جراءة نيوز - اخبار الاردن :
قال وزير الدولة لشؤون الإعلام، وزير الثقافة: "إن الفوضى ليست نهجا أردنيا في التعامل مع التحديات والظروف الصعبة، وبإمكاننا أن نبني مناعة ضد الفوضى وتداعياتها من خلال المحافظة على متانة الجبهة الداخلية وتماسكها".
واضاف في مقابلة مع صحيفة الاهرام المصرية اخيرا "ان الاستقرار السياسي بات ميزة مضافة للأردن عبر السنين باعتباره يشكل أولوية وطنية، وفي ظل الظرف الحالي فإن متانة جبهتنا الداخلية تتعزز بقدرتنا على المضي قدما في عملية الاصلاح الشامل بأبعاده السياسية, والاقتصادية, والاجتماعية".
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
* كيف ترى المشهد السياسي الأردني حاليا.
- شهدت البلاد حراكا شعبيا وحزبيا خلال العامين الماضيين, وهذا الحراك كان له مطالب سياسية, وقد تعاملت الدولة ومؤسسات الحكم بتفاهم عال, وقدر كبير من الاحترام لمطالب الناس, وكانت هناك استجابات عالية من الدولة وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني, هناك انجازات وتفعيل حقيقي لعملية الاصلاح السياسي, وهذا هو هدف الاصلاح برمته, وهو تمكين كل مواطن من المشاركة الفعلية في صنع القرار وبناء المستقبل، الملك لديه قناعة شخصية بالإصلاح, وإيمان كامل بأنه نهج, وأسلوب حياة.
* ماهي أبرز انجازات هذا الاصلاح وهل هناك حدود معينة أو سقف للتعامل معه؟
- منطق العملية الاصلاحية في الأردن ليس محكوما بسقف وحدود لكن التحول بشكل ذاتي وتدرجي, وعن ايمان, وقناعة, وثقة للوصول إلى منظومة سياسية ممثلة لإرادة الشعب وطموحه، توازن بين سرعة تحقيق الاصلاح المبني على أكبر قاعدة ممكنة من التوافق بين مطالب فئات متنوعة, وبين المحافظة على الاستقرار, وتجنب القفز إلى المجهول, هو الاصلاح الآمن كما نعرفه ونسميه, وقد قطعنا شوطا كبيرا بدأنا بالتعديلات الدستورية, وما انبثق عنها من استحقاقات تاريخية مثل إنشاء الهيئة المستقلة للانتخاب, وانشاء المحكمة الدستورية, وكذلك قانون الأحزاب السياسية, ونقابة للمعلمين, وصولا إلى قانون انتخاب يضمن أعلى درجات العدالة في التمثيل.
* دعنا نتحدث بصراحة وما يردده البعض من أن الأردن يمكن ان يكون المحطة المقبلة لرياح التغيير وثورات الربيع العربي.. هل ترى ان بلادكم في مأمن من خطر الفوضي الذي يضرب المنطقة؟
- ليس هناك بلد أو مجتمع محصن من خطر الفوضي, ولكن بحمد الله الفوضى ليست نهجا أردنيا في التعامل مع التحديات والظروف الصعبة, وبإمكاننا ان نبني مناعة ضد الفوضى وتداعياتها من خلال المحافظة على متانة الجبهة الداخلية وتماسكها, وعلى الاستقرار السياسي الذي بات ميزة مضافة للاردن عبر السنين باعتباره يشكل أولوية وطنية, وفي ظل الظرف الحالي فإن متانة جبهتنا الداخلية تتعزز بقدرتنا على المضي قدما في عملية الاصلاح الشامل بأبعاده السياسية, والاقتصادية, والاجتماعية.
* لكن البعض يطالب بمزيد من الاصلاحات ويذهب البعض للمطالبة بالملكية الدستورية.. كيف تري ذلك؟
- ليست هناك حدود مسبقة للإصلاح, هناك رؤية واضحة وقناعة عامة لدى قطاعات عريضة, وشرائح مختلفة بأن الاصلاح ضرورة حتمية، وجلالة الملك عبدالله الثاني دائما يقول أنا مع الشعب في قارب واحد من حيث القناعة, والايمان بأن الاصلاح الشامل هو غايتنا التي لن نحيد عنها, لم تكن هناك مطالب بتغيير شكل الدولة, والنظام في الأردن نيابي ملكي وراثي, وتجربتنا الدستورية عمرها عقود في دولة عمر مؤسساتها أكثر من تسعين عاما, والمتابع لخريطة الاصلاحات التي يسير عليها الأردن منذ سنوات يستطيع ان يرى ويميز حجم الانجاز الذي تحقق.
