آخر الأخبار
  الصفدي: الفلسطينيون في غزة لا يموتون من "القنابل فقط" بل من المجاعة ونقص الأدوية   اردوغان واصفاً نتنياهو: هتلر عصرنا   الصفدي: إسرائيل لا تريد لأونروا الاستمرار لأنها تريد قتل الأمل بحل قضية اللاجئين   اللواء الحنيطي: تزويد سلاح الجو بأحدث طائرات وأجهزة ومعدات للدفاع عن سماء الأردن   الحموري: كأردنيون لنا أن نعتز ونفاخر الأمم بهذه الجهود العظيمة التي لا يفتأُ يبذلها جلالة الملك   الجيش ينفذ إنزالًا جويًا لمساعدات غذائية في جنوب قطاع غزة   العرب ينفقون 1.7 مليار دينار في الأردن خلال 8 أشهر   الأردن يتجهز لأضخم مسح إحصائي للسكان في 2025   دعوات لوقف إطلاق النار في لبنان لمدة 21 يوماً .. وتحذيرات من إندلاع "حرب شاملة"   ولي العهد للأميرة سلمى: فخور بطموحك وعطائك   نعي وفاة 3 أطباء أردنيين   السكجي يكشف عن ظهور "مذنب شهير" في سماء الأردن وفي هذا الموعد!   ذوو طلبة من منطقة الاشرفية يناشدون وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة   الملكة تهنئ الأميرة سلمى في عيد ميلادها   برنامج الأغذية يحتاج 3.9 مليون دولار لدعم التغذية المدرسية في الأردن   تأكيد أردني على تسريع تنفيذ المدينة الاقتصادية مع العراق   الأردن ينفذ العام المقبل أضخم عملية مسحية إحصائية تقوم بها المملكة   هل تعتمد الهيئة المستقلة تطبيق سند في الإنتخابات المقبلة ؟   بنك الإسكان ينفذ تجربة إخلاء وهمية لمباني البنك الرئيسية   ‎منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة: غزة أخطر مكان في العالم

تعرف على السلاح الكيماوي القاتل الذي استخدم لتنفيذ "مجزرة خان شيخون" في سوريا

{clean_title}
كثُر في الآونة الأخيرة الحديث عن استخدام النظام السوري غاز «السارين» السام ضدّ مواطنيه، بحسب ما أشارت تقارير استخباراتية أميركية فرنسية وبريطانية. فما هي طبيعة هذا الغاز المميت؟ وما هي أعراضه والآثار التي يخلّفها؟أثارت المعلومات عن استخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية، الاضطراب والقلق، بعدما رجّحت مصادر البيت الأبيض تجهيز النظام السوري مركبات مختصّة بإعداد غاز 'السارين' القاتل، وبعدما توالت التحذيرات الدوليّة لدمشق من العواقب الوخيمة لاستخدامها الأسلحة الكيميائية ضدّ المدنيّين.

ويلفت مصدر ديبلوماسي إلى أنّ مصدر العيّنات هو 'حي جوبر' في جنوب دمشق، حيث شهد مراسلان لصحيفة 'لوموند' في منتصف نيسان الماضي استخدام غازاتٍ سامّة، ونقلا عيّنات إلى السلطات الفرنسية، إضافة إلى مدينة 'سراقب' في جنوب حمص التي شهدت هجوماً نهاية نيسان.

وتعتقد دوائر المخابرات الغربية منذ سنوات أنّ لدى سوريا مخزوناً كبيراً ومتنوّعاً من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وهو أمر لم تنفِه دمشق بشكل كامل، بل اكتفت بالقول إنّها 'لن تستخدم هذه الأسلحة، إن وُجدت، ضدّ شعبها'، وفقاً لوزارة الخارجية السورية.

