آخر الأخبار
  منخفضان جويان متتاليان يؤثران على المملكة مع نهاية 2025   تحقيق: جنرالات الأسد يخططون لتمرد سينفذه 168 ألف مقاتل   "الأرصاد" : طقس بارد ومنخفض جوي يؤثر على الأردن السبت   تقرير المحاسبة: جرافة "الكرك" تسافر للصيانة وتعود بعد 4 سنوات "معطلة" في واقعة غريبة   منخفض جوي ماطر وطويل التأثير يبدأ السبت ويشتد الأحد والاثنين   تحديد موعدي شهري شعبان ورمضان فلكيا   حاويات ونقاط جمع نفايات لوقف الإلقاء العشوائي في المحافظات   ورقة سياسات: 3 سيناريوهات لتطور مشروع مدينة عمرة   الأردن استورد نحو 300 ألف برميل نفط من العراق الشهر الماضي   "وزارة التربية" تصدر تعليمات حاسمة لطلبة التكميلي وتحدد آليات الدخول للامتحانات   المعايطة: أعياد الميلاد المجيدة تمثّل صورة حضارية مشرقة للتعايش والوئام الديني وتبرز الاردن كوجهة روحية عالمية   نقيب الألبسة: استعدادات كبيرة لموسم كأس العالم عبر تصميمات مبتكرة لمنتخب النشامى   33328 طالبا يبدأون أول امتحانات تكميلية التوجيهي السبت   أمطار غزيرة وثلوج كثيفة في عدد من الدول العربية نهاية الأسبوع .. تىفاصيل   ابو علي: مباشرة صرف الرديات الاحد واستكمال صرف الـ 60% المتبقية خلال الاشهر الاولى من 2026   تنويه هام من التنفيذ القضائي الى جميع المواطنين   وفاة 3 أطباء أردنيين .. اسماء   وزير الداخلية يتفقد الأعمال الإنشائية في جسر الملك حسين   الخارجية: استلام جثمان المواطن عبدالمطلب القيسي وتسليمه لذويه   العدل: تنفيذ 2143 عقوبة بديلة عن الحبس منذ بداية العام الحالي

أسرة يسر ورزان تروي تفاصيل الحادثة

{clean_title}

جراءة نيوز - اخبار الاردن -

ما زالت كلماتهما وأصواتهما حتى صراخهما يدوي في منزل جدهما وجدتهما لأمهما في عمّان... هنا حيث كانت أسرة الدكتور محمد أبو صالحه تأتي لقضاء اجازاتها الصيفية، فما زال ناس المنزل وجدرانه وزواياه يحملون طيب ذكرى «يسر ورزان رحمهما الله».

لم يكن منزل جدهما وخال والدتهما بيت عزاء بالمفهوم المتعارف عليه، فالفكرة ما زالت لم تصدق لذويهما بأنهما قتلتا، في لحظات أنهى مجرم حياة أسرة بأكملها، وفرحها، فما زال من المبكر بالنسبة لهم التعامل مع فكرة «قتل يسر ورزان» وكل ما يستوعبونه الان انهما غابا وكفى!!! فقد غابتا بالجسد لكنهما بين أفراد الأسرة حاضرتان بروعة شخصيتهما وأدبهما وثقافتهما.

ليس حزنا.. بل صدمة وفاجعة تعيشها أسرة يسر ورزان في عمّان، تبكي طفلتيها وزوج ابنتها يسر كما تبكي حال ابنتها أميرة والدتهما، ووالدهما، لا تسمع في المنزل سوى صوت بكاء ليستعيض صوت البكاء عن معنى ما حدث ويحدث، يطمئنون للحظات عند رنين الهاتف وسماع صوت أحد أفراد الأسرة يتحدث من أميركا لكن يزداد الحزن حزنا عندما يطلعون على واقع حال الأسرة المفجوعة!!!

وفي زيارة لمنزل جدة أميرة «والدة رزان ويسر» وخالها في عمّان وهو البيت الوحيد لأقاربهما، حيث تقطن باقي الاسرة بولايات متعددة في أميركا، لنرى صورا تحكي ماضيا قريبا موزعة على جدران المنزل وأرفف المكتبات لطفلتين لم يبق منهما سوى هذه الصور.

