دعمه لنقابة المعلمين في تحقيق أهدافها، وخدمة رسالة التعليم النبيلة، وتحسين ظروف المعلمين المعيشية، وتهيئة مختلف الأسباب التي تعينهم على أداء عملهم، إلى جانب مؤسسات الوطن الأخرى تعزيزا لمسيرة البناء والتطوير والتحديث الشاملة.
كما أكد جلالته خلال استقباله في الديوان الملكي الهاشمي أمس، نقيب وأعضاء مجلس نقابة المعلمين، حرصه الكامل على إيلاء قطاع التعليم كل الاهتمام والرعاية، إيمانا بأهمية الدور الذي يقوم به المعلمون والمعلمات في بناء وإعداد أجيال المستقبل القادرة على العطاء والإنجاز، وتلبية احتياجات المملكة من الكفاءات والقوى البشرية المسلحة بالعلم والمعرفة.
وقال جلالته مخاطبا نقيب المعلمين وأعضاء مجلس النقابة "أنتم تقودون المستقبل وكل الدعم لكم مني ومن الحكومة".
من جهته، أكد رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة أن دعم نقابة المعلمين من أهم أولويات الحكومة، فالمعلمون "هم الأساس ولهم كل الدعم، والحكومة على استعداد تام للتعاون مع النقابة لإنجاح مهامها وتطوير مهنة التعليم وتحقيق قفزة نوعية في هذا المجال".
وبين وزير التربية والتعليم الدكتور فايز السعودي أن نقابة المعلمين تلعب دورا مهما جدا في رفد العملية التربوية، مؤكدا أن النقابة رديف مهم للوزارة للنهوض بواقع التعليم في المملكة، وأن المعلم هو جوهر العملية التعليمية.
وعبر نقيب المعلمين مصطفى الرواشدة وأعضاء مجلس النقابة عن شكرهم وتقديرهم لجلالة الملك على اهتمامه الموصول بشؤون قطاع التعليم وتطوير أداء المعلمين.
وقال الرواشدة "إن شاء الله نكون جميعا عند حسن ظن جلالتكم، وستكون هذه النقابة رائدة في خدمة رسالة التعليم ورفعة الوطن".
وأكد "نحن شركاء وسنخدم وطننا، وسندعم مسيرته الخيرة بكل ما لدينا من إمكانات، فالمعلمون هم الجيش الثاني في الدفاع عن الوطن وبناء منظومة قيمية وطنية راسخة، وستعمل النقابة بكل قوة لإعادة الاعتبار إلى التعليم العام من خلال شراكة حقيقية مع الجميع".
وأقام جلالة الملك عبدالله الثاني مأدبة غداء في مدينة الحسين للشباب تكريما لنقيب المعلمين، مصطفى الرواشدة، ومجلس النقابة وأعضاء هيئتها المركزية من جميع محافظات المملكة.
ووجه جلالته أمس رسالة إلى نقيب المعلمين تاليا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة الأخ الأستاذ مصطفى الرواشدة، نقيب المعلمين حفظه الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فيسرنا أن نتوجه إليكم وإلى جميع أعضاء نقابة المعلمين بتحية الاعتزاز والتقدير، وأن نتقدم من كل المعلمات والمعلمين بأحر التهاني وأطيب الأمنيات بالتوفيق بتأسيس هذه النقابة، التي جاءت ترجمة حقيقية لإرادتهم بالتنظيم المهني والنقابي الوطني الهادف والبناء.
وبهذه المناسبة، فإننا نؤكد أن مهنة التعليم هي من أنبل المهن، وتتجلى فيها كل المعاني والقيم الإنسانية الأصيلة، وتعكس الضمائر النقية للمعلمات والمعلمين الذين يشكلون القدوة، ويعطون دون حدود، ويقومون بدورهم الإنساني الرائد لرعاية الأجيال وقيادتهم إلى ميادين العلم والمعرفة والإبداع وفق أسس راسخة، تقوم على المبادئ النبيلة المستوحاة من ديننا الحنيف وقيم العروبة وإرثنا الحضاري، وعلى نحو يليق بتاريخ أردننا الغالي.
لقد جاء دعمنا لتوجه معلمي الوطن لتأسيس نقابتهم احتراما وتقديرا واعتزازا برسالة المعلم الإنسانية النبيلة، التي تقوم على إعداد أجيال المستقبل، وتسليحهم بالعلم والمعرفة لمواجهة تحديات العصر، ولكونه جوهر العملية التربوية الناجحة وأساسها، ولأهمية دوره في تعزيز قيم الانتماء والمواطنة الصالحة في وجدان أبنائنا وبناتنا الطلبة، الذين نعول عليهم في حمل رسالتنا في الحرية والعدل وحفظ كرامة الإنسان إلى العالم أجمع، وأن الأردن هو المثال في ديمقراطيته وتعدديته وانفتاحه على العالم.
