آخر الأخبار
  عمّان الأهلية تفتتح فعاليات يوم الخريج الثاني لكلية الهندسة 2025-2026   الضمان الاجتماعي: صرف رواتب المتقاعدين الإثنين   الصناعة والتجارة توافق على طلبي استحواذ لشركتين محليتين في الطاقة والأسمنت   الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة طائرة مسيرة   يزن النعيمات يعلن نجاح العملية الجراحية   ارتفاع أسعار الذهب محليًا   مجلس الوزراء يحيل مدير عام مؤسَّسة المواصفات والمقاييس عبير الزهير إلى التَّقاعد   الحكومة تقر نظام جديد لتنظيم عمل الناطقين الإعلاميين الحكوميين   بنك الإسكان يتعاون مع ماستركارد لتعزيز حلول الحوالات عبر تطبيق إسكان موبايل   الملكية الأردنية: 8 رحلات إضافية إلى الدوحة دعما للمنتخب الوطني بأسعار مخفّضة   الأمانة تنذر عمال: عودوا إلى عملكم أو فصلناكم (أسماء)   الأمن: تأكدوا من الجاهزية الفنية للمركبات قبل القيادة   كتلة هوائية سيبيرية شديدة البرودة تؤثر على المملكة .. وتساقط ثلوج بدون تراكم   الأردن يصدر عملة تذكارية بمناسبة تأهل المنتخب الوطني لكأس العالم 2026   أبوغزاله: تعطيل العمل الخميس بسبب مباراة المنتخب يضر بالاقتصاد ولا يخدم الوطن   لأول مرة منذ أكثر من قرن .. روسيا تسمح للمسلم بالزواج من أربع نساء   بعد مصادقة "خارجية الكنيست" على قانون يستهدف "الأونروا" .. الاردن يصدر بياناً   الملك يبحث مع وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية سبل تعزيز التعاون   الأردن والهند يصدران بيانا مشتركا يضم 23 بندا   النائب هايل عياش يطالب بتأجيل أقساط الجامعات الحكومية لحين صدور قبولات المنح والقروض

ماذا يحدث في الجنوب؟

{clean_title}

جراءة نيوز -أخبار الأردن-كتبت جمانة غنيمات:

منذ التأسيس، والذي ترافق مع السعي إلى توطين البدو، ظهر الدور الرعوي للدولة، والتي بنت العلاقة بينها وبين المجتمع، بالنتيجة، على أساس مصالح متبادلة بين الطرفين؛ ترتكز على تقديم الهبات والأعطيات من "الدولة الرعوية"، مقابل التزام الناس بالقانون الذي تضعه وتطبقه. 

بعد عقود من عمر الدولة وتكشف سلبيات النمط الرعوي، سعت الدولة إلى تغييرالنهج الاقتصادي القائم. فبدأنا نشهد تغيرا جذريا في العلاقة بين الطرفين،أبرزه توقف الدولة عن تقديم الأعطيات والمنافع للمجتمع، إيمانا بأن المطلوب هو أسلوب إدارة ركيزته الإنتاجية والعمل.

مضت الحكومات في تطبيق رؤيتها الجديدة. لكن فشلها الكبير تمثل في عجزها عن توفير بديل لمصادر العيش في المناطق التي طالما اعتمدت على الدولة، وتحديدا في الجنوب.

المجتمعات الجنوبية شعرت بالخذلان وبالتخلي عنها، ولم يعد ارتباطها وثيقا بالدولة كما كان في الماضي، وذلك بعد أن تبخرت المصالح، ولم يعد القانون وسيادة الدولة مسألة تعني بعض تلك المناطق، طالما أن العشيرة والانتماء الضيق أقدر على حماية مصالح المواطن وحقوقه هناك، من الجهات المسؤولة.

الجنوب صحا فجأة ليجد نفسه بدون معين ولا حامٍ، الأمر الذي انعكس، وبشكل تراكمي، على ما يحدث في تلك البقعة من المملكة، وليصبح البديل تجارة مخدرات وأسلحة، وأكثر من ذلك مجتمعات غاضبة لا تجد من ينصفها ويقف في صفها، بعد أن أدركت تخلي الدولة عنها وعن أبنائها، ما دفعها إلى سلوك طريق أخرى تعوضها عن خسائرها.

ولم يسعف الجنوب تراكم الخيرات في أرضه، بحيث يكون مركزا تنمويا حقيقيا منتجا، بل ظلت الخطوة متأخرة؛ مرة بحجة أن أهل المنطقة لا يقبلون على العمل، ومرة أخرى بسبب فشل كثير من المبادرات، إذ لم نشهد مبادرة واحدة تنتشل الجنوب من البؤس الذي ظل يغرق فيه حتى وصل إلى ما وصل إليه.

قبل عقود، كان القانون وتطبيقه واحترامه والخضوع له، واحترام هيبة الدولة، جزءا من "الاتفاق". بيد أن تخلي الدولة عن دورها وتنصلها من ذاك "الاتفاق"،دفعا أبناء تلك المناطق إلى التحلل بدورهم من التزاماتهم؛ فلم يعد القانون يعني لهم شيئا، ولا شيء يربطهم بالمركز.

بالنتيجة، زاد الفراق بين الطرفين، حتى لم يعد الجنوبيون يفطنون لوجود الدولة والقانون والمؤسسات، وألغوا من قاموسهم مصطلح سيادة القانون، في وقت أسرفت فيه الحكومات في إهمالها للجنوب. وها هي المطالبات مستمرة حتى اللحظة بضرورة العمل على إحداث التنمية الشاملة، والارتقاء بالسوية الاجتماعية للجنوب، والهدف تجفيف منابع الاغتراب والشعور بالتهميش والفقر.

بعض أبناء الجنوب ما يزالون يظنون أن الفرصة لم تفت بعد لإعادة الجنوب إلى حضن الوطن، وما يزال صوتهم يرتفع مطالبا بتطبيق القانون ومحاسبة الخارجين عليه، حتى وصل الأمر بهم إلى التهديد بالعصيان المدني في حال لم تقم الأجهزة الأمنية بواجبها لناحية حفظ الأمن والسلم.

الوصفة ليست سرا، ولا أحد يقف في وجه تطبيق القانون؛ فمطلب دولة القانون والمؤسسات يصدر عن  كل عاقل يسعى إلى إنهاء حالة الفوضى التي تسود بين حين وآخر نتيجة تهرب الجهات المعنية من مسؤولياتها.

معان اليوم على فوهة بركان، إخماده بحاجة إلى إدراك حجم المشكلة هناك،فمصدر الخطر الحقيقي على الأمن والسلم المجتمعي ليس المعارضة المؤطرة بكل تلاوينها، وإنما هو بالتأكيد تلك المجتمعات التي تشعر بالاغتراب في بلدها.