آخر الأخبار
  الأردنيون يستقبلون "النشامى" ابطال الوصافة التاريخية لكأس العرب   الانقلاب الشتوي يبدأ الأحد 21 كانون الأول 2025… ومربعينية الشتاء تدخل أبرد أيام العام   ولي العهد للنشامى: رفعتم معنويات كل الأردن .. والمرحلة القادمة مهمة   النشامى يعودون إلى عمان الجمعة بعد وصافة كأس العرب 2025   تقرير فلكي حول إمكانية رؤية هلال شهر رجب   أجواء باردة في أغلب المناطق الجمعة   الامن العام يحذر مجدداً من هذه المدافئ   السلامي: لا يمكن مؤاخذة أبو ليلى أو غيره على الأخطاء   حسان للنشامى: رائعون ومبدعون صنعتم أجمل نهائي عربي   البوتاس العربية" تهنّئ المنتخب الوطني لكرة القدم بحصوله على لقب وصيف كأس العرب   علي علوان يحصد لقب هداف كأس العرب 2025   الملك للنشامى: رفعتوا راسنا   الملكة: فخورون بالنشامى، أداء مميز طوال البطولة!   منتخب النشامى وصيفاً لكأس العرب 2025 بعد مواجهة مثيرة مع المغرب   الشوط الثاني: النشامى والمغرب ( 3-2 ) للمغرب .. تحديث مستمر   تحذير صادر عن "إدارة السير" للأردنيين بشأن المواكب   تحذير صادر عن مدير مركز الحسين للسرطان للأردنيين   رئيس وزراء قطر: اجتماع وشيك للوسطاء بشأن اتفاق غزة   أبو الغيط: الأردن في قلب الاحداث ودبلوماسيته نشطة للغاية   النائب الهميسات يوجه سؤالاً للحكومة بخصوص مديرة المواصفات والمقاييس

"السلطان" في ضيافة "القيصر"

{clean_title}
على وقع جولات المعركة المحتدمة على حلب، يلتقي الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب ارودغان اليوم في مدينة سان بطرسبورغ، وسط ترجيحات بأن تلعب القمة دورا كبيرا في توضيح وجهة العمليات العسكرية، وكذا الصفقة السياسية التي يمكن ان تؤثر على مآلات المعركة والصراع على سورية عموما.
ويرى مراقبون أن هجوم المسلحين خدم إلى حد كبير موقف الرئيس التركي وهو يحل ضيفا على نظيره الروسي عقب تدهور في العلاقات الثنائية تضرر منه البلدان، بعد اسقاط المقاتلات التركية للقاذفة الروسية في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي في سورية.
ويتوقع المراقبون ان يعود افرقاء الصراع في حلب وريفها إلى ما قبل محاصرة الجيش السوري للأحياء الشرقية من المدينة، إذ إن ذلك يعني ان الرئيس التركي لا يلتقي نظيره الرئيس الروسي، مهزوما وهو ما استماتت انقرة في بلوغه قبيل قمة بطرسبورغ.
واعتبروا أن "تحسين شروط اللقاء بين المتصالحين التركي والروسي، قد يكون فرض إعادة تصحيح ميزان القوى نسبيا، بعد ان اختل كليا لمصلحة الجيش السوري في حلب، مركز الصراع على سورية. فالحرب على حلب من اجل التوازن في سان بطرسبورغ أعلن عنه رجب طيب اردوغان، الذي قال قبل يومين ان "النظام حاصر حلب لكن المعارضة أعادت التوازن".
بيد أن المراقبين، يؤكدون انه بخلاف مما كان منتظرا بعد الانقلاب الفاشل في انقرة، لا يملك الرئيس التركي في لحظة احتدام مواجهة حاسمة مع الجناح الآخر للإسلاموية التركية، وتصفية الأتاتوركية، رفاهية التخلي ايضا عن خمسة اعوام من التدخل في سورية، أو إسقاط ورقة حلب، التي قد تكون آخر أوراق المساومة التي ما يزال قادرا على استخدامها في مواجهة الجميع: الروس والأميركيين والإيرانيين، من اجل إعادة صياغة علاقاته بالجميع على ضوئها، او استقبال الادارة الأميركية الجديدة ايا كان القادم إلى البيت الابيض، من دون الإمساك بمفاتيح الحرب المقبلة على الإرهاب، التي ستظل لوقت طويل ورقة رابحة للتدخل في ما يتعدى جنوب الأناضول".
ويذهب المراقبون في التحليل حد القول، إنه في لحظة تراجع الجيش التركي وانهماكه لسنوات طويلة بعمليات اعادة هيكلة وتطهير مضنية، ستقلص من دوره الداخلي، والخارجي، لا بد من التعويض عن الخسارة الاستراتيجية العسكرية، ومواصلة استخدام الساحة السورية، ساحة تنافس مع القوى الدولية الأخرى، عبر ما تتيحه أجهزة المخابرات التي ما تزال مخلصة للرئيس التركي، والتي لا تحتاج إلا للمجموعات الشيشانية والتركستانية، وتحالف عريض ومنظم من الإخوان المسلمين والسلفيين، لمواصلة التدخل في سورية.
وليس مؤكدا بأي حال، حتى ولو قرر الأتراك تكتيكيا اعتبار ثغرة حلب، وملحمتها الكبرى مجرد عملية تقتصر مفاعيلها على موازنة لقاء سان بطرسبورغ، إلا أنه من المستبعد ان تستدير السياسة التركية 180 درجة، وتغير من تحالفاتها الاستراتيجية مع حلف الأطلسي والولايات المتحدة، لبناء تحالف تكتيكي مع ايران والروس، على ما يؤكد المراقبون.
