تعتبر آلام الرقبة مرض العصر غير المحصور بفئة عمريّة محدّدة. وبعد أن كان يرتبط قديماً بالتقدّم في العمر، تحوّل الآن، لاسيما مع نمط الحياة العصري، الى مرضٍ شائع بين جيل الشباب. فهل يمكن أن يكون العلاج شافياً؟ كلّ مَن يعاني من آلام الرقبة، يعلم حجم المعاناة التي يمكن أن تحوّل حياته الى جحيم، خصوصاً إذ ينتقل الألم إلى مختلف أنحاء الجسد كالذراعين والظهر والرجلين. وفي هذا السياق، أشار الاختصاصي في جراحة العظم والمفاصل والمنظار، والأستاذ المحاضر صاحب مقالات طبّية عدّة الدكتور عامر عبدالله الى أنه "أصبحت أوجاع الرقبة داءاً شائعاً جداً.
صحيح، أنه لطالما كان موجوداً، ولكن ليس بهذه الكثرة. ويمكن ربط ذلك، بنمط الحياة الذي نعيشه وكثرة استعمال الاجهزة الذكية والعمل وراء المكتب، خصوصاً أنّ هذه الامور تتطلّب وضعياتٍ معيّنة وانحناءً على مستوى الرقبة، اضافةً الى عامل التوتّر الذي يحفّز أيضاً ظهور المشكلة".
أوجاع الرقبة
تتعدّد الأسباب التي يمكن أنّ تشكّل ضغوطات على العامود الفقري ككل، أي في أسفل الظهر، وعلى الرقبة أيضاً. ويشرح "تتكوّن الرقبة من فقرات يوجد بينها ما يعرف بالديسكات، والأربطة التي تصل الفقرات ببعضها، إضافةً الى الغلاف العضلي.
وعند تَعَرُض مكوّنات الرقبة الى ضغوطات زائدة، تبدأ الأوجاع بالظهور. وفي التفاصيل، عندما تتعرّض الديسكات للضغط ستظهر مشكلات الديسك عند المريض، كذلك الوجع في الأربطة، والتهاب العضل. وتُعتبر التشنّجات التي تصيب الغلاف العضلي مصدراً ثانياً للوجع".
إمتداد الألم
كثيراً ما نسمع بامتداد وجع الرقبة الى الظهر أو الرجلين أو الذراعين. فما هو التفسير الطبّي لهذه الحالة؟ يجيب د. عبدالله "الموضوع متشعّب جداً، فهناك الكثير من الأماكن التي يمكن أن تؤلم المريض وأن تكون الرقبة هي السبب. فإذا ضغط وجع الرقبة على أعصاب اليد بالطبع سوف يتحوّل الوجع الى هذا العضو، وإذا كان الديسك متحرّكاً، وضغط على أعصاب الرجل سيتحوّل الوجع الى هذه المنطقة بالتحديد.
ولكنّ الموضوع الأهم والأكثر شيوعاً، هو الخلط بين وجع الكتف ووجع الرقبة. فالبعض يظنّ أنّ مصدرَ وجع كتفهم هو رقبتهم والعكس صحيح. وهنا تظهر أهمية دور الطبيب في التشخيص وتحديد مصدر الوجع وتوجيه المريض للعلاج المناسب».
أهميّة التشخيص
يمكن أن ينتظرَ المريض بعد شعوره بالوجع لفترة صغيرة، ولا ضرر أن يتناول خلالها المسكّنات، إلّا أنّه في حال استمرت الآلام لوقت أطول فمن الضروري التوجّه عند الاختصاصي. وفي هذا الاطار، يوضح د. عبدالله "نبدأ التشخيص بمساءلة المريض عن أماكن أوجاعه لنتمكّن من حصر الحالة بتشخيص أو إثنين، بعدها نخضعه للفحص السريري الذي تكون نتيجته أدق.
ثمّ يقرّر الطبيب إذا كان هناك داعٍ لبعض الفحوصات للتأكد من التشخيص، كصورة الأشعة أو الرنين المغناطيسي، وقد يحتاج في بعض الحالات الى فحوصات مخبريّة. وعلى الأثر، نشخّص حالة المريض ونبدأ بالعلاج".