قضايا الفساد تضيق الخناق على نتنياهو

تواصل الشرطة الإسرائيلية التحقيقات في شبهات الفساد ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسط مطالبات بإقصاء نفسه، عن وزارة الاتصالات التي يتولاها، على ضوء ما تكشف عن اتصالاته مع وسائل الإعلام لتجنيدها لصالحه. واعترف نتنياهو أمس لأول مرّة، بأنه قرر حل حكومته والتوجه الى انتخابات مبكرة، جرت في ربيع العام 2015، كي يمنع سن قانون كان من شأنه أن يوجه ضربة لصحيفة "يسرائيل هيوم" اليومية المجانية الداعمة له.
وتفرد وسائل الإعلام، منذ ثلاثة أسابيع مساحات واسعة لتغطية قضية المحادثات المسجلة بين نتنياهو، وبين صاحب أكبر صحيفة إسرائيلية "يديعوت أحرنوت"، وموقعها على الإنترنت "واينت"، في محاولة لتجنيد الصحيفة وموقعها لصالح نتنياهو، أو أن تحسن لهجتها تجاهه، مقابل وعود متفرقة. ويخضع صاحب الصحيفة أرنون موزيس لتحقيقات مكثفة في الشرطة، إذ خضع أمس لعدة ساعات، وسبقها تحقيق دام 8 ساعات مساء أول من أمس.
وحسب ما نشر أمس في وسائل الإعلام، فإن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت، وبصفته المدعي العام الأعلى، رفض طلبا للشرطة بإجراء تحقيقين منفصلين في آن واحد مع نتنياهو وزوجته سارة. واتهمت صحيفة "هآرتس" المستشار مندلبليت بأنه يتجاوز أصول عمله كي يخدم نتنياهو الذي عينه في منصبه.
وهاجم نتنياهو في تغريدة في صفحته على الفيسبوك وسائل الإعلام التي تلاحق قضيته، مدعيا أن الحقائق بغير ما تنشر. إذ يجري تسليط الضوء على أن نتنياهو كان قد وعد موزيس، بأن يوافق على سن قانون من شأنه أن يفرض قيودا على حجم انتشار وعدد صفحات الصحف اليومية المجانية، وهو القانون الذي من شأنه أن يشكّل ضربة قاصمة لصحيفة "يسرائيل هيوم"، التي بدأت تصدر في منتصف العام 2007، بتمويل كامل من الثري الأميركي اليهود شلدون إدلسون، اليمين العنصري المتطرف.
وكان الكنيست قبل الانتخابات الأخيرة، قد أقر بالقراءة التمهيدية مشروع قانون كهذا، إلا أن نتنياهو ضغط لتجميد عملية التشريع. ثم فاجأ الجمهور بقراره حل الحكومة والتوجه الى انتخابات مبكرة، بعد عامين فقط على الانتخابات السابقة. وكما ذكر فإن نتنياهو اعترف أمس، بأن قراره بحل حكومته السابقة كان لمنع اقرار القانون كليا.
وكتب في التغريدة إياها: "كوني ممنوعا من الدخول في تفاصيل التحقيق لا يمكنني الا أن اقول الامور التي هي علنية ومعروفة للجميع: فالكل يعرف أني عارضت معارضة شديدة قانون "يسرائيل هيوم"، ذاك الذي أعده آخرون وبادروا اليه قبل انتخابات 2013 بكثير. وعلى مدى اشهر طويلة منعت طرح القانون على التصويت العاجل. وما أن جاء التصويت حتى صوت ضد القانون مع مجموعة من النواب ضمت اغلبية رفاقي في الليكود. ومعروف ايضا انه حتى بعد ان اجيز القانون بأغلبية كبيرة، قررت حل الحكومة وذهبت لانتخابات برلمانية، بسبب التآمر من داخل الحكومة لإقرار القانون. كما أن الكل يعرف أنه مع إقامة الحكومة الجديدة بعد الانتخابات أدخلت بندا صريحا في الاتفاقات الائتلافية لمنع تكرار مثل هذا التشريع".
وحسب معلومات نشرت في الأيام الأخيرة، فإن هذه الصحيفة خسرت منذ يومها الأول ما يقارب 240 مليون دولار، وأن من يسدد الفاتورة هو إدلسون، الذي يُعد من كبار أثرياء العالم.
وهاجم رئيس حزب "العمل" المعارض يتسحاق هيرتسوغ أمس، نتنياهو داعيا إياه إلى إقصاء نفسه في هذه المرحلة عن حقيبة الاتصالات، بسبب ما يتم الكشف عنه. وهدد بالتوجه إلى المحكمة العليا لإلزام نتنياهو بالابتعاد عن هذه الحقيبة. أما رئيس حزب "يوجد مستقبل" المعارض، يائير لبيد، فبعد أن انتقد نتنياهو طالب بعدم الاسراع في الحكم عليه الى حين استيضاح قرار الشرطة والنيابة بشأن تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو.
ويختلف الحقوقيون في تقييم القضية العينية، ففي حين يرى بعضهم أن هذه القضية لن تنتهي بلائحة اتهام، يصر آخرون على أنها تجاوز ومحاولة التآمر على تلقي أمور بطرق غير مشروعة. ويذكر أن نتنياهو يخضع لتحقيقات ايضا حول تلقيه "هدايا" وأموال غير مشروع من أثرياء كبار مقابل مساعدتهم في مصالح لهم في البلاد والعالم.