غادرت قريتها الصغيرة التي تدعى "عي" الواقعة في محافظة الكرك جنوبيالأردن، الأسبوع الماضي، دون إخبار أهلها، في طريقها إلى العاصمة عمان،لتستقل أول طائرة متوجهة إلى تركيا، ومن ثم إلى سوريا، للانضمام إلى تنظيمالدولة.
"ح.م" الأحرف الأولى من اسم الفتاة، التي نحتجباسمها الصريح، وذلك لاعتبارات متعددة، فالفتاة من مواليد العام 1990،وتعدّ أول فتاة أردنية حاولت الانضمام إلى تنظيم الدولة في سوريا، وتبلغ منالعمر 25 عاما، وتحمل شهادة البكالوريوس في الرياضيات، وتعمل في محل لبيعالملابس، يعود ملكيته لوالدها في محافظة الكرك.
بحسب رواية المصدر الذي روىتفاصيل محاولة انضمام "ح.م" إلى تنظيم الدولة، إذ وافق على ذكر الأحرفالأولى من اسمه أيضا، وذلك لاعتبارات مختلفة أهمها عشائرية، قال "ع.م"" إن "الفتاة "ح.م" كانت تتواصل مع بعض عناصر تنظيم الدولة عبرموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قبل سفرها إلى تركيا للانضمام إلى تنظيمالدولة".
وتابع "ع.م" المقرب من العائلة، قائلا: "بعد الاتفاق ما بين الفتاة وتنظيمالدولة، أرسل التنظيم من جهته فتاة مجهولة الاسم والشكل، يعتقد بأنها سوريةالجنسية، حيث كانت تلبس الخمار ولم تعرّف عن نفسها أو اسمها، وقامت بتسليممغلف إلى ح.م، الذي كان يحتوي على تعليمات من التنظيم عن كيفية السفرإليه، إضافة إلى مبلغ من المال، وجواز سفر فيما يبدو أنه كان مزورا"، وفققوله.
وواصل المصدر حديثه بالقول: "بالفعل استلمت الفتاة المغلف، وحددت بعد ذلك،موعد السفر، وتحضرت له، وغادرت المنزل دون إخبار أهلها، إذ اتصلت مع أهلهاهاتفيا بعد وصولها تركيا، وأخبرتهم عن رغبتها بالانضمام إلى تنظيم الدولة".
ووفقا لرواية المصدر، "افتقد ذوو الفتاة ابنتهم في أول يوم من غيابها عنالمنزل، حيث لم تعد، فقاموا بإبلاغ الأجهزة الأمنية عن اختفائها، وبدورهاقامت الأجهزة بواجبها وبحثت عن الفتاة، ولكنها لم تجد لها أي أثر داخلالبلاد، حتى أنه لم يرد اسمها على الحدود، الأمر الذي يرجح فرضية مغادرتهاالبلاد بجواز سفر مزور".
وأوضح "ع.م" قائلا: "هنا بدأت رحلة معاناة الأهل، وذلك في كيفية البحث عنطريقة لإعادة ابنتهم إلى منزلها، وإقناعها بضرورة ترك التنظيم، فقاموابالاتصال مع النائب في مجلس النواب مازن الضلاعين الذي يقطن محافظة الكركأيضا، وذلك لما له من خبرة وسابق تجربة مع تنظيم الدولة، وذلك للاتصال بهاوإقناعها بالعودة، حيث كان نجله محمد أحد أعضاء التنظيم".
وكان محمد نجل النائب مازن الضلاعين، قتل بعد تنفيذه عملية تفجيرية، فيمنطقة الجرايشي شمال مدينة الرمادي في العراق قبل أشهر قليلة، حيث التحقمحمد الضلاعين الذي كان يبلغ من العمر 21 عاما، بتنظيم الدولة، متسللا إلىسوريا عبر الأراضي التركية ، التي وصل إليها من أوكرانيا، حيث كان يدرسالطب هناك، فيما حاول والده النائب مازن الضلاعين آنذاك إعادته إلى الأردن،من خلال الاتصال مع أصدقائه ممن ينتمون إلى تنظيم الدولة، لكن محاولتهباءت بالفشل.
وعودة إلى المصدر "ع.م"، قال: "بعد تزويد الأهل برقم هاتف ابنتهم للنائب مازن الضلاعين، وبعد الاتصالات التي تمت ما بين النائب والفتاة، فقد أقنعهابالعودة، تارة بالترغيب وتارة أخرى بالترهيب، مستفيدا بذلك من تجربةالاتصالات السابقة بخصوص نجله محمد".
بيد أن الراوي "ع. م" أشار،إلى صعوبة بالغة في كيفية عودة الفتاة من تركيا، حيث كانت قد استقطبهاعناصر من تنظيم الدولة هناك، وأنزلوها في منزل تابع لهم، وهذا الأمر صعّبطريق العودة، ولكن النائب تمكن من إرشاد الفتاة إلى طريق للهروب، حيثأخبرها بضرورة تسليم نفسها إلى أقرب مركز أمني تركي".
وقال "ع.م": "بعد أن سلمت الفتاة نفسها للمركز الأمني، قام النائب الضلاعينبالاتصال مع السفارة الأردنية في إسطنبول، وأخبرهم بضرورة استلام الفتاةمن المركز الأمني، وإعادتها إلى الأردن، وبالفعل قامت السفارة باستلامالفتاة، وأصدرت لها جواز سفر رسمي، وحجزت لها على أول طائرة متوجهة إلىالعاصمة عمان، على أن يتم تسليمها للأجهزة الأمنية للتحقيق معها، التيبدورها ما زالت تحتجز الفتاة ولم تفرج عنها بعد تعهدات لأهلها بعدم الإساءةلها أو تعذيبها أثناء التحقيقات".
إلى ذلك، طبقا لتقديرات غير رسمية، فإن عدد الأردنيين الذين قضوا بالأحداثالدائرة في سوريا من مدينة الكرك وحدها، وصل إلى ستة أشخاص، كان آخرهمالشاب معاذ نصر المجالي الذي يسكن بلدة القصر شمالي المدينة.
في حين بلغ عدد الأردنيين جميعا الذين يقاتلون مع تنظيم الدولة منذ بدايةالأحداث، حوالي أربعة آلاف مقاتل، بينما وصل عدد القتلى منهم إلى أكثر من400قتيل، وفق توقعات مراقبين لتنظيم الدولة.
من الجدير بالذكر أن الدولة الأردنية من الدول التي تشارك في الحرب ضدتنظيم الدولة، وذلك في إطار التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدةالأمريكية، حيث أرسلت طائرات للمشاركة في الغارات الجوية ضد التنظيموقواعده في سوريا والعراق.