لزمن طويل وسكان منطقة الشمال الشرقي منسلطنة عمانيخافون الاقتراب من تجويف في جبل بمنطقتهم؛ إذ يعتقدون أن الجن تسكنه، وتعقد اجتماعات فيه، ولأجل ذلك أطلقوا عليه "كهف الجن”، و”كهف مجلس الجن”.
هم كانوا يرون أشباحاً تتحرك من بعيد داخل الكهف، وكانوا يتناقلون روايات عن تلك الأشباح، وهو ما كان يمنع من اكتشاف ذلك المكان من قبل السكان.
لكن في عام 1983، اكتشف عالم الآثار الأمريكي شيريل جوتز، بعد عمليات حفر استمرت عشر سنوات، أن ما كان مكاناً مخيفاً ويبث الرعب في قلوب السكان، كنز لا يقدر بثمن. حسب تقرير نشره موقع الخليج اونلاين.
يشار إلى أن ما شجع جونز على العمل لكشف أسرار المكان قبل عثوره على الكهف، أنه عثر مصادفة على صورة قديمة للكهف في مخطوطة أثرية عائدة إلى القرن الثالث في إحدى مكتبات لوس أنجلس، ومع أن تلك المخطوطة البدائية كانت تصف الكهف بطريقة أسطورية وخرافية، فإن جونز أصر على ملاحقة الموضوع، حيث باشر بحفرياته واستكشافاته في جبال بني جابر العمانية منذ ربيع عام 1973، ليقع في النهاية على الكهف الضائع في صيف عام 1983.
ومنذ ذلك الحين بدأ المستكشفون وعلماء الآثار يولون هذا المكان الساحر قدراً كبيراً من الاهتمام، للتعرف على المزيد من أسراره المكنونة منذ عصور قديمة.
أول ما أزيح عنه الستار من أسرار ضخامةُ هذا الكهف، الذي وصف بأنه أول أكبر الكهوف في المنطقة العربية، وتاسع أكبركهوفالعالم؛ إذ يبلغ 340 متراً طولاً، وبعرض 228 متراً وبارتفاع 120 متراً.
ومن ميزاته أن جميع جدرانه من الحجر الجيري، يتخللها بعض المجاري المائية المكونة من الرمال والحصى، كما كانت بقايا الهياكل العظمية المتناثرة على أرضه، التي تبين أنها عائدة لأفاع ولزواحف أخرى، من أول ما اكتشف داخل هذا الكهف المثير.
واعتبر الكهف مستودعكنوز، إذ إن من بين ما اكتشف في داخله مجموعة من اللآلئ النادرة الفائقة الأهمية تاريخياً، المتكونة في التجاويف المائية الجافة؛ بفعل التفاعلات الكيميائية الحاصلة من جراء تكثف ذرات كربونات الكالسيوم على حبيبات الرمل والحصى.
واللافت في لآلي كهف مجلس الجن هو ضخامة حجمها، وشدة التصاقها بجدران الكهف وأرضياته، ويكاد يستحيل استخراجها من مكانها من دون تهشمها. ولأهميتها اتخذت سلطات عُمان قراراً حازماً بعدم المساس بتلك اللآلئ، وبإبقائها في مكانها كشاهد أثري تاريخي جيولوجي حي.
ومن الكنوز الأخرى التي اكتشفت في الكهف هي سقفه، إذ تظهر الأعمدة المرجانية متدلية منه إلى الأرضية.
أما مساحة أرضية الكهف نفسها فتراها مفروشة بالأتربة المتراكمة عبر العصور التي تبدو أشبه بالجزر اليابسة وسط لوحة من المجاري المائية والقيعان الرطبة.
ويتكون الكهف من مداخل ثلاثة، يرجح الخبراء أنها تكونت بمحض الصدفة.
وبالعودة إلى أسباب تسمية هذا الكهف بمجلس الجن، الذي لم يعثر المستكشفون، ومنهم جونز، على أثر يشير إلى وجودهم فيه، تبين للخبراء وجود تجويف في السقف العلوي للكهف، يتسرب منه الضوء إلى الحائط الأيمن، عاكساً معه ظلالاً متحركة حملت الأهالي على الاعتقاد بأنهاأشباحوعفاريت وعرائس من الجن، وغيرها من القصص الخيالية.