وزاد مدراء المال، من جهتهم، رهاناتهم لمصلحة نفط غرب تكساس الوسيط المنخفض لأول مرة منذ 5 أسابيع، وذلك مع انضمام العراق إلى إيران ونيجيريا وليبيا في سعيهم إلى النأي عن أول اتفاق تخفيض للإنتاج تبرمه "أوبك" في 8 سنوات.
وتم التوصل إلى الاتفاق في اجتماع المنظمة في الجزائر، في الـ28 من شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، والذي رفع التوقعات المستقبلية للذهب الأسود. ولكن الاختلافات الداخلية حول كيفية تنفيذ التخفيضات حالت دون تحصيل التعاون المطلوب من الموردين الرئيسيين هذا الأسبوع في فيينا.
وبواقع الحال، كانت منظمة الأوبك اتفقت في العاصمة الجزائرية على تخفيض الإنتاج إلى ما يتراوح بين 32,5 و33 مليون برميل يومياً، وسوف توضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) في اجتماع فيينا.
وفي الحقيقة، ساعد الاتفاق المبدئي في رفع أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها في 15 شهراً، متجاوزةً الـ50 دولاراً للبرميل، في وقت سابق من الشهر الماضي.
وعلى الرغم من سقوطه في خانة الشك، ستمضي المنظمة في العهد الذي قطعته على نفسها. فيما أسفرت أكثر من 18 ساعة من المحادثات، على مدى يومين في العاصمة النمساوية نهاية الأسبوع الماضي، عن ما يتجاوز الوعد بقليل وهو أن أكبر منتجي النفط في العالم سيواصلون المحادثات أيضاً للتوصل إلى حل للوضع النفطي الراهن.
وفي هذا السياق، قال مدير الاستثمار الإقليمي في مجموعة "بنك ذا برافيت كلاينت أوف يو إس إيه"، والذي يتخذ من يوتا مقراً له ويشرف على أصول تصل قيمتها إلى 136 مليار دولار مارك واتكينز: "قد يكون من المستحيل للأوبك أن تتوصل إلى اتفاق بشأن تخفيض الإنتاج". وأضاف: "أفضل ما يمكن توقعه بشكل واقعي، هو اتخاذ خطوة التجميد. ويحتمل أن يتم السماح لإيران وليبيا ونيجيريا برفع إنتاجها إلى مستويات ما قبل الإنقطاع".
وأشارت أوبك الشهر الماضي إلى أن كلا من إيران وليبيا ونيجيريا سوف تعفى جميعها من أي تخفضيات، والسبب يعود إلى العقوبات والقضايا الأمنية التي أعاقت وقلصت إنتاجها. ويريد العراق، المستشهد بحربه مع مسلحي تنظيم "داعش"، أن يُعامَل المعاملة ذاتها.
من جهته، قال محلل الطاقة في "سيتي فيوتشرز بيرسبكتيف" في نيويورك، تيم إيفانز: "هناك متسع كبير من الوقت للسوق حتى تتحول، وربما تتحول مرة أخرى قبل اجتماع 30 تشرين الثاني (نوفمبر)". وتابع: "ربما لن يجيب حتى اجتماع الأوبك الرسمي عن جميع التساؤلات التي تخالجنا، بينما سنحتاج إلى وقت إضافي أيضاً لتقييم الامتثال للاتفاق من جهة، ومشاهدة إذا ما كان له أي تأثير على السوق من جهة أخرى".
تحويل السوق
بالإضافة إلى ارتفاع مبيعات خام غرب تكساس الوسيط في الأسبوع المنصرم يوم الـ25 من تشرين الأول (أكتوبر)، خفضت صناديق التحوط عمليات شرائها، أو راهنت على أن الأسعار سوف ترتفع، وفقاً لبيانات "لجنة تجارة العقود الآجلة للسلع الأساسية".
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0,7 % إلى 49,96 دولار للبرميل في الأسبوع الذي صدرت فيه البيانات. وانخفضت الأسعار لليوم الثاني على التوالي يوم الاثنين الماضي، من 0,4 % إلى 48,52 دولار للبرميل في تمام الساعة 12:09 مساء بتوقيت سنغافورة.
وفي هذا الخصوص، قال رئيس البحوث في السوق النفطية لـ"سوسيتيه جينرال إس إيه" في نيويورك، مايك ويتنر: "لا يبدو الوضع جيداً في الوقت الراهن، لكن هذه الأمور غالباً ما تحدث. وهناك الكثير على المحك هنا، ففي حال لم تتوصل المنظمة إلى اتفاق، ستهوي أسعار النفط كحجر هاوٍ وصولاً إلى سعر 40 دولار للبرميل في وقت قصير جداً".
لقد ضخ 14 عضوا من أعضاء الأوبك كمية 33,75 مليون برميل يومياً في أيلول (سبتمبر)، وفقاً لتقديرات بلومبيرغ. وارتفع الإنتاج العراقي إلى 4,54 مليون برميل في اليوم في الشهر نفسه، بينما ارتفع الإنتاج الإيراني إلى 3,63 مليون برميل في اليوم، المستوى الأعلى له منذ حزيران (يونيو) العام 2011.
وعلق إيفانز على الأمر قائلاً: "يبدو أن هناك بعض كميات الإنتاج الإضافية في كل من نيجيريا وليبيا، لذلك ربما نجد أن انتاج أوبك قد ارتفع إلى رقم قياسي بالنسبة للشهر الماضي. وهذا يؤكد التحدي وتصاعد الضغوطات التي تواجهها الأوبك".
في نهاية المطاف، تسعى أوبك خلف مساندة الدول غير الأعضاء فيها لسياسة التخفيض خاصتها بغية رفع الأسعار. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أوضح في اجتماع اسطنبول في الـ10 من الشهر الماضي أن دولته مستعدة لتخفيض الإنتاج.
وأوضح ويتنر هنا: "أعتقد أنه سيتم التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف، وذلك لأن هناك الكثير على المحك. وفي حال لم يكن هناك من تقدم على المدى القصير، أعتقد أنك سترى السعودية تجتمع بروسيا وإيران والعراق للتوصل إلى إتفاق من نوع ما. ولكل من هذه الدول حوافزها في التوصل إلى اتفاق حتى قبل 30 تشرين الثاني (نوفمبر)"