بمجرد دخول منزل جدة أميرة والدة «يسر ورزان» وخالها تدخل بحالة البحث عن الاختصار البطيء للفكرة والحدث وما يمكن أن تنقله من واقع حال من الحزن والصمت والقهر والبحث عن حقيقة معلقة على حافة الفكرة الصحيحة بين ما حدث وسببه والقادم بآلية نيل حق الفتاتين.

جدة أميرة لم تجد في اللغة مفردات تحكي بها، فهي تبكي وتقول «دفنوا يسر ورزان بذات القبر، وهما تنظران لبعضهما البعض فقد احبتنا بعضهما في الحياة وماتتا معا ودفنتا بذات القبر»!!!!

وتتعالى الأصوات في هذه الأثناء، فهم لا يصمتون، كل من يجلس في الغرفة يخاف سماع أصوات أعماقهم التي تعيد لهم شريط ما حدث، وشريط ذكرياتهم مع أسرة الدكتور محمد أبو صالحه، فتتعالى الأصوات بالحديث والبكاء ووصف ما حدث بصورة لا يمكن نقلها بالكلمة واستنطاقها على الورق!!!!

بشير العزّه خال أميرة قال لا يوجد في الاردن سوى عائلتنا من أقارب أسرة الدكتور محمد أبو صالحه زوج ابنة شقيقتي أميرة، وعلي هنا أن أقول ان أميرة ربتها والدتها منذ الطفولة نظرا لانفصال والديها عن بعضهما، فعاشت والدتها لا تعرف من الدنيا ولا للدنيا الا ان تربي ابناءها وتعطيهم كل ما لديها من الحب والتعليم والفرح.

وتزوجت أميرة في الكويت وفق بشير ومن ثم غادرت الى اميركا مع الدكتور محمد أبو صالحه عام 1994، حيث كانت يسر آنذاك عمرها (9) أشهر، ويوسف ابنهما الكبير ما يقارب العامين، ومن ثم انجبت رزان، وعكفت أميرة وزوجها على تربية أبنائهما تربية صالحة وانجازات كثيرة في عمل الخير، من بينها علاج الاطفال المحتاجين مجانا وتقديم الدواء لهم والمساهمة في بناء مسجد.

وسعت اميرة وزوجها لتعليم ابنائهما، فيوسف يدرس الطب في ولاية غير التي يسكنها أهله، ويسر طب أسنان ورزان هندسة، فكلهم متعلمون، واخذوا من والديهما حب عمل الخير والعطاء دون انتظار اي مقابل.

وبعد زواج يسر من الدكتور ضياء بركات وهو فلسطيني سوري، يحمل الجنسية الاميركية، انتقلت للعيش معه في سكن الجامعة، بينما كان والده يعمل على بناء منزل له، لكن لم ينتقلا للعيش به، فقد قتلهما المجرم قبل أن يعيشان به.

توقف بشير عن الحديث عندما امتلأت عيناه بالدمع محاولا اخفاء ذلك، لتتابع الحديث مكرم العزة خالة أميرة وقالت المجرم يسكن جارا لضياء منذ خمس سنوات، لم يكن يحبه وزاد الامر عندما تزوج، فكان له عدة تهديدات لهم بالضرب وحتى بالقتل وحدث أن بلغ ضياء في وقت سابق الشرطة عن هذه التهديدات والمضايقات التي يقوم بها، حتى جاءت الليلة السوداء بأن قرع باب المنزل بينما كانت يسر ورزان في غرف المنزل بالداخل وتصارع ضياء مع هذا المجرم «كرايغ ستيفن هيكس» ليعلوا صوتهما الامر الذي دفع بيسر تخرج لوقف ما يحدث.

وقالت مكرم إن يسر عندما خرجت سارع لضربها هيكس، بينما كانت رزان تختبئ باحدى الغرف في المنزل، ولكن مع تزايد العراك غير المبرر رغم أن المجرم برره بأنه خلاف على اصطفاف السيارة وهي مسألة غير منطقية وغير مصدقة لان نظام الشقق في أميركا يخصص لكل شقة «مصف للسيارة»، وعليه خرجت رزان لتحاول تهدئة الوضع.