* دعنا نكون أكثر تحديدا ونتحدث عن آلية تشكيل الحكومات وهنا أعني حكومة برلمانية وهنا يرى البعض ان البرلمان المقبل الذي ستفرزه الانتخابات سيكون شكليا وصوريا؟
- الانتخابات استحقاق اصلاحي وضروري, وليس استبداله شكليا بمجلس لا يكون فاعلا, وحل مجلس النواب كان جزءا من المطالب, جلالة الملك تحدث كثيرا حول الحكومات البرلمانية والممثلة منذ ان تولى جلالته السلطة الدستورية, وهو لديه قناعة للوصول إلي حكومات برلمانية, والانتخابات البرلمانية المقبلة, وتوجهات المجلس, وقدرته على إيجاد كتل برلمانية ستكون مدخلا رئيسيا في اختيار رئيس الوزراء, وتشكيل الحكومات التي تحظى بثقة مجلس النواب المنتخب, وتطوير نهج حكومات برلمانية حزبية برامجية يتطلب وجود أحزاب وكتل برلمانية قادرة على تمثيل غالبية المواطنين.
* تتحدث عن الانتخابات المقبلة كاستحقاق اصلاحي في حين يستبعد البعض اجراءها ويذهب البعض الآخر للتشكيك بشفافيتها ونزاهتها بسبب الارث السلبي لدى الناخب الأردني؟
- نحن على بعد أيام بل ساعات من العملية الانتخابية التي ستكون بإذن الله مضبوطة إلى حد الكمال, نتعهد بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة, ونحن ملتزمون التزاما قاطعا بذلك, نحن نقدر الصورة السلبية التي يحملها الناخب الأردني عن البرلمانات السابقة فهي لم تكن كما يشاء, ولم يكن اداؤها مقنعا وساطعا, وفشلت في تلبية تطلعات المواطن, وأمله في التغيير نحو الأفضل.
هناك من يرى ان المجلس المقبل قد يحمل التركيبة ذاتها لكننا نأمل ونتمنى ان يكون مجلسا مثاليا, ونموذجيا يلبي طموحات الشعب.
* تؤكدون على شفافية ونزاهة الانتخابات في حين أن المعارضة وتحديدا الإسلامية تستبق وتقدم اتهامات بوجود تدخلات أمنية مبكرة كيف هو الحديث عن استعداداتكم للانتخابات؟
- الأجهزة الأمنية في الأردن تعمل كجزء من الحكومة ولا تتدخل مطلقا في العملية الانتخابية ولا ينبغي لها أ ن تتدخل، هناك أوامر صارمة من جلالة الملك بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية سواء أكان ذلك التدخل مباشرا أم غير مباشر.
* سؤالي هذا عن الفساد لكنه ينقسم إلى شقين الأول وأعني المال السياسي واستخدامه خلال العملية الانتخابية، والثاني عن التربح واستغلال النفوذ واتهامات بالفساد طالت شخصيات مرموقة على غرار رئيس المخابرات الأسبق ورئيس مجلس ادارة شركة الفوسفات السابق؟
- الفساد واحد من القضايا المؤرقة للمواطن والدولة الأردنية وهو بند أساسي على اجندة الحكومات وعلى بطاقات المتظاهرين وهو مصدر خطر على مسارات اي مجتمع أو دولة، وأي حكومة في العالم لا تستطيع ملاحقة الفساد إن لم يتعاون المواطن، وثمة شكاوى من المواطنين بأن هناك مالا سياسيا يوظف لشراء ذممهم وهذا التصدي جريمة معقدة وكبيرة ولابد أن يتم التعامل معه من خلال أدلة وإثبات وبراهين وعن طريق الأحكام القضائية ويبقى علينا دائما تقديم الأدلة، وفي النهاية فإن القضاء هو صاحب القول وليس السلطة التنفيذية.
* تبدو علاقة الدولة بالإخوان المسلمين في شد وجذب اصبحت أكثر توترا في السنوات الماضية, هم يختلفون على اشياء كثيرة واخيرا اتخذوا قرارا بمقاطعة الانتخابات.. كيف رؤيتكم لهم؟
- الإخوان هم أحد مكونات المجتمع الأردني الذي نعتز به وحزبهم السياسي هو جزء من الطيف السياسي وحضورهم في الحياة السياسية مؤشر الى التنوع الذي طالما حرصنا على اثرائه، ومواقفهم من العملية السياسية الاصلاحية في الأردن باتت أخيرا محكومة باعتبارات ذاتية ومدخلات اقليمية وهذا هو الواقع السياسي في المنطقة ليس لنا معهم أي إشكالية فهم جزء من الحياة السياسية منذ أكثر من60 عاما منذ عام1946 وفي وقت كان الاخوان في كثير من الدول في السجون والمعتقلات كان اخوان الأردن في الحكومة والأحزاب والحياة السياسية، ومن حيث المنطق الديمقراطي من حقهم أن يقاطعوا الانتخابات لكن الإخوان لا يقاطعون من أجل القانون ولكنهم يطالبون بتعديل مواد الدستور34، 35، 36 .