إستخدام «السارين» كسلاح كيماوي

ويُعَدُّ 'السّارين' من المواد الكيميائية المحرّمة دوليّاً، والتي تُستخدم لأغراض عسكرية في بعض الأحيان، ويعود استخدامه إلى ثلاثنيّات القرن الماضي، حيث كان يُستعمل كقاتل للحشرات، لكنّه أصبح فيما بعد أداة عسكرية.

وقد اكتشف 'السارين' علماء كيمياء ألمان في شركة 'أي جي فاربن'، وذلك عن طريق الصدفة عام 1938، بينما كانوا يعملون على تحضير مبيدات جديدة، وهو يستمدّ اسمه من الأحرف الأولى من أسماء مخترعيه: شرادر، أمبروس، روديغر وفان در ليندي.

إشارة إلى أنّ المحاولات الأولى لاستخدام هذا الغاز في الحروب تعود إلى الحقبة النازيّة في ألمانيا، إذ وُضعت مخطّطات لإنتاجه على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الثانية، ولكنّها لم تكتمل. ويُعتقد أنّ غازات الأعصاب عموماً استُخدمت أيضاً أثناء الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات، وقد استعملت 'السارين' طائفة أوم شنركيو اليابانية في هجومين، أوّلهما عام 1994 وقُتل فيه ثمانية أشخاص، فيما قُتل 12 في الهجوم الثاني عام 1995.

تركيبته

وفي هذا الإطار، يوضح مدير قسم الكيمياء في كلّية العلوم في جامعة القديس يوسف د. دومينيك سلامة لـ'الجمهورية'، أنّ 'السارين هو غاز سامّ وخطِر، لا لون أو رائحة له، ويؤثّر في حياة الإنسان والحيوان. وهو خليط من أربعة عناصر كيمياوية (راجع صورة رقم 1)، ويكون تأثيره عادة عند ملامسة السائل للجلد أو عندما يطلق على شكل بخار'.

من جهته، يقول جرّاح الأعصاب الدكتور جان حاج لـ'الجمهورية' أنّ 'السّارين يشبه أنواعاً معيّنة من مبيدات الحشرات، مثل 'الديمول' وغيرها، المسمّاة بمركّبات الفوسفات العضوي (organophosphore)، في طريقة عملها وأنواع الآثار الضارّة التي تتسبّب بها، إلّا أنّ عوامل الأعصاب أكثر فعاليّة بكثير من مبيدات الهوام الفوسفاتية العضوية'.

ويتابع: 'أمّا تأثيره على الإنسان فيكون من خلال الأعصاب، إذ يمكن للسّارين دخول الجسم من خلال الاستنشاق أو عبر المسامّ الجلدية، علماً أنّ لدى البخار الناتج عنه قدرة كبيرة على دخول المسامّ، وقد يترك آثاره المدمّرة على الجهاز العصبي لفترة طويلة، حتى في حال الحصول على العلاج المناسب'.

كيف يعمل؟

يرى حاج أنّ 'السارين الذي يتحوّل إلى بخار عند انفجاره، هو قاتلٌ فوريّ للإنسان إذا ما دخل جسمه عبر التنشّق إلى الرئة 'ولو بمقدار نصف ملليغرام واحد.

أمّا قطرة صغيرة من 'السارين' على الجلد فتسبّب التعرّق ونفضاً منفلتاً بالعضلات'، مشيراً إلى أنّ 'تعرّض الإنسان لجرعات من هذا الغاز يُحدِث غشاوة بالبصر وتقلُّصاً في حدقة العين وصعوبةً في التنفّس وسيلاناً في الأنف، مع تعرّق شديد وتقيُّؤ وإسهال وغيبوبة، فضلاً عن اختلاجات عضلية، ليفقد المصاب بعد ذلك القدرة على التحكّم بعضلاته وردود فعل جسده، مع نوبات من القيء والتبوّل غير الإرادي، ليتبع ذلك الوفاة بعد تقلّصات شديدة بالعضلات تؤدّي إلى الاختناق'.

