ربما يواجه المصريون أزمة جديدة في رغيف الخبز بعد 5 أشهر من الآن، وذلك مع تفاقم أزمة استيراد القمح وعدم وجود عروض في المناقصات التي طرحتها الحكومة المصرية خلال الشهر الجاري لتوريد القمح لمصر.
حيث أعلنت وزارة التموين المصرية في بداية اب (أغسطس) الماضي، أن احتياطي القمح يكفي فقط لمدة 6 أشهر وذلك حتى منتصف شهر فبراير المقبل، ما يشير إلى أن استمرار عدم الدخول في المناقصات التي تطرحها مصر لاستيراد القمح يدفع إلى وجود أزمة في توفير رغيف الخبز المدعم.
مصادر رسمية بوزارة الزراعة المصرية حددت 5 أسباب للأزمة التي تشهدها مصر في الوقت الحالي، خاصة مع اتجاه بعض الدول لفرض مزيد من الضغوط على مصر التي رفضت استلام القمح المصاب بفطر الارجوت، وهو أول الأسباب التي أدت إلى عدم وجود عروض في المناقصات الأخيرة لاستيراد القمح.
وردت روسيا على القرار المصري برفض استلام شحنات قمح مصابة بفطر الارجوت بتعليق مؤقت لوارداتها من الفاكهة والخضراوات المصرية، كما أعلنت دول أخرى رفض استيراد بعض المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية من مصر.
وأوضحت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها في تصريحات خاصة لـ "العربية.نت"، أن السبب الثاني يتمثل في نقص عدد صوامع القمح، ما دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي إلى التوسع في إنشاء صوامع جديدة مع بداية العام الماضي، حيث أعلنت الحكومة في إبريل من العام الماضي عن مشروع قومي لإنشاء 61 صومعة جديدة لتخزين مليونين و780 ألف طن من القمح.
ويتمثل السبب الثالث في فساد منظومة صوامع القمح والتي استقال على إثرها وزير التموين المصري السابق، الدكتور خالد حنفي، صاحب منظومة رغيف الخبز التي أدت إلى تقليص سرقة الدقيق المدعم، حيث كشفت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس النواب المصري أن إجمالى العجز فى الصوامع والشون التي زارتها اللجنة وبلغ عددها 12 صومعة وشونة، يصل إلى 559.7 مليون جنيه.
ولا يتوقف الفساد عند الاختلاسات ولكنه تجاوز ذلك إلى وجود نسب كبيرة في كمية الفقد، حيث قدرت وزارة الزراعة المصرية حجم الهدر في القمح المحلي بسبب الممارسات الخاطئة في التخزين في الشون الترابية والمفتوحة والفساد بنحو 20% أي نحو مليون طن قمح، بينما قدرته جهات غير رسمية بنحو 40% أي نحو 2 مليون طن تساوي ما يقرب من نصف الكمية التي اشترتها الحكومة المصرية من المزارعين خلال العام الجاري.
أما السبب الرابع فيتمثل في تراجع الكميات المزورعة من القمح، ووجود خلل في شراء القمح من المزارعين المصريين، ما تسبب في انصراف عدد كبير من المزارعين عن زراعة القمح، حيث اشترت الحكومة نحو 5 ملايين طن هذا العام، من إجمالي إنتاج يصل إلى 9 ملايين طن، وفقاً للأرقام الرسمية المعلنة.
وتابعت المصادر: إن الحرب بين التجار والحكومة أحد أسباب الأزمة، وبحسب المصادر "ربما يكون السبب الخامس هو المحرك الرئيسي لكل ما تشهده مصر من أزمات في ملف القمح خلال الفترة الحالية"، خاصة أن كبار المستثمرين كانوا يستوردون القمح من الخارج ويبيعونه للحكومة المصرية على أنه قمح مصري، وذلك لتربح فارق السعر بين القمح الرخيص المستورد وبين القمح المزورع في مصر والذي كانت تشتريه الحكومة بأسعار مدعمة لدعم المزارع المصري.
ولا توجد أرقام رسمية واضحة لتكلفة استيراد القمح، لكن وفقا للأرقام المتاحة فإن مصر تستورد قمحا بنحو 1.1 مليار دولار سنوياً، أما القمح المحلي الذي اشترته الحكومة من الفلاحين ويبلغ نحو 5 ملايين طن فوصلت الفاتورة إلى نحو 14 مليار جنيه منها نحو 3.7 مليار جنيه لدعم المزارعين.
أما دعم منظومة الخبز والسلع التموينية فإنه يتجاوز نحو 41 مليار جنيه، منها نحو 23 مليار جنيه لدعم رغيف الخبز فقط.
وطرحت الهيئة العامة للسلع والتابعة لوزارة التموين المصرية 3 مناقصات عقب فرض الشروط الجديدة لاستيراد القمح، ولم يتقدم للمناقصة الأولى التي طرحت في 31 اب (أغسطس) سوى عرض واحد وتم إلغاؤها، بينما لم يتقدم أي أحد من الموردين للمناقصة الثانية التي عقدت الجمعة الماضية 16 ايلول (سبتمبر)، والثالثة التي تم طرحها في 19 ايلول (سبتمبر).
وقال محمد الشحات، المستشار الإعلامي والمتحدث باسم وزارة التموين المصرية، إن الوزارة ستخاطب مجلس الوزراء من أجل دراسة ما يلزم لاستئناف استيراد القمح، وذلك في حال لم تتمكن من توفير عقود من التجار بالمناقصات المقبلة.
وأوضح الشحات في مقابلة مع قناة "العربية" أن قرار وقف استيراد القمح المحتوي على نسب من فطريات "إرجوت" يعود إلى وزارة الزراعة المصرية، وهي التي قررت بعد مطالبات من مجلس النواب ومن الشارع المصري منع الاستيراد، مؤكدا أن وزارة التموين تنظر لهذا القرار من ناحية تجارية.
وأشار إلى طرح وزارة التموين 3 مناقصات لشراء القمح بالشروط الحالية، و"لم يتقدم إليها أحد من التجار"، مؤكدا أن "التجار لا يقاطعون مصر بل يحجمون عن التوريد خشية رفض الشحنة وتحمل خسائر النقل".