* ليس سرا أن دولتكم ذات موارد محدودة, هناك حديث حول زيادة المحروقات وكذلك الأسعار.. كيف هي معركتك الاقتصادية؟
- المعركة اليوم إن جاز التعبير هي الإصلاح الشامل في ظل ظروف اقتصادية صعبة جدا ومعقدة واستثنائية، فمن الصعب جدا أن تخاطب الوعي والارادة السياسية لدى الناس عندما تتصدر الأوضاع الاقتصادية أولوياتهم والتحدي الرئيسي هو كيف تقتنع الناس بتشابك الاقتصادي بالسياسي وأن المدخل في تغيير الأوضاع الاقتصادية هو المشاركة السياسية, الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها اليوم بحاجة الى قرارات وسياسات اقتصادية واجتماعية مدروسة وشاملة وطويلة المدى تستند الى ارادة شعبية من خلال ممثلي الشعب في البرلمان ومن هنا تأتي أهمية الانتخابات، رفع المحروقات ليس خيارنا في هذه المرحلة.
* تتلامسون مع خط التماس في الحرب المفتوحة في سوريا كيف هي انعكاسات الأوضاع على بلادكم وما هي رؤيتكم للحل؟
ـ موقفنا ورؤيتنا للحل هو أن يقوم على حل سياسي للأزمة ووقف نزيف الدم وعدم تدخل خارجي أو عسكري، وندعو للمحافظة على وحدة التراب والشعب السوري، ونؤكد دعمنا لمهمة المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي, وضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه تداعيات استمرار هذه الأزمة على الأردن ودول المنطقة، وتستضيف المملكة التي تشترك مع سوريا بحدود يزيد طولها على370 كم أكثر من300 ألف سوري معظمهم في المدن الأردنية، وهؤلاء أيضا يحملون الحكومة والخزانة الأردنية اعباء كثيرة على الاقتصاد والبعثة الأساسية، ندعو السوريين للتوافق والخروج من الأزمة ونقف الى جانب الاشقاء في سوريا لأن الاستقرار هو في النهاية لصالح الأردن.
* قضية السلام مع اسرائيل لا تزال في الثلاجة منذ سنين.. كيف هي تطوراتها وماذا عن حل الدولتين وكيف هو وضع القدس وما هو البديل وهل هناك أفكار لمراجعة عملية السلام؟
- واجبنا كدول عربية مؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية الاستمرار في الضغط عربيا واقليميا ودوليا لفرض القضية الفلسطينية على أجندة الأولويات الدولية, إن الوصول الى حل الدولتين يواجه صعوبة حقيقية ولكن لا يوجد بديل يحقق طموح وحقوق وأماني الشعب الفلسطيني واحتياجات اسرائيل للأمن والقبول في المنطقة الا حل الدولتين، نؤمن بدولة فلسطينية على حدود عام1967 وعاصمتها القدس الشرقية استنادا الى قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المتفق عليها بما في ذلك اسرائيل والقنوات الدبلوماسية مع اسرائيل المفتوحة بينما ساعدت في حل كثير من المشاكل وهي في النهاية مسخرة لخدمة القضية الفلسطينية، لقد تجاوزنا عملية التفاوض ولسنا بحاجة الى مفاوضات جديدة، نحن بحاجة الى عملية سلام حقيقية، لكن السياسات الاسرائيلية قاتلة لعملية السلام تهدر كل فرص السلام الحقيقية.
* دعنا نصل الى نهاية الحوار وسؤالي عن ابعاد العلاقات الأردنية مع مصر، سادها في فترة ما نوع من الفتور كيف الطريق لتطوير وتجويد هذه العلاقات؟
- العلاقات المصرية الأردنية قوية وتاريخية، فمصر هي الدولة الأهم والأكبر في المنطقة ذات التاريخ والحضارة وقوتها من قوة العرب وتشهد مرحلة جديدة بعد ثورة يناير ونتمنى لها مزيدا من الاستقرار والأمان، كان هناك نوع من المعاتبة إثر أزمة توقف الغاز المصري الذي سبب حالة من الضيق للاقتصاد الأردني، وكانت زيارة رئيس الوزراء المصري أخيرا لعمان ناجحة وموفقة، هناك تواصل بين الزعيمين محمد مرسي وجلالة الملك عبدالله الثاني, ونحن نتابع التطورات الداخلية ونعتبرها شأنا مصريا خالصا، وأرض الكنانة قادرة على تجاوز محنتها والسير في الطريق الصحيح والأمان ونعمل جاهدين على تطوير العلاقات المشتركة.-(بترا)