إن تأسيس نقابة للمعلمين جاء كخطوة هامة على طريق الإصلاح وتعزيزاً لمسيرتنا الديمقراطية، فانتخابات نقابة المعلمين بمراحلها كافة، شكلت مثالا واضحا وتجربة ناجحة للعملية الانتخابية الحرة والممارسة الديمقراطية النزيهة بأبهى صورها.
وتكمن الدعامة الأساسية لنقابة المعلمين في دورها كمؤسسة وطنية فاعلة ومؤثرة في العمل الوطني الجماعي المنحاز للوطن والمواطن، وبلورة رؤى وخطط وبرامج للارتقاء بمهنة التعليم ورسالة المعلم وتطويرها والمحافظة على أخلاقياتها وتقاليدها، لا سيما في الحفاظ على حقوق المعلم وكرامته ورفع مستواه العلمي والثقافي والاجتماعي، لتمكينه من تحقيق أهداف العملية التعليمية وترجمتها إلى واقع ملموس بحيث يتجسد فيها إرثنا الوطني وتتواءم مع متطلبات الحداثة والتطوير.
وحتى تتمكن نقابتكم من القيام بدورها المنشود، فإنها مدعوة إلى بناء شراكات حقيقية مع القطاعات والمؤسسات المعنية بدعم العملية التربوية التعليمية، وفي مقدمتها وزارة التربية والتعليم، ومؤسسات القطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام، لحفزهم جميعا على تحمل مسؤولياتهم تجاه أجيال المستقبل، وإلى التعاون كذلك مع الجهات الوطنية المعنية لتعزيز الروح العلمية القادرة على المنافسة والإبداع، والتي يكتمل بها نموذجنا الوطني في المعرفة.
إن ضمان حصول أبنائنا وبناتنا الطلبة على أفضل مستويات التعليم، وبناء قدرتهم للمشاركة بفاعلية في مسيرة البناء والإنجاز، ومواجهة التحديات هو في مقدمة الأولويات التي نسعى إلى تحقيقها وترجمتها على أرض الواقع، وبهمتكم وبهمة جميع المعلمين والمعلمات، سنتمكن من تحقيق هذا الهدف الأسمى، والنهوض بمسيرتنا التعليمية إلى أعلى المستويات.
إننا على ثقة بأن المعلمين والمعلمات الأجلاء هم الأقدر على المبادرة الإيجابية وتقديم الأفكار، التي تسهم في ترسيخ مبادئ الحوار وطرح الرأي وقبول الرأي الآخر، فالاتفاق والتفاهم بالحجة وبالمنطق، هو طريقنا للانطلاق إلى آفاق رحبة من الابتكار والتميز والإنتاج النوعي، وبناء أجيال لا تستكين للواقع، ولا ترضى بالممكن والمتاح، بل تسعى دائما نحو الأفضل، والمضي إلى المستقبل بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين، والتألق في الابتكار والعطاء دون حدود.
ورؤيتنا للأردن الحديث تقوم على ركائز أساسية من أبرز سماتها تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة والحياة الآمنة الكريمة لبنات وأبناء شعبنا. ومن هنا، فإننا مستمرون في توجيه الاهتمام والرعاية للمعلمين والمعلمات وتحسين ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، حتى يتمكنوا من أداء رسالتهم على أكمل وجه، فمنذ باكورة تحملنا لأمانة المسؤولية، أطلقنا عدة مبادرات للنهوض بقطاع التعليم ومكونات العملية التربوية: المعلمين، والطلاب، والبنى التحتية، والمناهج. والرؤية التي كانت تجمع البرامج المتنوعة والمتفرعة عن هذه المبادرات هي النظر إلى العملية التعليمية ومخرجاتها كجسر أساسي للوصول إلى مرحلة اقتصاد المعرفة، وتوفير بيئة مدرسية صحية وآمنة على امتداد ربوع الوطن، وزيادة الوعي بالمسؤولية الاجتماعية لمختلف القطاعات تجاه العملية التعليمية.
وتوالت الإنجازات فعلا من حيث حوسبة المناهج العلمية، وتبني أسس التفكير الناقد والمبدع والبحث العلمي في العديد منها، وزاد انتشار المدارس ذات البنية التحتية النموذجية، والعمل مستمر في تعميم رياض الأطفال، وربط المدارس إلكترونياً، وتحسين البيئة التعليمية عبر الصيانة والتوسعة المستمرة للبنى التحتية، وتطوير المختبرات والمناهج وحوسبتها، ودعم وتحسين برامج التغذية المدرسية، بالشراكة بين القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والفاعلين في المجتمعات المحلية، وتم إحراز تقدم ملموس في إدخال مناهج تعليم الحاسوب واللغة الإنجليزية في مراحل مبكرة من التعليم الأساسي لردم الفجوة الرقمية وضمان عدالة الفرص التعليمية.
