الملكة نور الحسين تنشر تقريراً ينتقد التضييق على الحريات في الأردن
نشرت الملكة نور الحسين عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تقريراً لموقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني، حول تضييق الخناق على حرية التعبير في الأردن، بعد إصدار قانون مكافحة الإرهاب في العام الماضي.
وجاء في التقرير المنشور باللغة الإنجليزية، وترجم نصه صحيفة "عربي21" الإلكترونية، أن المراقبين حذروا من تعديل الأردن لقانون مكافحة الإرهاب، وخاصة مع وجود مخاوف من استغلال هذا القانون لإسكات المعارضة.
وبيّن التقرير أن هذا القانون قام بتوسيع مفهوم "الإرهاب" ليشمل أي فعل يهدف إلى خلق فتنة، والضرر بالممتلكات، والضرر بالعلاقات الدولية، واستخدام شبكة الإنترنت أو وسائل الإعلام بهدف نشر ما يسمى "الفكر الإرهابي"، مشيرا إلى أن تعديل القانون "زاد في درجة العقوبات، لتصل في بعض الأحيان إلى 10 سنوات سجنا، وأحيانا إلى عقوبة الإعدام".
وأضاف أن الحكومة الأردنية أكدت أن هذه التعديلات باتت ضرورية لحماية البلاد، نظرا لتزايد تهديد تنظيم الدولة في سوريا المجاورة، في حين حذر معارضون من أنها يمكن أن تؤدي إلى حملة ضد المعارضة، مع فرض قيود على حرية الإعلام.
واعتبر أن هذه "التحذيرات كانت في محلها، فقد أصدرت الحكومة عدة أوامر لحظر نشر صحف مختلفة هذا العام، كما أنها منعت وسائل الإعلام من طباعة الصور أو الأخبار التي يصدرها تنظيم الدولة عن الطيار الأردني معاذ الكساسبة، مع حظر نشر البيانات الهامة عن الجيش الأردني، الذي هو جزء من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة لقصف مواقع تنظيم الدولة".
ونقل التقرير عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قولها إنه تم القبض على العديد من الصحفيين، "فالصحفي جمال أيوب يقبع في السجن منذ 22 نيسان/ أبريل، بسبب كتابته مقالة ينتقد فيها عملية القصف التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في اليمن، والتهمة الموجهة إليه هي تعكير العلاقات مع دولة أجنبية، بموجب قانون الإرهاب".
وفي 8 تموز/ يوليو 2015، اعتقلت السلطات غازي المرايات، الصحفي بصحيفة الرأي الحكومية، بتهمة خرق حظر النشر في قضية إحباط مخطط إرهابي. فيما قالت الصحيفة إنها لم تتلق إشعارا خطيا قبل النشر. واحتجز المرايات لمدة أربعة أيام من دون تهمة، قبل أن يطلق سراحه بكفالة، مع مواجهته لاتهامات جنائية.
وأوضح التقرير أن "اللغة المبهمة" في قانون مكافحة الإرهاب؛ تعطي للسلطات مجالا لاحتجاز الصحفيين وغيرهم بسبب البيانات التي أدلوا بها، أو العمل الذي قاموا بنشره، "ففي يوم 18 آب/ أغسطس؛ استدعى المدعي العام رئيس تحرير صحيفة السبيل عاطف الجولاني، بسبب مقال رأي كتبه في حزيران/ يونيو، انتقد فيه السلطات الأردنية لرفض استقبال شحنة أسطوانات غاز قادمة من الهند. ورغم الإفراج عنه بكفالة، فإنه تم توجيه اتهامات جنائية ضده".
وأضاف أن الصحفيين ليسوا الوحيدين الذين يواجهون القمع الرسمي، حيث إنه تم اعتقال العديد من المواطنين بسبب تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر".. فقد اعتقل إياد قنيبي، وهو أستاذ جامعي، منذ حزيران/ يونيو، بسبب تعليقاته على صفحته في "فيسبوك" والتي كتب فيها عن ظهور توجهات مخالفة للقيم الإسلامية في المجتمع الأردني.
وبيّن التقرير أن "الصيغة الغامضة لقانون مكافحة الإرهاب؛ تسمح بتوجيه مجموعة من التهم ضد الصحفيين وغيرهم من المواطنين على نطاق واسع".
وقال إن الأردن يواجه بالتأكيد العديد من المشاكل بسبب الصراعات التي تحيط به في البلدان المجاورة، ما جعله يصبح ملجأ لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين، "لكن نشطاء حقوق الإنسان يقولون إن قمع الحريات ليس هو الحل لمواجهة هذه الصعوبات".
ونقل التقرير عن جو ستورك، نائب مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، قوله إن "مخاوف الأردن بسبب التهديدات الأمنية؛ لا ينبغي أن تترجم إلى قمع للصحفيين والكتّاب، لمجرد قيامهم بعملهم، أو التعبير عن أفكارهم"، مضيفا أنه "يجب أن يتوقف الأردن عن ملاحقة الصحفيين، وأن يعمل على تنقيح قانون الإرهاب؛ لإزالة العبارات الغامضة التي تستخدم للحد من التعبير السلمي عن الرأي".
وقال التقرير إن الأردن في السابق كانت منارة لحرية التعبير، قبل أن يتم توسيع قانون مكافحة الإرهاب، "حيث تم سن قوانين مختلفة تجرم انتقاد الملك والمسؤولين الحكوميين، ثم تم تعزيز ضمانات حرية التعبير في عام 2011، ولكن لم يتم تعديل قوانين العقوبات لتصبح متماشية مع هذه الضمانات، كما أنه تم إقرار قانون الإرهاب في عام 2006 بعد أن تسببت تفجيرات عمان في مقتل 60 شخصا، ليبدأ العمل بهذا القانون منذ ما يقرب من عقد من الزمان".
وأضاف أن المراقبين يشعرون بالقلق إزاء التطورات التي شهدتها البلاد في السنوات القليلة الماضية، "فبالإضافة إلى التعريف الموسع لمفهوم الإرهاب الذي استخدم لمحاكمة الصحفيين؛ فإن تعديل قانون الصحافة في عام 2012 سمح بالرقابة على المواقع الإلكترونية. وفي هذا العام؛ شهدت حرية الصحافة والإعلام تراجعا ملموسا، بحسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة، فقد أصبحت الأردن تحتل المرتبة 143 من بين 180 دولة".
وأوضح أنه "ينظر إلى الأردن، حليف الغرب، على أنه بلد مستقر، مع قدرته على التصدي للمجموعات المتطرفة"، مستدركا بالقول إنه "مع ذلك؛ فإن هناك مفارقة واضحة هنا، ففي كانون الثاني/ يناير الماضي، بعد هجمات شارلي إيبدو في باريس، ومشاركة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا، جنبا إلى جنب، مع غيرهما من قادة العالم، في مسيرة باريس لدعم حرية التعبير؛ كتب الناشط الأردني باسم الروابدة على صفحته في فيسبوك منتقدا مشاركة الملك والملكة، ليتم إلقاء القبض عليه على وجه السرعة، تطبيقا لقانون مكافحة الإرهاب، ويحكم عليه بالسجن لمدة خمسة أشهر بتهمة إهانة الملك".
وفي الختام؛ حذر تقرير "ميدل إيست مونيتور" من العواقب غير المنتظرة لهذه الحملة التي تستهدف حرية التعبير، "إذ إنها يمكن أن تولّد موجة معارضة قوية ضد السلطة".