بعد عشرة أيام في غرفة الانعاش سلّم الشابّ الروح. تداولت مواقع إلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعية خبر تسطير القوى الأمنية محضر ضبط بحقه بقيمة ثلاثة ملايين وخمسمئة ألف ليرة لبنانية بعد الحادث على درّاجته النارية،...
رحل طه الناورغي تاركاً الدنيا وهمومها، بعد مسيرة 22 عاماً فيها، أتعبته بما فيه الكفاية إلى درجة أنه لم يستيقظ ثانية منذ دخوله المستشفى الإسلامي، وكأنه أرادَ أن يستريحَ بعيداً من كل الضجيج الذي دارَ في حياتِه وحول قصّتِه.
"فدى الصغيرة بنفسه"
يوم الجمعة الواقع في 20 من هذا الشهر، كان ابن الميناء-طرابلس في طريق عودته إلى المنزل بعدما أنهى صلاته في المسجد، وبحسب ما شرحه ابن عمه أحمد لـ"النهار": "عند وصوله إلى شارع المئتين فوجِئ بفتاة صغيرة وسط الشارع، خشيَ أن يصدمَها وحاولَ الابتعاد منها، فاصطدم بعمود، سقطَ عن دراجته الناريّة، ونُقل إلى المستشفى. كان مصاباً بنزفٍ في رأسِه، أياماً أمضاها داخل العناية الفائقة، قبل أن يطلعنا الأطبّاء يوم الأحد الماضي أنه فارق الحياة".
محضر من وهم
اتهامات يميناً وشمالاً ساقها مواطنون ضد القوى الأمنية، منذ انتشار إشاعة تسطيرها محضر ضبط بحق طه بمبلغ ماليّ خياليّ، ولا سيما أنه شابّ فقير يعمل في شركة تنظيف الزجاج، معيل عائلته المؤلفة من والدته وشقيقتين بعد وفاة والده بذبحة قلبية قبل خمسة أشهر، لكن مصدراً في قوى الأمن الداخلي أكّد لـ "النهار" أنّ "كل ما يجري تداوله غير صحيح"، مشيراً إلى أنه "ما قمنا به فتح محضراً عند دخول طه إلى المستشفى، وهذا إجراء روتيني عند دخول جريح بحادث لحفظ حقه"، وتساءل "من وضع هذه التسعيرة، كيف لنا أن نحررَ ضبطاً لشابّ في العناية الفائقة، أليسَ من المفترض أن يكونَ واعياً ليوقّع عليه"، وعن سبب تسطير الضبط في حالة طه فيما لو لم يتوفّ شرح: "لكون دراجته النارية غير مسجلة وهذا ضبطه 350 ألف ليرة لا كما أشيع بالملايين".
"كلام الناس"
لكن من أطلع العائلة عن تسطير محضر ضبط بحق ابنها كما جرى تداوله؟ عن ذلك أجاب أحمد: "لم نبلّغ مباشرة، سمعنا من أشخاص حولنا هذا الأمر، لكن قبل يومين اتصل مخفر الميناء بأسامة شقيق طه من والدته، طلب إليه إحضار هويته، لا نعلم لم، ربما من أجل الضبط"، وهذا ما أكده أسامة لـ "النهار"، في حين شرح مصدرٌ في قوى الأمن الداخلي أنّ "طلب الهوية هو من أجل سحب النشرة لمعرفة إن كان بحقه قرارات لوقفها وإرسال برقيات أنه توفي، لكن عائلته اعتقدت من أجل تسطير ضبط، أما الحقيقة فهي أننا نريد تسليم الجثة بعد إتمام المحضر".
المال مقابل الجثّة؟
لم تقتصر البلبلة حول قصّة طه على ذلك، فكما لفت أحمد "رفض المستشفى بداية تسليمنا جثته قبل دفع مبلغ مليون وخمسمئة ألف ليرة، على الرغم من أنّ شخصين سددا المال كما أطلعنا، كذلك تطالبنا الإدارة الآن بدفع مبلغ ثلاثة ملايين و750 ألف ليرة، لا نعلم لماذا طالما أنّ طه كان يُعالج على نفقة وزارة الصحّة"، لكن مصدراً في إدارة المستشفى أكّد لـ "النهار" أنّ "كلام عائلة الناورغي غير صحيح"، وأضاف: "لم نطلب المال لتسليم الجثة، كنا ننتظر إنهاء القوى الأمنية لتقريرها، كما أنّ المستشفى لم يطالب العائلة بليرة".
في الأمس شيّع طه إلى مثواه الأخير، التحفَ التراب بعدما نفضَ عنه همومَه وأوجاعَه ومعاناته!