جراءة نيوز - اخبار الاردن :
تصادف اليوم الذكرى الثانية والستين لاستشهاد مؤسس المملكة جلالة المغفور له الملك عبدالله بن الحسين الذي لاقى وجه ربه شهيدا على عتبات المسجد الأقصى المبارك وهو يهم بأداء صلاة الجمعة في العشرين من شهر تموز (يوليو) العام 1951،وقد استشهد الملك المؤسس مؤمنا بالله وحافظا لعهد بني هاشم الأبرار بعد كفاح طويل من أجل أمة العرب ووحدتها حاملا راية اطهر ثورة عرفها تاريخ هذه الأمة والتي انطلقت من مكة على يد والده شيخ الثوار الحسين بن علي طيب الله ثراه.
وتستذكر الأسرة الأردنية الواحدة وهي تحيي هذه الذكرى بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني أمد الله في عمره بكل مظاهر الإجلال والإكبار والتكريم والاعتزاز ذلك القائد الذي خرج من مكة على رأس كوكبة من أحرار العرب الأوائل مبشرا بالنهضة العربية الحديثة ووحدة الأمة ورسالتها القومية والانعتاق من الاحتلال والوصاية وإعلان فجر الأمة الجديد.
وفي الوقت الذي اضطلع به الملك المؤسس بدور قومي رائد في حركة التحرر العربي التي بزغ فجرها مع بدايات القرن العشرين وبذل جهدا موصولا لدى ممثلي القيادات الفكرية والسياسية التي كانت تتقاطع في العاصمة العثمانية، وسعى لمستقبل اكثر إشراقا لأمة العرب يواصل جلالة الملك عبدالله الثاني نهج الهاشميين والجد المؤسس من اجل التقاء الأمة العربية على قواسم مشتركة تحقق لها المنعة وأسباب استقلال القرار، مثلما واصل تجذير النهج الديمقراطي الذي أرساه الجد منذ العام 1920، فشجع التعددية السياسية والنهج الديمقراطي الذي تشارك في صنعه جميع الأطياف السياسية على مساحة الوطن، ورسخ الممارسات الرامية إلى الحفاظ على حقوق الإنسان وضمان حرية الفكر والتعبير.
لقد تميز الفكر السياسي للملك المؤسس طيب الله ثراه بأنه انطلق من ثوابت مبادئ الثورة العربية الكبرى واهدافها العريضة واعتمد في تنفيذها منهجية تتفق مع سمة العصر والتداعيات التي تمخضت عن خلخلة موازين القوى في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فجاءت اتصالاته مع قادة الدول الكبرى منصبة في الدرجة الأولى على الاعتراف بالمشروع القومي النهضوي العربي الذي جسده طيب الله ثراه إلى خطة سياسية تنفيذية قائمة على منهج الإسلام والعروبة وبعث أمجاد الأمة وإحياء تراثها وحضارتها.
ونتيجة لحرص الحسين بن علي مفجر الثورة العربية الكبرى طيب الله ثراه على إعداد أبنائه الأمراء سياسيا وعسكريا ورجال دولة كان الملك المؤسس أول وزير للخارجية في الحكومة العربية الأولى التي تم تشكيلها بعد إعلان الثورة العربية الكبرى،كما كان من أبرز قادة الثورة العسكريين؛ إذ تولى قيادة الجيش الشرقي الذي حاصر المدينة المنورة والذي شل قدرة أكبر حامية عسكرية تركية كانت تتمركز هناك وقوامها 14 ألف جندي، وبقيت تحت الحصار حتى نهاية الحرب العالمية الأولى حيث استسلمت لقوات الثورة بقيادة عبدالله بن الحسين العام 1918.
وخرج عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه في أول تحركاته من الحجاز متوجها إلى الشام على رأس كوكبة من جند الثورة العربية الكبرى، وحين بلغ مدينة معان دعا أحرار العرب للانضمام إليه بعد ان اعلن عن اهدافه في حماية الأمة العربية والحفاظ على استقلالها.
ويسجل التاريخ وأحرار الأردن والأمة العربية بكل اعتزاز دور الملك المؤسس في إنقاذ الأردن وتخليصه من كل المخططات التي استهدفت الأرض والهوية العربية، بعد أن تمكن من إقناع الدول الكبرى آنذاك وفي مقدمتها بريطانيا بذلك، مثلما يسجل له التاريخ بحروف من نور تلك الحكمة السياسية والقدرة الفائقة للتعامل مع الغرب وخاصة بريطانيا التي كانت تمسك بزمام الأمور في منطقة الشرق الأوسط في إنقاذ الأردن من العديد من المخططات التي كانت تستهدف عروبته وحريته.
وترجمة لفكر الملك المؤسس الوحدوي وانتمائه القومي الأصيل فقد فتح ابواب الأردن أمام أحرار العرب، حيث أصبح هذا البلد في عهده موئلا للأحرار الذين وفدوا إليه من سورية وفلسطين ولبنان والعراق والحجاز، ووفر لهم الفرصة للمشاركة في بناء الأردن الحديث وفي صنع سياسته الداخلية والخارجية.
لقد كان الملك المؤسس طيب الله ثراه حصيفا ثاقب النظر في استقراء ما يتهدد الأمة العربية وما هي مقبلة عليه، وكان أول الزعماء العرب الذي يطلق صيحته محذرا من ضياع فلسطين، وحين هبت الجيوش العربية لمساندة الأشقاء في فلسطين وإنقاذ ما يمكن إنقاذه كان الجيش الأردني في مقدمة الجيوش العربية يخوض معارك الشرف والبطولة، ويحافظ على عروبة القدس التي رويت أسوارها بدم الشهداء من الجيش العربي.
وإلى جانب الدعم العسكري لم يبخل طيب الله ثراه بالدعم السياسي والمادي لتمكين الأشقاء من الصمود على أرضهم ومواصلة كفاحهم من أجل هويتهم الوطنية، لقد كان طيب الله ثراه أول من وضع لبنة الديمقراطية وأول المنادين في تلك المرحلة بالتعددية السياسية، فشهد الأردن في بداية حكمة تأسيس أول حزب هو حزب الاستقلال العربي، وقد حظيت المعارضة السياسية في عهده بعطفه ورعايته، وكان يجلس إلى الكتاب والشعراء والمفكرين يسمع الرأي والرأي الآخر ويحاورهم في كل ما يهم شؤون البلاد والعباد."بترا"