آخر الأخبار
  الأمن العام : رغم عديد التحذيرات أُسعف اليوم شخص مصاب بحالة اختناق نتيجة استخدام مدفأة (الشموسة)   تفاصيل مهمة حول الإبلاغ عن إصابات العمل وحقوق العامل في الضمان   هل تتساقط الثلوج ليلة رأس السنة؟ الأرصاد تجيب   تعليمات لطلبة التكميلي وإتاحة تحديد مواقع القاعات إلكترونياً   وقف ضخ المياه عن مناطق في عمان والزرقاء الأحد .. اسماء   أسعار الذهب والفضة تسجل مستويات قياسية جديدة   منخفضان جويان متتاليان يؤثران على المملكة مع نهاية 2025   منخفضان جويان متتاليان يؤثران على المملكة مع نهاية 2025   تحقيق: جنرالات الأسد يخططون لتمرد سينفذه 168 ألف مقاتل   "الأرصاد" : طقس بارد ومنخفض جوي يؤثر على الأردن السبت   تقرير المحاسبة: جرافة "الكرك" تسافر للصيانة وتعود بعد 4 سنوات "معطلة" في واقعة غريبة   منخفض جوي ماطر وطويل التأثير يبدأ السبت ويشتد الأحد والاثنين   تحديد موعدي شهري شعبان ورمضان فلكيا   حاويات ونقاط جمع نفايات لوقف الإلقاء العشوائي في المحافظات   ورقة سياسات: 3 سيناريوهات لتطور مشروع مدينة عمرة   الأردن استورد نحو 300 ألف برميل نفط من العراق الشهر الماضي   "وزارة التربية" تصدر تعليمات حاسمة لطلبة التكميلي وتحدد آليات الدخول للامتحانات   المعايطة: أعياد الميلاد المجيدة تمثّل صورة حضارية مشرقة للتعايش والوئام الديني وتبرز الاردن كوجهة روحية عالمية   نقيب الألبسة: استعدادات كبيرة لموسم كأس العالم عبر تصميمات مبتكرة لمنتخب النشامى   33328 طالبا يبدأون أول امتحانات تكميلية التوجيهي السبت

الأمير الحسن يكتب: فضيلة الحكمة

{clean_title}

جراءة نيوز - اخبار الاردن-كتب الأمير الحسن بن طلال:

يطيب لي أن أتقدم إلى أهلي في الأردن الغالي وللعرب والمسلمين كافة بأحر التهاني وأصدق التبريكات بمناسبة عيد الفطر المبارك. فأنا أشارككم جميعًا اليوم فرحة العيد كمسلم وعربي، ودموعي تقطر ألمًا على ما آلت إليه أحوال الأمة. لكن، ما يزال هنالك فسحة من الأمل لاستشراف المستقبل وتحقيق ما نصبو إليه من وحدة ومنعة واستقرار.
ولكن كيف يمكن لفرحتنا بالعيد أن تكتمل وقد تنازعتنا الصراعات واضطربت أحوالنا وأصبحت أولويات الأمة مرهونة بغيرها؟ وكيف نستعيد إنسانية الإنسان المسلم وكرامته حتى ينهض بدوره في المحافظة على وجوده وكيان أمته في وقت تعصف فيه أنواء التغيير باتجاهاتها المختلفة؟ فالأمة الإسلامية لم تجابه أبداً تحديات البقاء مثلما هي اليوم، ولم تنشغل في العصور الماضية بقضايا عامة ومهمة بقدر انشغالها بقضيتي الأمن والسلام، اللتين يحتاج تحقيقهما إلى العقلانية والحكمة. 
فالحكمة مطلوبة دائماً، وهي - ضالة المؤمن - لما لها من مكانة عظيمة في الكتب المقدسة وسنن الأنبياء والرسل، ولحاجة الأمم حاضراً ومستقبلاً إليها في كل شؤونها، ولما لها من قدرة على تيسير الوصول إلى الحل والإقناع بجدواه. وتدعونا هذه المناسبة العظيمة إلى التجديد الروحي والفكري وطلب الحكمة. يقول الله تعالى في محكم التنزيل: “يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” (سورة البقرة: الآية 269). 
وتقتضي الحكمة العمل على تأكيد قيم التضامن والجوامع المشتركة بين المسلمين كافة؛ سنة وشيعة، عربًا وغير عرب، بما يحافظ على تماسك الأمة في وجه دواعي الفرقة والتشرذم. فالرسالة النبوية الشريفة قد أخرجت الإنسان من الظلمات إلى النور فانطلق نحو آفاق النهضة بما يحقق خير الأمة وعزتها. 
وما يدعو للألم أننا حتى الآن لا نرى الكثير من الحكمة، ولا نشهد حضوراً للحكماء في الراهن السياسي العربي. بل نشهد في الواقع تغييبًا للعقل المدبر للشأن العام وفق مقتضيات الحكمة. وللذين يتساءلون عن جدوى الدعوة للحكمة والعقلانية في هذا الوقت، الذي خرجت فيه الأمور عن أي منطق وقانون، أقول هنالك خياران في العالمين العربي والإسلامي: يعتبر الخيار الأول مستقبل الأمن والسلام في استمرار الحال كما هو عليه. أما الآخر فيدعو إلى التغيير والحرية والانفتاح والديمقراطية. واليوم، فإنّ كلا الخيارين حاضر بيننا، لذلك، فإننا بحاجة إلى تكاتف كل الجهود والضمائر الحية والطاقات كي ننطلق نحو فضاءات الحوار والتواصل والفعل ونقف صفًا واحدًا في وجه دواعي الفتنة والفرقة والطائفية.
يجب أن تكون الحكمة حاضرة في قراراتنا؛ وأن لا تكون قراراتنا مفاضلة بين الحق والباطل، أو خياراً بين القانوني وغير القانوني، أو بين الأخلاقي وغير الأخلاقي. إذ لن يكون هناك أي أمر يمكن أن تنطبق عليه حالة المفاضلة أو الخيار في القرارات الحكيمة. لذلك، عندما يكون خيارنا ليس مسألة صواب وخطأ، عندها يجب علينا أن نتبين ما هو حكيم وما هو غير حكيم.
لهذا، أغتنم مناسبة العيد المبارك لنتأمل جميعًا سمو معانيه في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ أمتنا ونعتمد منهج الفكر الأخلاقي، الذي يأخذ بالعقلانية والحكمة، لأن الإنسان حينما يسلك طريقه بالتوافق مع العقل والحكمة، ستؤول قيادة الواقع لصالحه. وأدعوكم إلى أن نتبنى خطاباً وسطياً معتدلاً، بدلاً من لغو الكراهية، لأننا جميعاً بحاجة إلى حوار من أجل الأمن والسلام، لإحداث التغييرات الإيجابية المبتغاة، كنسق من المبادئ والقواعد التي تهم كل فرد بوصفه كائناً ينتمي لدائرة الإنسانية ككل، والتي تخدم العرب والمسلمين والبشرية جمعاء. 
وأسأل الله العلي القدير أن يلهمنا الحكمة، وأن يحقق لأمتنا عزتها وكرامتها ويحفظ لها وحدتها، ويرفع عنها شر الاقتتال الذي يهلك الحرث والنسل، وأن يسود الأمن والسلام والاستقرار ربوع العالم، وأن يفيض - سبحانه - على عباده الخير العميم ويقيهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه كريم جواد رحيم.
وأختم هذه السطور بقول الحق - تبارك وتعالى- : “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ”.(سورة الرعد: الآية 11).عمان 29 رمضان 1434هـ