"شفت الشغلة بتوفر حكيت خليني أنا شو بعرفني يا بنتي بهاي القصص”، ثمّ بان من بين عينيه ندم لا مثيل له، وضع يداً وشدّ على الأخرى كثيراً، صكّ أسنانه ودمعت أعينه، حاول التقاط أنفاسه، ليقوى على ذاته ويحدّث عمّا جرى في ذاك اليوم.
يذكر الستينيّ أبو محمد :”طلبت منّي ابنتي مدّ خط إنترنت كي تنهي أبحاثها الجامعية، لكنّي كنت أرفض قطعاً حتى أنّني منعتها من إنشاء حساب فيسبوكيّ أو التواصل عبر أيّ تطبيق نسمع عنه دوماً (قصص بتشيب الراس)”.
يكمل أبو محمد :”بدأ يكثر إلحاحها نحو وجود
الإنترنت فجميع موادها الدراسية عليه، لكنّي كنت أقابلها كلّ مرة بالرفض القطعي حتى قالت لي ذات مرة :(بابا رسبت بالإمتحان لأنه المس غيرت الموعد، وبعتت على الإنترنت، مبسوط؟)، فشعرت بالذنب اتجاهها، حاولت التهرب بطريقة ما لكنّني عجزت”.
وبعد محاولات كثيرة من دانا-اسم مستعار-، الطالبة في سنتها الثالثة من تخصص الهندسة الكهربائية، لإقناع والدها بضرورة وجود الإنترنت الذي بات لا يخلو من أيّ منزل، تنازل عن رفضه بعد إقناع جاره له بمدّ خط إنترنت منه ف لن يكلّفه الكثير.
استجاب بعد كل هذا الإصرار ليقع ضحية "الإنحطاط المجتمعي”، فأبو محمد لم يدرك حقيقة معروف جاره وما يكمن وراءه من خبايا ! لتكون دانا ضحيّة ما يسمى ب "الاستغلال والجرائم الإلكترونية”.
تقول دانا :”نحن الآن في القرن 21، بات الإنترنت حاجة من حاجات الحياة الأساسية وخاصة أنّنا طلاب جامعات، لن يتفهم أيّ محاضر جامعيّ معنى عدم وجود إنترنت لديّ، ووصل الأمر يوماً ما لرسوبي بإحدى الامتحانات التي غيرت المحاضرة موعدها عبر (الفيسبوك)، وعدم قبولها إعادته لي أبداً”.
تتابع دانا :”مدّ والدي خطّ إنترنت من جارنا، لم أدرك يوماً لطفه بتاتاً، وكان يرمقني بنظرات مقززة للغاية حتى عدت يوماً لمنزلنا في وقت متأخر ووجدته "يتسكع” أمام بيتنا، وينظر بطريقة غريبة”.
لحظات كثيرة قضتها دانا بصحبة الإنترنت، أنشأت حساباً فيسبوكياً وبدا تفاعلها ونشاطها لا مثيل لها، وفي يوم دقّت رسائلها الفيسبوكيّة من حساب منشئ من جديد لتشاهد صورها في خطوبة أختها جميعها موجودة في تلك الرسالة ! والمقابل ماذا؟
أما نص الرسالة :”يا حلوي لو مقصري التنوره شوي شوي طالعه غير بهاللفه الي حاطتيها عراسك بدك كمان صور كلهن عندي بس لو يصير بيننا اشي حلو بننسى هالصور فكري !”.
تتابع دانا :”لا أنسى تلك اللحظات، أتشعرين بمعنى الصاعقة عندما تحلّ على رأسك إنها أقوى بكثير، لكنّني تمالكت نفسي وأخبرت والدي بما جرى، فانا لم أرسل تلك الصور لأيّ شخص، فوقع تفكيري على إمكانية اختراق أجهزتنا في البيت من جارنا أو لنقل ذاك القذر”.
حادثت دانا والدها بكلّ ما جرى، جنّ جنونه وبدا عليه علامات الغضب وصرخ قائلاً :”ألم أقل لك لا أريد إنترنت، لا أريد”، ثم بكى كطفل صغير يريد حلّاً سريعاً، أيكون بالاتصال على الشرطة؟
يذكر أبو محمد :”لم أفكر لحظة باللجوء إلى الشرطة ونشر الفضيحة، حاولت طيّ الموضوع كي لا يعلم أحد بما جرى، تحدّثت مع رجل معروف لدينا بالقرية بحلّه للمشاكل، وأخبرته بكلّ ما جرى”.
أمّا عن الجزاء القانوني لقضايا الجرائم الالكترونية فكان لنا جلسة حديث مع المحاضر في كلية القانون في جامعة النجاح الوطنية د.علاء بني فضل، حيث يتحدّث قائلاً "هناك مشروع قانون لكن نظراً لعدم وجود مجلس تشريعي فإنه غير مطبق، وأيضاً عدم وعي الناس بوجود وحدة خاصة بالجرائم الالكترونية يفاقم من هذا الأمر”.
وتنصّ المادة رقم 415 من قانون العقوبات الأردني على أنّه كل من هدد شخصاً بفضح أمر أو إفشائه أو الإخبار عنه، وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو من شرفه أو من قدر أحد أقاربه أو شرفه لكي يحمل على جلب منفعة غير مشروعة له أو لغيره عوقب بالحبس من أسبوع إلى سنتين وبالغرامة من خمسة دنانير إلى خمسين دينار.