هذه قصة جريمة مروّعة تخرج من قلب الاحياء الشعبية البيروتية.
استمر ضرب منال العاصي (33 سنة) من زوجها ساعات دون ان ينجح قريب او جار بردع الزوج المعتدي عن اراقة دم ضحيته.
رواية الجريمة نقلتها "النهار" عن عبير عاصي، شقيقة المغدورة منال التي اعتدى عليها زوجها محمد النحيلي بالضرب نهار الثلاثاء قرابة الساعة الحادية عشر والنصف قبل الظهر حين بدأت مناوشة كلامية بينهما سببها خلافات تعود الى زواج محمد من امرأة اخرى. اخذ المعتدي الذي يعمل نجاراً يضرب زوجته بكل ما اوتي من قوة مستخدماً اواني المطبخ والكراسي والطاولات وعصي التنظيف. وكل ما همّ جارٌ للتدخل، اخبرهم ان الامر عائلي ولا يحق لاحد التدخل.
في رواية عبير، ان الزوج اتصل بالام ليخبرها انه يقوم بضرب ابنتها داعياً اياها ان تأتي للفرجة. اتت الام صحبة ابنتيها وابنها محمد، والاخير تعارك مع الزوج الذي كان قد انجز مهمة توجيه ضربات "قاضية" الى جمجمة زوجته قبل وصول العائلة التي قامت بنقلها الى مستشفى المقاصد حيث لم يقاوم جسدها النزيف الداخلي في الدماغ سوى لساعة واحدة، كما وثق تقرير الطبيب الشرعي الذي كشف على جثة منال.
ماتت منال الام لابنتين تبلغان 13 و15 سنة كانتا في المدرسة خلال جريمة والدهما.
مضى على زواج المغدورة 16 سنة مارس خلالها محمد العنف على زوجته مراراً. وحين تسأل العائلة لماذا تركتم ابنتكم مع "الوحش" طيلة الفترة الماضية؟ يأتي جوابهم "اننا لم نتوقع تمادي الاجرام"!، ولماذا لم تبلغوا الامن قبل ان تقصدوا المنزل الذي تتعرض فيه ابنتكم للضرب؟ "لم نتوقع ان تضرب ابنتنا حتى الموت"، يقولون.
حصلت هذه الجريمة عام 2014، ومؤخرا تم الحكم على الزوج بحكم مخفف وهو السجن لخمس سنوات، بعد ادانة المحكمة لمنال بالزنى وهي في قبرها.
واعترضت العديد من المؤسسات الحكومية على هذا الحكم الذي اعتبرته مجحفا، وفي السياق ذاته نظمت منظمة "كفى عنفاً واستغلالاً" وجمعيات مدنية أخرى وناشطون وبعض أهالي ضحايا العنف الأسري اعتصاماً أمام قصر العدل في 20 تموز المنصرم، يطالبون فيه النيابتين العامة الإستئنافية والتمييزية باستئناف الحكم، من دون أن يرشح أي قرار من قصر العدل حتى الآن، برغم تبلغ الجمعيات المعنية إشارات إيجابية أولية.
وعليه، وقعت 167 جمعية مدنية، أمس، وتحت لواء المجلس النسائي اللبناني، عريضة مطلبية للضغط باتجاه تمييز الحكم المُخفَّف الصادر بحق قاتِل العاصي. وطالبت الجمعيات التي تمثلها رئيسة المجلس المحامية إقبال دوغان بـ "استئناف الحكم المخفف بحق النحيلي، وتشديده".
واستنكرت الجمعيات في عريضتها الموجهة إلى النيابة العامة الاستئنافية وكذلك النيابة العامة التمييزية، اعتبار المحكمة أن النحيلي يستحق "الأسباب التخفيفية وفقاً للمادة 252 بنظر المحكمة، متفهّمةً ثورة غضبه بفعل "الخيانة" التي تعرّض لها، ومتساهلةً مع الذكر الذي قرّر أن يأخذ حقَه بيده فأصدر الحكم بقتل زوجته، ونفّذه بأفظع الطرق مستخدماً أبشع ممارسات التعذيب التي استمرت على مدى ساعات".
واعتبرت أن "الحكم ليس ظالماً بحق منال العاصي فقط، وإنما بحق جميع النساء ضحايا العنف الأسري وعائلاتهن، وجميع نساء هذا البلد".