ذات يوم شاهدت أم في منامها ولدا لها وهو يشعل أعواد الكبريت ويقربها من عينيه حتى أصبحتا حمراوين، فزعت الأم من منامها وهي تتعوذ من الشيطان الرجيم لكن قلبها لم يرتاح بعد، فذهبت الأم إلى غرفة ولدها لتطمئن عليه بعد ما رأت المنام المفزع , لتجد الأم ولدها وهو ينظر على شاشة الحاسوب، ولاحظت الأم أن ضوء الشاشة يعكس على النافذة، وبما أن الشك يراود الأم بعد المنام المفزع، استرقت الأم النظر على الصورة المعكوسة على شرفة النافذة الزجاجية ورأته يرى ما أفزعها وأثار مخاوفها حقا، رأت الأم ابنها وهو يتابع فلم إباحي على شاشة الحاسوب، أرادت الأم أن تصرخ عليه لكنها وجدت أن الأمر غير مناسب في الوقت الحالي، فآثرت الانسحاب خاصة أنها دخلت دون أن يشعر بها ولم يلاحظها هو فرجعت الأم إلى فراشها والخوف على ولدها نتيجة ما تقترفه نفسه من معاصي، فكرت أن تخبر أباه ليتولى هو مهمة تأديبه، فكرت وفكرت كثيرا أن تقوم من فراشها وتكسر حاسوب ابنها وتوبخه على فعلته و تعاقبه لكنها تريثت قليلا و دعت الله أن يهديها إلى فعل الصواب في اليوم التالي ونامت وهي تستعيذ بالله.
وفي الصباح الباكر رأت ابنها يتأهب للخروج خارج المنزل وكانا لوحدهما فوجدتها فرصة للحديث، فسألته بني ما رأيك في شخص جائع ماذا تتوقع منه أن يفعل حتى يشبع ؟ فأجابها بشكل بديهي يتناول الطعام أو يشتري لنفسه شيئا ليأكله، فقالت له وإن كان لا يمتلك المال، عندها صمت وكأنه فهم شيئا ما، فقالت له وإذا تناول فاتحا للشهية ماذا تقول عنه ؟ أجابها بسرعة أكيد أنه مجنون أو مختل عقليا، فقالت له أتراه مجنونا يا بني ؟ أجابها بالتأكيد يا أمي فهو كالعطشان الذي يأكل الملح ليروي عطشه، فابتسمت وأجابته أنت تفعل مثل هذا المجنون يا ولدي، فقال لها متعجبا : أنا يا أمي ؟! فقالت له : نعم بمشاهدتك للأفلام الإباحية التي تزيد من رغبتك بالنساء، عندها صمت وأطرق رأسه خجلا فقالت له : بني بل أنت مجنون أكثر منه فهو فتح شهيته لشيء ليس معه وإن كان تصرفه غير حكيم ولكنه ليس محرم، أما أنت فتحت شهيتك لما هو محرم ونسيت قوله تعالى :(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم)، عندها برقت عينا ابنها بحزن وقال لها : يا أمي أنا أخطأت وإن عاودت لمثل ذلك فأنا مجنون أكثر منه بل وآثم أيضا، أعدك بأني لن أكررها .