ما بين شعار "الحرية لأسماء حمدي" و"الحرية لإبراهيم رجب"، هناك الكثير من الدراما التي لم ترها قبل ذلك في أفلام مصرية.. دراما تبدأ بسجن بطلة الحكاية وتنتهي باختطاف وحبس البطل في اللحظة التي كان يترقب فيها إطلاق سراح حبيبته، وبين الموقفين الكثير من رسائل الحب، والورود، وحكايات الوفاء.
القصة بدأت قبل 3 سنوات، فأسماء حمدي، طالبة الفرقة الثانية في كلية طب الأسنان بجامعة الأزهر، تعرضت لانقلاب في حياتها، فقد تحولت إلى رقم في سجلات سجن مصري، بعد أن اعتُقلت وسط حملة اعتقالات عشوائية في الجامعة إثر مظاهرات معارضة للجيش الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي عام 2013.
قبيل ذلك بفترة بسيطة، كانت أسماء قد تعرفت على إبراهيم بأحد الأنشطة الاجتماعية ثم تقابلا أكثر من مرة بعد ذلك في أنشطة أخرى، وبدأت قصة الحب بينهما التي زلزلها كابوس اعتقالها.
بعد اعتقال أسماء من حرم الجامعة في يونيو/حزيران من عام 2014، اقتيدت إلى قسم أول مدينة نصر الذي احتُجزت فيه أكثر من أسبوعين قبل أن تُنقل إلى سجن القناطر الذي قضت فيه 6 أشهر قبل أن يتم تشريدها إلى سجن دمنهور في دلتا مصر. في عربة الترحيلات إلى القسم، كان إبراهيم هو أول من قفز إلى رأسها لتخبره بنبأ اعتقالها. تقول أسماء: "كان إبراهيم أكثر من فكرت فيه بعد والدتي، كيف سيستقبل الخبر؟ وماذا سيفعل؟".
مرت الأيام ثقيلة، أسبوع وشهر وعام وعامان وثلاثة! وتمت خطبتهما في السجن. لم يملَّ إبراهيم من متابعة جلسات أسماء في المحاكم وتحمَّل عناء السفر لحضور الزيارات في السجن، رغم أن دخوله السجن لم يكن دائماً مضموناً؛ لأنه ليس من أقرباء الدرجة الأولى. لم يكن أيضاً يتوقف عن التفكير في طرق إسعادها.
تروي أسماء أنه في أحد الأيام سافر إلى السجن خصيصاً ليهديها الورود في زيارة أحد الأهالي، كما أرسل إليها خاتم زواج أخذته منها "السجّانة" أكثر من مرة، كان آخرها عند ترحيلها من سجن القناطر إلى سجن دمنهور، فقد تعرضت وقتها لتفتيش قاسٍ، وأخذت السجانة الخاتم ورمته على الأرض أمام عينيها بعنف.
الرسائل المهرّبة.. المخدّرات!
تماماً، مثل المخدرات، يتم تهريب الرسائل بين الحبيبين إلى السجن بأعلى درجات الحرص والسرية ووفق خطة محكمة.. كانت تلك الرسائل التي تحمل عبارات الحب ورسمات لقلوب، هي وسيلة التواصل الوحيدة في تلك الفترة.. القلم والورقة وطيف إبراهيم ومصحفها كانوا أنيسها في غياهب السجون، وكان يتم تهريبها إما برشوة للسجانة وإما بطريقة ماكرة تخترعها أسماء وصاحباتها؛ لأن الرسائل المهرّبة قد تتعدى في بعض الأحيان 25 ورقة.
الورود هي الطريقة المثلى للتعبير عن الحب
تحب أسماء الورود كثيراً، ولكن رحلة إبراهيم إلى السجن طويلة تزيد على 300 كم! بحث عن طريقة يحافظ بها على باقة الورود نضرة خلال سفره الشاق، فطلب من البائع وضعه في صندوق خاص، ونجح فعلاً في أن يصل به دون أن يتأثر بحرارة الشمس الحارقة.
الصدمة!
في جلسة الحكم، كانت توقعات المحامين أن البراءة هي ما سينطق به القاضي لا محالة، ولكن الحكم الذي صدر في فبراير/شباط 2016 كان صادماً، فقد حُكم عليها وعلى كل المتهمات في القضية بالحبس 5 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه، استغرق الأمر بعد ذلك نحو 10 أشهر وأكثر من 5 استشكالات حتى حكم القاضي بالبراءة.
الفصل الأخير
الدراما لا تنتهي بالبراءة، فهناك فصل جديد كان على وشك أن يبدأ؛ فقبيل حكم الإفراج بأيام كان إبراهيم بصحبة صديق لشراء نظارة جديدة لأسماء، اتصلت عليه والدة أسماء فأخبرها بأنه سيقابلها بعد 10 دقائق، لكنه لم يأتِ أبداً؛ فقد انضم إلى مئات المختفين قسرياً!
علمت أسرة إبراهيم أن قوات الأمن اعتقلته وصديقه لتقضي على أحلامه التي كان أخبر بها قبل ذلك "هافينغتون بوست عربي"؛ وهي أن يقيم احتفالات للبراءة تعوض عن أسماء شيئاً من آلامها.
ظهر إبراهيم مجدداً بعد اختفاء قسري دام 81 يوماً ولكن في النيابة، وقصّ على أسماء أنه لاقى كل أنواع العذاب في أثناء اختفائه.. كانت ثيابه أيضاً مليئة بالدماء والجروح تملأ جسده ولم يكن يقوى على الوقوف 5 دقائق متواصلة.. كان إبراهيم لسنوات يرفع لافتات "الحرية لأسماء حمدي"، والآن انقلبت الآية فاللافتة تقول: "الحرية لإبراهيم رجب".
هافنغتون بوست