فيما تضع منظمة الصحة العالمية الأردن في المرتبة الأولى في معدلات انتشار التدخين، حذر خبراء واستشاريون من الانتشار الواسع للسجائر العادية والإلكترونية والأرجيلة، خاصة بين الذكور تحت سن 18 عاما، في المملكة، والتي تزيد من فرص انتشار الأمراض التنفسية والقلبية.
وأكد هؤلاء الخبراء أنه "رغم تزايد الوعي بمخاطر التدخين، وتقدير وزارة الصحة حصول 10 آلاف وفاة في المملكة بسببه سنويا، إلا أن القبول الاجتماعي للتدخين يتزايد، ولم يعد الشباب والنساء يدخنون في الخفاء كما كان يحدث قبل سنوات، حيث أصبحت السيجارة الإلكترونية نوعا من الحداثة أو الموضة، وجلسات الأرجيلة عادات اجتماعية تجذب شرائح جديدة من غير المدخنين".
وفي السياق، أشار استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية، الدكتور محمد حسن الطراونة إلى أن التدخين بات منتشرا في الأردن بشكل كبير، خاصة بين الذكور تحت سن 18 عاما، فضلا عن انتشار السجائر العادية والإلكترونية والأرجيلة في المقاهي والمنازل.
وقال الطراونة إن قوانين الصحة العامة غير مفعلة في الأردن، علما أن المملكة وقعت على اتفاقية إطارية عالمية لمكافحة التبغ، لكن يلاحظ أن التدخين منتشر بين المراهقين، برغم وجود قانون يمنع بيع السجائر للأعمار تحت سن 18 عاما، فضلا عن انتشار السجائر الإلكترونية بشكل خاص بين المراهقين.
وأضاف أن "السجائر الإلكترونية تروج بشكل كبير في الأردن، دون حسيب أو رقيب، علما أن القانون يمنع ذلك، فيما تستهدف تلك الإعلانات فئات معينة، مع وجود إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، تقدم خصومات على "الأرجيلة" في المقاهي.
وذكر أن الوزارة وقعت على منع الترويج للتدخين على وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، حسب المادة 63 من قانون الصحة العامة، مطالبا الجهات المختصة بتحمل المسؤولية حول انتشار هذه الظاهرة.
وتابع: هنالك دول في العالم اتخذت إجراءات ووضعت قيودا على السجائر الإلكترونية، ومنها أستراليا، حيث حصرت بيعها في الصيدليات فقط، وأيضا رصدت بريطانيا ملايين الجنيهات الإسترلينية لمكافحة انتشار التدخين، وفي دراسة أجريت بأميركا، تبين أن 13 % من المراهقين يدخنون سجائر إلكترونية، حيث عملت على مكافحتها والحد من انتشارها.
وشدد على أهمية توجه وزارة الصحة، بالعمل على حماية صحة المواطنين، لأن التدخين يؤدي إلى أمراض مزمنة، كالانسداد الرئوي المزمن، وتليف الرئة، ونوبات الربو، وتحسس القصبات، وتهيج الجهاز التنفسي، والمضاعفات التي تكبد تكاليف باهظة الثمن، وتزيد من الانفاق في القطاع الصحي الذي تتحمله الدولة.
وكشف عن أن آخر دراسة في الجامعة الوطنية الأسترالية، تشير إلى أن هنالك حوالي 240 مادة كيميائية موجودة في السجائر الإلكترونية، 40 مادة منها صنفت بأنها سامة، وأيضا في دراسة أجريت في جامعة بوسطن تبين أن المواد الموجودة في السجائر الإلكترونية؛ مثل مادتي الجلسرين والبروبيلين قليكول، لهما تأثير على الخلايا المناعية داخل الرئة، والتسبب بمضاعفات تسمى بأمراض الرئة المرتبطة بالتدخين الإلكتروني.
وأكد الحاجة إلى وجود دعم من قبل الإعلام والحكومة، لمواجهة تفشي ظاهرة السجائر الإلكترونية.
بدوره، قال الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة إن مجيء الأردن في المرتبة الأولى عالميا في التدخين إن دل على شيء فيدل على "أننا أمام أزمة تتعلق بعدة جوانب، منها النفسي والاجتماعي المرتبطان بالصحة والسلامة والنفسية؛ لان نظرتنا للتدخين عموما، سواء لتدخين السجائر أو الأراجيل، تتجه إلى أنها نوع من وسائل مقاومة الهموم، وبالتالي نربطها دائما بالجانب النفسي الذي يحسن من صحة تفكيرنا، وهذه أشكالية كبيرة جدا، من خلال انعكاسها على السلوك الشخصي".
وأضاف النوايسة أن "الجانب الاقتصادي يرتبط بالجانب الاجتماعي، فنحن نعلم أن التدخين هو أمر مكلف جدا، والضريبة عليه عالية للغاية، وفي نفس الوقت نشكو من الأوضاع الاقتصادية الصعبة".
وتابع: "التدخين من الجانب التربوي هو سلوك سلبي يمارس، وللأسف أصبح عبارة عن عدوى تنتقل في المجتمع بشكل كبير من الآباء الى الأبناء، ومن المعلمين للطلاب، وغير ذلك، وأصبح ظاهرة نفسية وتربوية مقلقة ومكلفة تحتاج الى وقفة لنعيد التفكير في الأدوات والوسائل التي نربي عليها أولادنا".