جراءة نيوز - عمان : أكثر من 65 "حوشا" للبنزين المهرب تتموضع بين الأحياء السكنية وعلى قارعة الطرق في مدينة العقبة، بعيدا عن شروط السلامة العامة، مشكلة قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، في مدينة تكتظ بالسكان والسياح، الذين يؤمونها بالآلاف من داخل المملكة وخارجها، فيما تكتفي الجهات الرسمية بالحديث عن مخاطبات تنسيقية بينها للبدء بمحاربة الظاهرة، رغم قدمها.
وتبيع "الاحواش" كما يحلو للعقباويين ان يسموها، البنزين المهرب بعبوات الغالون (20 لترا) في الشوارع المكتظة، واحيانا في بعض المنازل المجاورة لها والتي تحولت لمستودعات لهذا النوع من البنزين.
وبحسب ما يكشف سكان فإن عمليات تهريب البنزين إلى العقبة تتم من خلال استبدال خزانات وقود الشاحنات العابرة للحدود من الدول المجاورة أو تعديل تلك الخزانات لتتسع لأكبر كمية ممكنة، حيث ينشط في هذا النوع من التهريب السائقون الذين يعملون في قطاع النقل ما بين الأردن وهذة الدول.
ويؤكد مواطنون ان عمليات عرض وبيع هذه المادة (البنزين) تتم في وضح النهار وعلى مرأى من الجهات الرقابية، مشيرين الى أنهم يلجأون لشراء هذا البنزين بسبب انخفاض سعره عن بنزين المحطات وعدم استهلاكه بسرعة من قبل المحركات، فهو يدوم مدة أطول، لأنه "ثقيل" كما يقولون.
وهو ما يؤكده ابراهيم الحسنات صاحب محل تجاري في العقبة، غير انه يبدي قلقه الدائم من تعرض محله للحريق جراء هذا البنزين الذي يتواجد في احواش قريبة من محله لا تتقيد بشروط السلامة العامة، مبينا أنه تقدم بشكاوى عديدة لدى مفوضية العقبة أكثر من مرة، إلا أنه لم يلحظ اي انحسار لهذه المشكلة، بل على العكس كما يقول فإن "الظاهرة تأخذ بالاتساع يوماً بعد يوم".
اما محمد الرياطي الذي يؤكد بأن رائحة الشارع الذي يتواجد فيه بيته أصبحت لا تطاق، فيقول بأنه يجد في البنزين المهرب ملاذا من لهيب اسعار بنزين المحطات، مطالبا سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بتنظيم بيع هذا البنزين فقط.
ويروي الكثير من السائقين ممن ضاق بهم الحال وأجبروا على شراء البنزين المهرب، قصصهم مع تجاره، وما يتعرضون له من نصب وخداع من قبلهم وما يؤديه ذلك من أعطاب لمركباتهم وأصابتها بأضرار نتيجة خلط الماء مع البنزين لتحقيق أكبر عائد مالي.
ويقول محمود الشلبي سائق احدى المركبات "تعرضت للخداع عندما اشتريت "غالون" من البنزين المهرب من وسط المدينة، حيث تبين بعد شرائه أنه كان معبأ لنصفه فقط ولم يكن ممتلئا، مشيرا الى ان البائع قام بإفراغه في "تنك" سيارته بسرعة وقبل ان ينتبه لكمية البنزين الموجود فيه بعد ان وضع يده على مقدمته لإخفاء ذلك".
واضاف "لاحظت بعد مسيري بالمركبة بأن مقياس الوقود لم يرتفع فايقنت بأن البائع خدعني، وعندما عدت اليه راح يصرخ في وجهي "أنا مش غشاش".
ويقول سائق آخر وهو عماد الفقير "انا معتاد دائماً على شراء البنزين من احدى محطات الوقود، الا أنني وبالصدفة شاهدت محل بوسط المدينة يبيع البنزين المهرب ففكرت بتجربته خاصة وان محطة الوقود بعيدة عن المكان الذي كنت اتواجد فيه".
ويضيف "عبأت سيارتي منه، الا انني وبعد ايام أجبرت على إرسالها إلى التصليح، حيث تبين للفني بعد الفحص بأن البنزين الموجود فيها تم خلطه بالماء، وهو ما كلفني ثمنا باهظا دفعته من جيبي ووقتي، لكي أوفر اقل من دينارين".
