أصرّ على اكمال دوام عمله رغم تعبَه ونعسَه، أنهى خدمته، ركب سيارته وتوجه الى منزله، لكن شبح الموت كان بانتظاره على الطريق، خطف روحه وهو في ربيع عمره، بعد اصطدام مركبته بحائط. هو عريس الشوف رشيد صباح الحلبي، الشاب الجامعي الذي أجبرته الظروف الاقتصادية في لبنان أن يعمل في شركة للحراسة الأمنية بدلاً من اختصاصه في ادارة الأعمال.
"غفوة" قاتلة
عند الساعة السادسة من صباح السبت الماضي، أنهى ابن بلدة بعدران عمله، " كان السهر في العمل قد أنهك قواه، طلب منه زملاؤه أن يعودَ أدراجه الى منزله في السمقانية، لكنه رفض مصراً على انهاء الدوام"، بحسب ما قاله عمه رمزي لـ"النهار" قبل ان يضيف "ما ان وصلَ طريق ملتقى النهرين حتى اصطدمت سيارته بحائط، ومما يبدو حتى الآن ان النعاس تملك رشيد، غفت عيناه، فحصل الاصطدام، اذ لا يوجد أثرٌ لفرامل على الطريق".
صودف مرور أحد معارف العائلة في مكان الحادث، اتصل بقريب رشيد واعلمه بالخبر المريع، وقال العم بصوت مجبول بالحزن والأسى المرير: " حضرت سيارات الاسعاف على الفور، حاولت انعاش رشيد(23 عاما)، قبل نقله الى مستشفى الجية في اسرع وقت ممكن، لكن للأسف لم يقوَ على الصمود، اذ ان نزيفاً داخلياً أصابه، أطبق عينيه الى الأبد، رحل تاركاً غصة في قلب كل من عرفه". ولفت: "عندما تلقيتُ الخبر توجهت مباشرة الى المستشفى، اتصلت بوالده من دون ان أعلم من أين ابدأ الحديث معه، وكيف أخبره بالفاجعة، طلبتُ منه الحضور، أطلعته ان رشيد بخير كي يتمكن من الوصول بسلام، اذ انه في طريقه الى المستشفى سيرى الحادث، سألني ان كان رشيد امامي، اجبته نعم".
" الله لا يذيق هذا الكأس لانسان"، جملة قالها رمزي قبل ان يشرح كيف سقط الخبر كالصاعقة على والدي رشيد عندما علما بوفاة ابنهما، ولفت "لا كلمات تعبّر عن هول المصاب، ولا كلمات يمكن أن تصف حال والدين كرسا حياتهما لتربية أولادهما الأربعة، شابين وفتاتين، اذ كيف يمكنهما تصديق ان فلذة كبدهما فارقهما الى الابد في لحظات".
كل من عرف رشيد تحدث عن " شاب لم يزعج انساناً في حياته. كل شيء فيه كان يبتسم، عيناه، قلبه، وروحه، نصيبه في الحياة كان قليلاً، لكن ذكراه الطيّبة ستبقى الى ما لا نهاية".