بعد عراك طويل قام خلاله هيكس بضرب ضياء بالمسدس على وجهه فكسر له أسنانه، ومن ثم ضرب يسر على وجهها وبان ذلك على الجثث عند الكشف عليها، طلب المجرم منهم النوم على الارض وكان اول من اطلق النار عليها يسر رحمها الله ومن ثم ضياء زوجها، وآخرهم رزان وكان المسدس كاتم صوت لا صوت له.

وخلال حديثها تعالى صوت نفسها فصمتت مكرم، تتحدث بعينيها والدموع تزاحم الكلمات، فصمتت تنظر لزوجة بشير عهود طالبة منها تكملة ما حدث، فأكدت عهود انه تم اكتشاف الجريمة بعد ساعتين من وقوعها حيث كان أحد الجيران يسير في الشارع وبرفقته كلبه، الذي اشتم رائحة الدم فركض نحو المنزل ليتم اكتشاف الجريمة بل المجزرة ان لم تكن حالة اعدام جماعية.

وتم القاء القبض على المجرم وفق عهود بينما كان يحاول الهرب بشاحنة كبيرة وحاول اختطاف سيدة لتكون رهينة لديه، لكنه لم يتمكن من ذلك والقي القبض عليه ليعترف على الفور.

وأشارت عهود الى أن هيكس مطلق منذ خمس سنوات، وزوجته لا تعيش معه ورغم هذا فقد شهدت بوجود خلافات بين زوجها وضياء بسبب اصطفاف السيارة، وهي مسألة غير مصدقة.

وعن وضع أسرة يسر ورزان أكدت عهود أن وضعهم سيئ جدا، فشقيقهما يدرس في ولاية أخرى وجاء لحضور هذه الفاجعة، واميرة والدتهما «انتهت» لم يعد هناك انسانة تعيش بشكل طبيعي، هي انسانة مؤمنة وكلما تحدثنا معها تقرأ القرآن وتدعو الله أن يرحمهما، لكن وجع ما حدث لا يمكن تجاوزه او حتى تصديقه، سيما وأنها كان من المفروض أن تكون معهم لولا تأخرها لتحضير العشاء لزوجها، وكانت تقرر أن تلحق بهم لمنزل ابنتها، لتكتب لها الاقدار حياة أخرى بتفاصيل مليئة بالحزن، وحياة بعمر جديد.

وقالت عهود تم فتح بيت عزاء في اميركا بعد الصلاة عليهما حضرها سبعة آلاف مصل، فيما قام المسلمون في عدد كبير من الولايات الاميركية بصلاة الغائب على ارواح الضحايا.

وأشارت عهود الى انه تم دفن الشقيقتين في قبر واحد ووجهما متواجهان لبعضهما البعض، فيما تم دفن ضياء بقبر بجوارهما، بذلك تكون يسر ورزان بقيتا الى جوار بعضهما حتى يوم القيامة رحمهما الله.

وعن طفولتهما، قالت عهود كانوا عندما يحضرون من أميركا كأسرة يقيمون هنا في منزلنا، وبالفعل هي اسرة نموذجية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، كانوا اطفالا كأي أطفال نذكر تفاصيل طفولتهم بضحكاتهم وصراخهم ولعبهم، ولا اصدق أن لتلك القصة لم يعد بقية، فقد انتهت كما انتهى معها الفرح من منزلنا جميعا.

وعندما كبروا كانوا متفوقين جميعا، وحتى بعد الزواج حرصت يسر على الاستمرار بمسيرة والداها الذي يعمل في عيادة خاصة له بالطب النفسي فقامت بأعمال خيرية كثيرة مع زوجها كان من ابرزها الذهاب الى تركيا وتقديم العلاج مجانا للاجئين السوريين هناك.وعادت الكلمات لتتبعثر في الغرفة حيث نجلس، ليظهر صوت الجدة التي لم تكن تحكي أكثر من الدعاء وطلب نيل حق يسر ورزان، فيما لملم بشير جراحه وقال «أيام فصلتنا عن استشهاد الشهيد البطل معاذ الكساسبة على يد الارهاب، لنعيش من جديد فاجعة ارهاب جديدة بقتل يسر ورزان وضياء... فكيف لعقولنا وقلوبنا أن تتحمل ما حدث... أوقفوا الارهاب جففوا منابعه كفانا ما مر بنا وعلينا».