اتفاق على وضع نصوص في قضايا القتل والعرض وتقطيع الوجه
قال وزير الداخلية سلامة حماد، ان القضايا العشائرية تشهد في كثير من الاحيان تجاوزا للعادات الاردنية الاصيلة ومبادئ الشرع الحنيف الذي لا يقر باي حال من الاحوال هذه التجاوزات، ما يستدعي تأطير القضايا العشائرية في نصوص قانونية ضمن القوانين المختصة تتوافق عليها جميع الجهات ذات الاختصاص قبل تحويله الى مجلس الامة والسير به عبر القنوات التشريعية والدستورية المعتمدة.
جاء ذلك في لقاء عقده حماد الخميس في مدينة الحسين للشباب لشيوخ ووجهاء عشائر المملكة للاتفاق على بنود ومضامين النصوص القانونية لتنظيم العادات والتقاليد العشائرية لسنة 2015، بحضور مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر الشريف فواز زبن عبد الله، وقاضي القضاة امام الحضرة الهاشمية الدكتور احمد هليل، ووزراء الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الدكتور محمد المومني، والعدل الدكتور بسام التلهوني، والاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور هايل عبد الحفيظ داوود، ومديري الامن العام اللواء عاطف السعودي، والدرك اللواء حسين الحواتمة، ومفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة والمحافظين وعدد من المعنيين.
وفي بداية اللقاء رفع المشاركون، برقية شكر وتقدير وعرفان وولاء الى جلالة الملك عبد الله الثاني على عمله الدؤوب لخدمة هذا البلد واهله وحرصه المتواصل على توفير جميع السبل اللازمة لتقدمه وتطوره والنهوض بمستوى حياة المواطن في مختلف المجالات، ولقاءاته المستمرة مع ابناء الوطن في مناطق سكناهم للاطمئنان على احوالهم وتلمس احتياجاتهم على اراض الواقع. وقال حماد ان اللقاء يسعى الى الوصول لتوافق مجتمعي ومفهوم مشترك حول قضايا القتل والعرض وتقطيع الوجه التي ستشملها النصوص القانونية، لمنع التجاوزات التي تحدث على الاعراف والتقاليد العشائرية المتبعة، والتشدد بالمطالبات المادية المعنوية وعلى نحو يخالف شريعتنا الاسلامية وخاصة فيما يتعلق بالجلوة وتبعاتها والدية وقيمتها والمغالاة فيها، ما يستدعي تنظيم هذه الامور بحيث لا يكون هناك مجال لأية اجتهادات قد تؤثر او تؤخر حل القضايا العشائرية، وذلك بأسلوب مؤسسي وقانوني بالتعاون مع المؤسسات الدينية والتشريعية والمجتمعية المعنية.
وتابع ان اللقاء يأتي ايضا للتباحث والتشاور في موضوع القضايا العشائرية والاتفاق على ايجاد تشريع ينظمها او وضع آلية تكفل انهاء الظواهر غير الحضارية وخاصة الجلوة والدّية وقيام البعض بحرق البيوت والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة والاخذ بالثأر وفرض شروط في صكوك الصلح والعطوة تخالف الدستور والقوانين والعادات العشائرية.
واكد ان العشائر الاردنية تعتبر احدى المكونات الاساسية للمجتمع الاردني وذلك انطلاقا من كونها وحدة اجتماعية راسخة، اركانها الانتماء للوطن والولاء للعرش الهاشمي، وطاقاتها مسخرة لخدمة الاردن بعيدا عن العصبيات الضيقة والمصالح الشخصية.
واشار ان للعشائر الاردنية ورجالاتها دورا رائدا على مدار تاريخ الدولة الاردنية في احلال الامن والسلم المجتمعي وانهاء الكثير من القضايا العشائرية، لافتا الى وجود 305 قضايا عشائرية على مستوى المملكة لا زالت منظورة ويجري التداول بشأن حلها وإنهائها وصولا الى الصلح والوئام، الا ان كثرة الاجتهادات والاختلافات والبدع الدخيلة والمغالاة والتشدد من قبل بعض الاطراف المعنية بهذه القضايا ادى الى تأخير حلها.
