صرّح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأن الحرب في قطاع غزة ستدخل قريباً مرحلة جديدة.
وقال نتنياهو، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، إن "مرحلة القتال الشديد في غزة على وشك الانتهاء".
وأضاف: "هذا لا يعني أن الحرب على وشك الانتهاء، لكن مرحلتها المكثفة هي التي على وشك الانتهاء".
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" يظل أي حل دبلوماسي في غزة غير مؤكد، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن ائتلاف نتنياهو من المرجح أن ينهار إذا أوقفت إسرائيل الحرب في غزة دون إزالة حماس من السلطة.
ومع ذلك، يبدو أن رئيس الوزراء يشير إلى أن إسرائيل، بعد الانتهاء من عمليتها العسكرية الحالية في رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب غزة، لن تسعى إلى شن عمليات غزو برية كبيرة للمدن في وسط غزة، وهي المنطقة الوحيدة في القطاع التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي، لم تنفذ مثل هذه الهجمات.
وفي حين، قال القادة الإسرائيليون منذ يناير/كانون الثاني إنهم ينتقلون إلى حرب أقل حدة، فإن انتهاء عملية رفح قد يسمح بإكمال هذه العملية.
وذكر التحليل الإخباري الذي كتبه "باتريك كينغسلي" مدير مكتب التايمز في القدس، إن تصريحات نتنياهو، والتعليقات الأخيرة لوزير الدفاع يوآف غالانت، الذي كان في واشنطن يوم الإثنين، تشير إلى أن تركيز الخطاب السياسي الإسرائيلي والتخطيط الاستراتيجي يتحول إلى الحدود الشمالية مع لبنان.
وفي بيان صدر يوم الإثنين، قال مكتب غالانت إنه ناقش مع المسؤولين الأميركيين «الانتقال إلى (المرحلة ج) في غزة وتأثيرها على المنطقة، بما في ذلك فيما يتعلق بلبنان ومناطق أخرى».
وفي وقت مبكر من الحرب، وضع غالانت الخطوط العريضة لخطة معركة من ثلاث مراحل، شملت غارات جوية مكثفة ضد أهداف حماس والبنية التحتية؛ فترة من العمليات البرية تهدف إلى «القضاء على جيوب المقاومة»؛ والمرحلة الثالثة، أو المرحلة ج، من شأنها أن تخلق «واقعًا أمنيًا جديدًا لمواطني إسرائيل».
وترى الصحيفة الأميركية أن "التحول في الخطاب خلال عطلة نهاية الأسبوع قد يكون نذيرًا لتصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل". مشيرة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يحذرون منذ أشهر من أنهم قد يغزون لبنان إذا لم يسحب حزب الله قواته من المناطق القريبة من الحدود. كما هدد حزب الله بغزو إسرائيل.
لكن تراجع الحرب في غزة يمكن أن يفضي في نهاية المطاف إلى خلق مساحة لتهدئة الأعمال العدائية على الحدود اللبنانية – وفقا للتحليل. وقد انضم حزب الله إلى القتال في أكتوبر/تشرين الأول تضامناً مع حماس، وأشارت قيادته إلى أنه قد ينهي حملته إذا انحسرت الحرب في غزة.
وفيما يلي السيناريوهات الأربعة التي وضعتها نيويورك تايمز للتحول المتوقع في موقف إسرائيل في غزة.
1ـ غارات صغيرة على غزة
بمجرد انتهاء الحملة الإسرائيلية في رفح في الأسابيع المقبلة، أصبح من المتوقع أن يركز الجيش على عمليات إنقاذ المحتجزين في جميع أنحاء قطاع غزة، مثل تلك التي أنقذت أربعة إسرائيليين في أوائل يونيو/حزيران وقتلت العشرات من الفلسطينيين.
ويقول المسؤولون العسكريون أيضًا إنهم سيواصلون مداهمة لفترة وجيزة للأحياء التي استولوا عليها خلال المراحل السابقة من الحرب، لمنع مقاومي حماس من استعادة الكثير من قوتهم في تلك المناطق.
