كثيرا ما يتحدث الخبراء عن أضرار العمل من حيث الضغط العصبي، لكن هذا لا يمنع وجود مزايا للعمل رغم كل متاعبه، إذ من الممكن أن يساعد الاندماج في العمل على سرعة تجاوز بعض المشكلات النفسية.
وخلص علماء الطب النفسي إلى أهمية فكرة التواجد في محيط العمل كوسيلة لعلاج بعض المرضى. وبناء على نتائج دراسة أجريت في جامعة لايبزيغ الألمانية، نصح الخبراء بالبحث عن عمل للمرضى كوسيلة لدمجهم في المجتمع، على أن تتم متابعتهم بدقة خلال فترة العمل.
وتشير الإحصائيات في ألمانيا، إلى أن نحو 28 بالمئة من المواطنين يعانون من اضطراب أو مرض نفسي سنويا، وفقا لتقرير نشره موقع 'ارتسته تسايتونغ'. ويواجه معظم هؤلاء مشكلة تثبيت أنفسهم في سوق العمل.
ويؤكد أولف فينك، رئيس جمعية 'غيزوندهايتسشتات برلين' أن 'العمل هو الطريق للصحة كما أنه المفتاح الأساسي للمشاركة الاجتماعية' ويضيف 'العمل يرسيخ لمكانتك في المجتمع ويعطي للحياة معنى وأهمية للإنسان'. وتلعب تجربة العمل الأولى دورا مهما في الصحة النفسية للعاملين ودرجة اندماجهم مع المجتمع.
المناخ المناسب
أما بالنسبة لمن أصابتهم المشكلات النفسية أثناء العمل واضطروا للتوقف، فمن المهم العمل على إعادة دمجهم مرة أخرى في سوق العمل، لكن من المهم هنا التأكيد على وجود مناخ العمل المناسب الذي يستطيع أفراده تفهم فكرة وجود شخص يعاني من مشكلات نفسية بينهم دون التقليل من شأنه.
وتوضح بيانات رصدها معهد روبرت كوخ الألماني، التضافر الواضح بين الصحة النفسية والعمل، إذ تشير البيانات إلى أن صعوبة حصول المصابين بأمراض نفسية، على عمل تزيد بمقدار 15 مرة مقارنة بالأصحاء، وفقا لتقرير نشرته مجلة 'شبيغل' الألمانية.
ويميل الأطباء حاليا لتقليل فترات الإجازات المرضية للمصابين بمشكلات نفسية إذ يؤكد علماء النفس أن النشاط مفيد ويساعد في تجاوز المرض بشكل أسرع، وبالتالي فإن الأفضل هو النزول للعمل وليس العطلات المرضية الطويلة والتي تؤدي مع الوقت لبناء حاجز بين المريض والمجتمع.
ويحاول الأطباء زيادة الوعي في المجتمعات لتتقبل الأوساط العملية وجود شخص مصاب باضطراب نفسي بينها، والأهم بناء الثقة حتى يستطيع المريض أن يتكلم ببساطة عن معاناته دون الخوف من أن تستخدم هذه الأمور ضده.