ولفت الى ان الوثيقة العشائرية التي وقعت عام 1987 من قبل شيوخ ووجهاء المملكة وتم توشيحها بتوقيع ومباركة المغفور له الملك الحسين بن طلال كان لها الاثر الكبير في الحد من الخروج عن العادات والتقاليد ، الا ان الواقع الحالي يشهد خروجا عن عاداتنا النبيلة وابتداع مسميات جديدة وغريبة عن قيمنا العشائرية وتحت مسمى ' العشائرية '.
من جهته اشار الشريف فواز الى دخول عادات وتقاليد عشائرية على مجتمعنا الاردني وعاداته بعيدة كل البعد عن قيمنا وعاداتنا الاصيلة واساءت للتقاليد العشائرية الامر الذي يتطلب البت فيها واجتثاثها من ثقافتنا المجتمعية عبر تشريع ينظم هذه الامور.
كما اشار الدكتور هليل الى ان القرآن الكريم حث في اكثر من موضع على اهمية الاصلاح بين الناس وتحقيق العدل وعدم تحميل الآخرين نتائج اعمال او جرائم لم يرتكبوها وان القصاص منوط بولي الامر لا غير، مشيرا الى اهمية عقد دورات تثقيفية بمفاهيم القضاء العشائري كالعطوة بأنواعها المختلفة.
واتفق المشاركون في اللقاء على وضع نصوص قانونية في قضايا القتل والعرض وتقطيع الوجه، واختصار الجلوة على القاتل ووالده وابنائه ان وجدوا فقط بحيث تكون لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد وفقا لظروف القضية، ويكون مكان الجلوة من لواء الى لواء، واناطة تحديد قيمة الدية بقاضي القضاة، اضافة الى تحديد القيمة المادية لقضايا تقطيع الوجه بما لا يقل عن خمسين الف دينار لمن يقوم بتقطيع الوجه في القضايا المذكورة.
واشار التلهوني الى ان ما توصل اليه اللقاء سيرفع الى مجلس الوزراء لدراسته وتحويله الى ديوان التشريع والرأي في رئاسة الوزراء وبعد ذلك الى مجلس الامة لمناقشته واقراره حسب القنوات الدستورية المتبعة والمعمول بها.
من جهته قال داود ان المجتمعات المتحضرة هي التي تخضع لأحكام القانون التزاما وتطبيقا وتنفيذا، ولا بد من حملة توعوية وارشادية وتثقيفية تتولاها الجهات المعنية لتكريس سيادة القانون وتغليظ العقوبات على كل من يخالف نصوصه.
بدوره اكد الشيخ الخصاونة اهمية تعزيز الثقة بدور المؤسسات الحكومية في معالجة جميع القضايا وتعزيز دور الوجهاء واصحاب الرأي والحكمة وتوعية الناس بان القاتل هو المسؤول عن جريمته ولا احد سواه تطبيقا لمبادئ الشريعة الاسلامية والقانون والتعاون مع الامن العام والالتزام بإجراءاته المتخذة تجاه مختلف القضايا.
واكد اللواء السعودي ان تنظيم العادات العشائرية في قانون ضرورة للدولة ومؤسساتها وللمواطنين ويساعد الجميع في التخلص من الآثار الناجمة عن الجرائم التي سيتضمنها المشروع، مشيرا الى ان الفترة التي تعقب هذه الجرائم مباشرة ' فورة الدم 'هي الفترة التي تسبب في كثير من الاحيان العديد من المشاكل ويجب التركيز عليها في مسودة القانون.
ودعا ان تأخذ جميع الجهات وخاصة الدينية دورا رياديا في توعية الناس وتثقيفهم بمبادئ الشريعة التي تدعو الى الالتزام بأحكام القانون والشرع اثناء حل مختلف القضايا والمشاكل والبعد عن ارتكاب الجرائم.
وناقش المشاركون ووجهاء العشائر والشيوخ القضايا المذكورة بشكل موسع وتفصيلي، حيث تم الأخذ بتوصياتهم وإدراجها في مسودة النصوص القانونية التي سترفع للجهات المعنية تمهيدا لإقرارها وفقا للقوانين المتبعة.