وقد تمكنّا، بتوفيق من الله، من إنجاز عدد من المؤسسات والمبادرات المستدامة التي تعكف على تمكين المعلمين من أحدث الوسائل والمناهج التعليمية من حيث التقنية والتفاعلية وإحياء ثقافة المنافسة الإيجابية عبر جوائز تقديرية للمعلمين المتميزين على مستوى الوطن، وبرزت أيضاً مبادرات أخرى تربط الطلاب بأقرانهم في مجتمعات عالمية متنوعة من خلال الاستخدام المبدع لوسائل الاتصال الحديثة، ومن أهم الفئات التي حرصنا على إيلائها الدعم والتمكين هم الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أنشئت لهم مدارس بمواصفات نموذجية، والطلاب الأيتام، فخصصت لهم برامج التعليم والرعاية والتدريب.
وختاما، فإننا على ثقة بأنكم ستكونون نعم السند والعون في ترجمة جميع الجهود التي تصب في تطوير العملية التعليمية إلى واقع ملموس، وبشكل خاص العنصر البشري متمثلاً بالمعلمين والطلاب. ولن نألو جهداً لبث مزيد من الدعم والتحفيز والتطوير الذي تسمح به مواردنا وإمكاناتنا، لأن التعليم هو الأولوية الوطنية الأولى.
وفقكم الله جميعاً في سعيكم المخلص لخدمة وطننا الغالي، وإعلاء بنيانه، وتعزيز مسيرته، وتعظيم إنجازاته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخوكم
عبدالله الثاني ابن الحسين
عمان في 29 جمادى الآخر 1433 هجرية
الموافق 21 أيار 2012 م
وكان نقيب المعلمين مصطفى الرواشدة عبر في كلمة أمام جلالة الملك خلال مأدبة الغداء، باسم معلمي الوطن عن تقديره للفتة جلالته الكريمة باستقبال ممثلي المعلمين والاستماع الى همومهم ومطالبهم.
وعرض عددا من مطالب المعلمين والتي تمثلت بإصلاح العملية التربوية، والاهتمام بالتعليم النوعي وإخراجه من مجرد شعارات الى تطبيق فعلي ملموس.
وقال الرواشدة إننا نرى أن الإصلاح التربوي بمختلف عناوينه هو مقدمة ضرورية للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يتطلع إليه شعبنا وينادي به، خاصة أن المعلمين يمثلون شريحة واسعة ومؤثرة في المجتمع، ويؤخذون على عاتقهم بناء الوطن وتحصين وعي أجياله.
وأَضاف أن النقابة تتطلع أن تكون شريكا حقيقيا مع وزارة التربية والتعليم للنهوض بالعملية التربوية من خلال برامج مشتركة وفي مقدمتها التدقيق والمراجعة المستمرة للمناهج الدراسية، واختيار ما من شأنه الإسهام في بناء جيل قادر على حماية الوطن وتحمل مسؤولياته الوطنية والإنسانية مع الحرص على إعادة الاعتبار للتعليم العام الذي يمثل الركن الأساس في العملية التربوية.
كما تضمنت المطالب توفير الدعم للمعلمين ونقابتهم الفتية من خلال تحويل مقرات أندية المعلمين الى مقرات للنقابة لتتمكن من ممارسة دورها المهني الهادف لتكون رافعة من روافع الوطن.
وتضمنت المطالب الحصول على قطع أراض في مختلف المحافظات لتوفير إسكان للمعلمين تقديرا لجهودهم ودورهم التعليمي والتربوي، ورفع نسبة مكرمة أبناء المعلمين في الجامعات الأردنية.
وقال الرواشدة "نعاهد الله أن نكون بناة لهذا الوطن العزيز وحراسا على أجياله واضعين نصب أعيننا المصلحة العليا للأردن وشعبه العظيم، ونعدكم يا جلالة الملك ونعد شعبنا أن تكون نقابة المعلمين مثالا يحتذى وأنموذجا يعتز به الوطن في الإعلاء من شأن مهنة التعليم وحمايتها والدفاع عن حقوق أعضائها التي لا يمكن أن تنفصل عن حقوق الشعب والوطن معا، وسنظل سيوفا مشرعة في الدفاع عن وطننا الغالي في مواجهة كل الأعداء مهما كانت مسمياتهم".
وقال وزير التربية والتعليم الدكتور فايز السعودي في تصريحات لـ (بترا)، إن الوزارة تنظر الى نقابة المعلمين على أنها حاضنة لجهود المعلمين بشكل عام والأساس في بناء قدرات المعلمين.
وأضاف إن هناك تعاونا كاملا مع نقابة المعلمين وفق القوانين والأنظمة من اجل القيام بمهمتنا الأساسية فيما يتعلق بعملية التعليم التي تشكل جانبا تكامليا بين الوزارة والنقابة.
وحضر اللقاء والمأدبة رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة ورئيس الديوان الملكي الهاشمي رياض أبو كركي، ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، ووزير التربية والتعليم الدكتور فايز السعودي، والمستشار في الديوان الملكي الهاشمي عامر الحديدي، وأمين عام الديوان الملكي الهاشمي يوسف العيسوي وعدد من المسؤولين.