صهاريج مياه ملوثة تباع على أنها صالحة للشرب
لا يكتفي أصحاب الآبار غير المرخصة ، وأصحاب الصهاريج (الملوثة) بسرقة المياه الجوفية، وحسب، بل يبيعونها للمواطنين على انها صالحة للشرب.
وقد ورد في قانون العقوبات رقم 11 لسنة 1993 وبدلالة المادة 456 ان الإعتداء على اي من مصادر المياه هو جريمة اقتصادية، فيما ورد نص آخر في قانون الصحة العامة يجرم الاعتداء على سلامة الغذاء والمياه.
تشكل هذه الجرائم التي ما تزال ترتكب، مصدر قلق لدى مسؤولي الجهات الرقابية كافة، ولم تمنع الإجراءات التي تتخذ بحق المعتدين على الآبار الجوفية، من التمادي بها، رغم الإنذارت، والغرامات المالية، وردم الآبار، والإحالة إلى القضاء، فالتعدي مستمر، والجرائم ترتكب حتى اللحظة.
رصدت مجموعة من سائقي الصهاريج ذات السعة (12 - 20) مترا مكعبا، أمام أحد الآبار الجوفية في منطقة شرق عمان، حيث تقوم بالتعبئة من صنابير كبيرة، تبعد عن منطقة البئر الجوفي، لكنها معدة (لبيع المياه). وفي ذات المكان يوجد مكتب صغير يجلس فيه عامل وافد، يقوم بدور المحاسبة على كمية المياه التي يتم تعبئتها بالمتر المكعب.
تتوافد العديد من الصهاريج ذات اللونين الأخضر والأزرق، على هذا البئر بشكل يومي ومستمر، وتزداد الذروة في حالة انقطاع المياه عن المنازل خصوصا في فصل الصيف.
علما أن الصهاريج الملونة باللون الاخضر هي للشرب، والصهاريج باللون الازرق للري والانشاءات وكلاهما يتوافد على هذه البئر، و يشير أحد سائقي الصهاريج، أن مياهه صالحة للشرب، وهو يملأ صهريجه بموجب وصل مالي، وبسعر (75) قرشاً للمتر الواحد، فيما يبيعة حسب أسعار وزارة المياه والري، بـ(4) دنانير للمتر، وربما يزيد السعر حسب المسافة المقطوعة.
لا ينفي هذا السائق أن كثيرا من زملائه يلجأون إلى آبار غير مرخصة، أو ينابيع ملوثة، ويبيعونها للمواطنين على أنها مياه صالحة للشرب، لكنه أكد عدم وجود رقابة على نظافة الصهاريج الناقلة للمياه، وتقتصر الرقابة المتواضعة عند ترخيص المركبة سنويا.
تشير تقارير وزارة المياه والري إلى أن العديد من الآبار المرخصة، حصلت على تراخيصها منذ عدة سنوات، وأن الوزارة أوقفت التراخيص لكافة الآبار منذ اربع سنوات، في حين يبلغ عدد الآبار غير صالحة للشرب 41 موزعة في مختلف مناطق، فيما يبلغ عدد الآبار الجوفية زهاء 2000 بئر.
وفيما يتعلق بآلية ترخيص الآبار من قبل وزارة المياه والري، بين مدير الإعلام الناطق الرسمي باسم الوزارة عمر سلامة ، أن صاحب البئر يتقدم بطلب رسمي لحفر بئر، ثم يتم دفع رسوم وفق احكام القانون اضافة الى تقديم كفالات عدلية بقيمة مالية كبيرة.
أما الدور الرقابي للوزارة، حسب سلامة، يتضمن تحديد أماكن الآبار المعتدية من خلال عدة وسائل اما بالكشف المباشر أو بناء على معلومات ترد للوزارة / سلطة المياه أو من خلال الإستشعار عن بعد بواسطة الاقمار الصناعية.
واشار إلى أن عملية الإستشعار بالأقمار الصناعية، كشفت عددا كبيرا من الآبار المخالفة قدرت بحوالي 1200 بئر.
تُقِرُ الوزارة أن غالبية الآبار الجوفية تُستخدم لبيع المياه وإقامة زراعات مخالفة عليها، فيما يتم التعرف على صلاحية مياه البئر وفقاً لطبيعة المنطقة والحوض الجوفي.
وأثبتت الدراسات الأخيرة وجود أكثر من 105 آلاف دونم مزروعة في منطقة حوض جنوب عمان و181 الف دونم مزروعة في حوض عمان- الزرقاء.
ويشير سلامة إلى أن الوزارة تمنع بيع مياه الآبار غير المرخصة للمواطنين، وتواصل تحذيرها بضرورة طلب «فيشة» رسمية تبين مصدر المياه المباعة بواسطة الصهريج، وبخلاف ذلك ينبغي إبلاغ الجهات المسؤولة والحاكم الإداري ووزارة البيئة.
وبين الناطق باسم الوزارة أن الحكومة اطلقت منذ حزيران 2013 حملة لإحكام السيطرة على مصادر المياه لوقف كافة اشكال الاعتداءات على مصادر المياه ومنع حفر الابار المخالفة. وتم تعديل القوانين التي غلظت عقوبة الحبس بحق اي معتد على الشبكات أو حفر بئر مخالفة بعقوبة تصل لعدة سنوات وغرامات مالية ضخمة مع حجز الاموال الأميرية المنقولة وغير المنقولة حتى استيفاء كافة الغرامات وأثمان المياه المسروقة .
رَدَمت الجهات المختصة 616 بئرا مخالفة وتم ضبط 159 حفارة مخالفة وكشف 14809 إعتداء على خطوط رئيسية وناقلة للمياه في مختلف مناطق المملكة، فيما تم إحالة اكثر من 1000 قضية منظورة حاليا لدى المحاكم وتم اصدار احكام في بعضها، واحدة منها حكم بالسجن 3,5 سنة وغرامة مالية 330 الف دينار اضافة الى اثمان المياه.
سلطة المياه تضطر لأجراء تسويات لبعض المخالفين عن المياه المسحوبة بطريقة مخالفة من الآبار حيث تم تحصيل 1,9 مليون دينار وتم توزيع اشعارت بقيمة 8 ملايين دينار ليتم تحصيلها.
إن كان ثمة حملات تفتيش في جميع المناطق وبشكل مستمر وفقا لوزارة المياه، وبرامج تطبق لهذه الغاية بالتعاون مع كافة الجهات الرسمية والامن العام والدرك والحكام الاداريين، الا أن ذلك لا يكفي وسط التمادي في الإعتداء.
تحدد الجهات المعنية مواصفات لصهاريج المياه المسموح لها ببيع المياه. والمخالف منها يحاسب وفق احكام القانون، فهناك لجنة مختصة سلطة المياه احدى اعضائها، اضافة لوزارة الداخلية وغيرها من الجهات.