وتشمل نماذج هذا النوع من العمليات عودة إسرائيل إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة في مارس/آذار، بعد أربعة أشهر من الغارة الأولى عليه، أو العملية التي استمرت ثلاثة أسابيع في مايو/أيار في جباليا، والتي استولت عليها القوات الإسرائيلية للمرة الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني.
2ـ فراغ السلطة
من خلال الانسحاب من قسم كبير من غزة دون التنازل عن السلطة لقيادة فلسطينية بديلة، قد تسمح إسرائيل لقادة حماس بالاحتفاظ بهيمنتهم على القطاع المدمر، على الأقل في الوقت الحالي.
ومن الممكن أن يتمكن الجيش الإسرائيلي، إذا داهم غزة بانتظام، من منع حماس من العودة إلى قوتها السابقة – لكن ذلك من شأنه أن يطيل أمد فراغ السلطة الذي تتنافس فيه العشائر والعصابات الكبيرة مع حماس على النفوذ، ومن شأن هذا الفراغ أن يزيد من صعوبة إعادة بناء غزة وتوزيع المساعدات وتخفيف معاناة المدنيين.
ومن المتوقع أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على حدود غزة مع مصر لردع تهريب الأسلحة إلى هناك، ومن المتوقع أيضًا أن تستمر في احتلال قطاع من الأراضي يفصل بين شمال غزة وجنوبها، مما يمنع حرية الحركة بين المنطقتين.
3ـ الحرب مع حزب الله.. أو التهدئة
من خلال نقل المزيد من القوات إلى الحدود الشمالية، سيكون الجيش الإسرائيلي في وضع أفضل لغزو لبنان حتى يتمكن من إجبار مقاتلي حزب الله على الابتعاد عن الأراضي الإسرائيلية.
لكن حشد القوات هناك يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الهجمات الصاروخية من جانب حزب الله، مما يزيد من احتمال حدوث خطأ في الحسابات يمكن أن يؤدي إلى حرب شاملة. وقد حذر زعيم حزب الله، حسن نصر الله، الأسبوع الماضي من أن الحزب قد يغزو إسرائيل، ويبدو أن خطر التصعيد أصبح أقرب مما كان عليه منذ أشهر.
وفي الوقت نفسه، فإن إعلان إسرائيل أنها تنتقل إلى مرحلة جديدة في غزة يمكن أن يوفر أيضاً سياقاً لتهدئة التصعيد. فتقليص القتال في غزة يمكن أن يمنح حزب الله مخرجاً. وفي فبراير/شباط، قال نصر الله إن الحزب سيتوقف عن إطلاق النار «عندما يتوقف إطلاق النار في غزة».
كما أن فترة من الهدوء النسبي على طول الحدود اللبنانية قد تدفع النازحين الإسرائيليين إلى العودة إلى ديارهم. وهذا بدوره من شأنه أن يخفف الضغط على الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد حزب الله. أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت القادة الإسرائيليين يفكرون في غزو لبنان هو خلق الظروف التي يمكن من خلالها إقناع النازحين الإسرائيليين بالعودة إلى ديارهم.
4ـ توترات مع بايدن
من خلال الإعلان عن الانسحاب من غزة، قلل نتنياهو من أحد مصادر الاحتكاك مع الرئيس بايدن، لكنه أبقى على مصادر أخرى.
وقد انتقد بايدن سلوك إسرائيل في الحرب، حتى مع استمرار إدارته في تمويل إسرائيل وتزويدها بالأسلحة. إن حرباً أقل تدميراً في غزة ستوفر فرصة أقل للنقاش مع واشنطن حول الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.
لكن رفض نتنياهو صياغة خطة واضحة لحكم غزة بعد الحرب، فضلاً عن الاحتمال المتبقي لغزو إسرائيلي للبنان، يترك فرصة كبيرة للخلاف مع واشنطن.
وتريد إدارة بايدن إنهاء القتال مع حزب الله، وقد ضغطت على نتنياهو لعدة أشهر لتمكين قيادة فلسطينية بديلة في غزة. لكن نتنياهو أبقى مستقبل غزة غامضا، وسط ضغوط من شركائه في الائتلاف اليميني لاحتلال المنطقة وإعادة توطينها مع الإسرائيليين.