فيما اوضح ايمن كريشان انه اضطر الى شراء غالون بنزين من أحد البائعين على قارعة الطريق بسبب فقدان سيارته للوقود، مشيرا الى انه وبعد فترة وجيزة لا تتجاوز اليومين ظهرت عيوب فنية بالمركبة.
وبين انه عندما ارسلها الى الفني اخبره بأن "طرمبة" البنزين معطلة بسبب وجود شوائب في البنزين.
غير ان احد تجار بيع البنزين المهرب الذي فضل عدم ذكر اسمه يؤكد بأنه يقوم بييع بنزين عالي الجودة بسعر اقل من محطات الوقود في المدينة، مدللا على ذلك بأزدياد عدد زبائنه يوما بعد يوم.
ويوضح ان ما دفعه لامتهان هذه التجارة هو عدم توفر فرص العمل بسهولة في العقبة ، مشيراً الى انه عاطل من العمل وان ما يقوم به يؤمن حياة كريمة له ولأسرته.
وقال تاجر اخر للبنزين المهرب إن هذه المهنة مربحة ولا تحتاج الى جهد كبير، مبينا انه لا يعاني وزملاؤه في المهنة من أي مضايقة من قبل اي جهة رقابية.
واضاف ان هذه المهنة آخذة بالازدهار، شارحا ذلك بأن السائق بمجرد حضوره إلى أحد الاحواش بسيارته يجد دون أي عناء عددا من الشبان مهمتهم الوحيدة تعبئة خزانات السيارات بالبنزين السوبر "95" وبسعر يقل عن دينارين عن سعر "غالون" البنزين العادي"90".
فيما يبدي احد السكان في شارع المنارة خوفه من انفجار "الحوش" القريب من بيته نتيجة ظروف التخزين السيئة للبنزين خاصة في فصل الصيف ، مشيرا الى ان انفجار البنزين لا سمح الله يعني كارثة حقيقية قد تحل بالمنطقة والتي تشهد كثافة في السكان والمتسوقين والمحلات التجارية.
من جانبها تكتفي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وعلى لسان مفوض البنية التحتية عصام خريسات بالاشارة الى وجود تنسيق مشترك مع الجهات ذات الاختصاص والعلاقة مثل الجمارك والمحافظة حول الظاهرة، ملمحا الى وجود مخاطبات بينهم في الموضوع للقضاء على الظاهرة التي تؤرق الجميع.
اما محافظ العقبة ثامر الفايز فيؤكد أن مشكلة البنزين المهرب بحثت في الاجتماعات التنفيذية للمحافظة، مشيراً الى انه سيكون هناك حلول سريعة وعاجلة للقضاء على هذه الظاهرة التي تورق الجميع.
ويوضح أن حملة القضاء على الظاهرة ستبدأ من الشاطئ الجنوبي بالتعاون مع كافة الاجهزة العاملة في المحافظة ذات الاختصاص.
واشار الى انه كلف مفوضية العقبة الاقتصادية الخاصة بحصر تلك المحلات المخالفة ليتم اغلاقها ومعالجة التشوهات التي اوجدتها في المدينة.
اما مدير جمرك العقبة العميد منذر العساف فيؤكد خطورة بيع البنزين المهرب داخل الوسط التجاري والاحواش في المدينة، مشيراً الى ان المشكلة قديمة دون أي معالجة لها من قبل الجهات المسؤولة في العقبة.
واوضح العساف ان دور جمارك العقبة ينحصر على النقاط الحدودية فقط ، في حين لا توجد أي صلاحيات للجمارك داخل المدينة، مبيناً ان دخول البنزين المهرب يتم من خلال مواطنين مجاورين لمنطقة الدرة بواسطة "تنكات" داخلية في سياراتهم.
واشار الى ان الجمارك تقوم بالتفتيش والكشف الدقيق على المركبة التي تدخل الى الاردن، مؤكدا انه اذا تم اكتشاف وجود بنزين مهرب داخل المركبة وهو عادة ما يكون في "تنكات" احتياطية داخل المركبة يقوم افراد الجمارك بتفريغها ومصادرتها.
واكد العساف عدم وجود نص قانوني يخول الجمارك تفريغ المركبة بالكامل من البنزين.