بدوره، يشرح سلامة كيف يُصاب الفرد بالشلل بعد التعرّض للغاز السام، 'وذلك نتيجة توقّف عمل acetylcholynesterase، وهي أنزيم تعمل على تدهور الـacetylcholyne'.

لتجنّب الإصابة

ويشدّد الأطبّاء على إمكان تجنّب الإصابة بالشلل أو الوفاة إذا عولج المصاب بسرعة بعد تعرّضه للغاز السّام. وعن طرُق الوقاية، يقول حاج: 'إذا عُلم أنّه تمّ قذف منطقة ما بغاز 'السارين'، يجب أن يتنبّه أحدهم للموضوع وتزويد الأفراد الموجودين في منطقة التعرّض بحقنٍ مضادّة كالتي يستعملها عادة طبيب الإنعاش، وهي تحتوي على أدوية مثل الـ Atropine والـ Pralidoxime والـ Valium للتدخّل الفوري وإلغاء مفعول وآثار هذا الغاز السّام ومنع الاختلاجات العضلية، وبالتالي إنقاذ المصاب خلال فترة لا تتعدّى الساعة من الوقت'.

ويدعو حاج الأفراد المصابين، وبعد الخروج الى منطقة آمنة، إلى خلع ملابسهم أوّلاً لأنّها تحمل الغاز لمدّة تزيد عن ثلاثين دقيقة نظراً إلى أنّ الغاز شديد التبخّر، ومن ثم غسل أجسامهم بالكامل بالماء والصابون بكمّيات كبيرة لعدم ثبوت هذا الغاز على الجلد، لأنّ ذلك يؤدّي إلى الإصابة بتشنّجات في الأعصاب، وطلب الرعاية الطبّية في أسرع وقت ممكن'.

المخزون السوري: حشوات في الصواريخ والقذائف

تشير التقارير الغربية المحايدة عن التسلّح غير التقليدي، إلى امتلاك سوريا احتياطاً كبيراً من السارين، يقدّرونه بين 800 إلى 1100 طن، وقد يكون الأكبر في الشرق الأوسط، وبعضه تمّ تحويله إلى ما معدّله 150 حشوة في صواريخ سكود، كما تمّ خلطه مع غاز 'في أكس' الفاتك بالأعصاب، بحسب تقرير بريطاني يشير إلى أنّ سوريا أنتجت كمّيات كبيرة وأدخلت الغاز في قنابل جوّية وحشوات صواريخ أرض- أرض، وبقذائف مدفعية، وهي أمور لا تعلمها إلّا الاستخبارات المهمّة.

ولا تزال الولايات المتحدة تجمع أدلّة تعزّز النتائج التي توصّلت إليها الاستخبارات، وبموجبها تعهّد الرئيس الأميركي باراك أوباما بإجراء 'تحقيق قوي' موجّها تحذيراً للرئيس بشّار الأسد بأنّ استخدامه الكيماوي سيغيّر قواعد اللعبة.

إذاً، من الواضح أنّ كلّ تركيز الرأي العام الدولي، وتحديداً الأميركي، ينصبّ اليوم على استخدام النظام السوري غاز 'السارين'، في حين يموت في سوريا، ومنذ أكثر من عامين، مئات الأشخاص يوميّاً بوسائل قتل متعدّدة.

فلماذا التركيز على الممنوع وكأنّ القتل بوسائل الحرب الأخرى مسموح؟ ألا تستدعي وفاة عشرات آلاف المواطنين موقفاً دوليّاً صارماً لإيقاف المجزرة المفتوحة بحقّ الشعب، بمعزل عن استخدام 'السارين'؟ لِمَ لا يتحرّك المجتمع الدولي ويبذل قصارى جهوده لوقف حمّام الدم المتواصل في سوريا، بعيداً من البحث عمّا هو ممنوع أو مرغوب؟.