المراقبون يرون أن المصالحة الروسية التركية كانت لا تحتاج إلى صفقة على سورية إلى أن بدأ الروس بالانخراط جويا عبر "عاصفة السوخوي"، ووضع قدم على الأرض السورية.
ولفتوا إلى ان الروس والاتراك والايرانيين بنوا انموذجا فريدا من العلاقات البراغماتية التي نجحت، مع بعض التوتر، في ارساء فصل كامل بين الملف السوري والحرب بالوكالة بينهم في سورية من جهة، وبين الوصول إلى اتفاقات اقتصادية وتجارية كبيرة من جهة ثانية. وهكذا سارت اتفاقية السيل الجنوبي الروسية التركية، وانشاء مفاعلات نووية روسية في تركيا التي عقدها الرئيسان بوتين واردوغان، على وقع المواجهة في سورية، وتعايش الروس والايرانيون مع دور تركي كبير في الحرب على سورية.
ويعتقد المراقبون ان اردوغان يذهب في لحظة التوازن الجديدة لاستنباط حل مشترك او صفقة اقليمية، خصوصا بعد ان صرح انه "سيدعو إلى مؤتمر اقليمي من اجل الحل في سورية".
وإن استمرار هذا النموذج من العلاقات البراغماتية، قد لا يكون ممكنا اليوم بعد انخراط الروس مباشرة في سورية والذين اصبحت حدودهم المباشرة مع حلف شمال الاطلسي وتركيا، كما ان هزيمتهم في سورية، لو كانت ممنوعة فعلا، قد لا تسمح بهذا النوع من العلاقات مع تركيا، التي تشكل رأس الحربة في القتال ضد مصالحهم ومصالح حلفائهم في سورية، وهو ما ينبغي ان يجيب عليه لقاء سان بطرسبورغ. ورسميا لا تقع سورية على اجندة اللقاء الذي سيقتصر رسميا، على تفعيل الاتفاقات التجارية، واحياء مشروع السيل الجنوبي، لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا.
ولفت المراقبون كذلك إلى ان انخراط انقرة في معركة حلب ادى إلى ثغرة الراموسة، التي جاءت بعد ما وصفوه بمعارك حاضها الجيش السوري ضد جيش كلاسيكي آخر، يملك اسلحة دبابات ومدرعات، وراجمات صواريخ، وطائرات استطلاع، واجهزة استخبارات ومعلومات وفرتها طلعات طائرة "اواكس" اضافة إلى عشرات الانتحاريين.
وكان الرئيس التركي عبر عن ارتياحه لرد فعل روسيا على الانقلاب الفاشل اذ كان بوتين من القادة الاجانب الاوائل الذين اتصلوا به لادانة الانقلاب ولم يوجه انتقادات لانقرة في ما يتعلق بحملة القمع والتطهير التي اعقبته كما فعل القادة الاوروبيون.
ويقول جيفري مانكوف من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان "رد الفعل الروسي يتعارض بشدة مع رد فعل حلفاء تركيا الغربيين".
لم تكن العلاقات سهلة يوما بين تركيا وروسيا اللتين تتنافسان لفرض نفوذهما على منطقتي البحر الاسود والشرق الاوسط الاستراتيجيتين.
ولكن قبل الأزمة الناجمة عن اسقاط الطائرة الروسية، نجح البلدان في وضع الخلافات حول ملفات مثل سورية واوكرانيا جانبا والتركيز على التعاون الاستراتيجي مثل مشروع مد انبوب الغاز "تركستريم" إلى أوروبا وبناء محطة نووية روسية في تركيا او زيادة المبادلات التجارية إلى مئة مليار دولار.
ويقوم التحالف بين بوتين واردوغان على صداقة بين رجلين طموحين في الستينات من عمرهما ويعزى اليهما الفضل في انهاض بلديهما بعد مرورهما بازمات اقتصادية، فيما يوجه اليهما اللوم كذلك لقلة اكتراثهما لحقوق الانسان.
وبعد ان اعرب اردوغان بوضوح عن إحساسه بأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تخليا عنه بعد محاولة الانقلاب، توجه نحو توطيد علاقاته مع روسيا.
ويقول محلل في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية "حتى وإن كانت هذه العلاقات غير مستقرة تماما فإن تدهور العلاقات مع الغرب من شأنه تسريع التقارب" بين تركيا وروسيا.
وتركيا حريصة على إصلاح الاضرار التي لحقت بها جراء العقوبات الروسية على قطاعات الزراعة والبناء والسياحة.
وتفيد ارقام الكرملين ان المبادلات التجارية تراجعت بنسبة 43% إلى 6,1 مليارات دولار بين كانون الثاني (يناير) وأيار (مايو) الماضيين.
وتضررت السياحة التركية بعد تراجع الرحلات الروسية. وتراجعت اعداد السياح الروس بنسبة 93 % في حزيران (يونيو) مقارنة مع الشهر نفسه من العام 2015.
إن كانت السياحة بدأت تنتعش من جديد،الا انه لا يزال ينتظر اعادة احياء مشروع انبوب الغاز الذي يفترض ان ينقل 31,5 مليار متر مكعب سنويا إلى تركيا عبر البحر الاسود ومحطة اكويو النووية.
ويقول المستشار في العلاقات الخارجية لدى بوتين يوري اوشكالوف ان قيام بوتين بزيارة روسيا خلال فترة قصيرة بعد الانقلاب الفاشل برهان على الأهمية التي توليها انقرة للعلاقات مع موسكو.
وقال أردوغان في تصريحات لوكالة تاس الروسية نقلتها الصحافة التركية الاثنين انه يامل ان تفتح زيارته "صفحة جديدة". وفي بادرة حسن نية، بات من الممكن الدخول إلى موقع "سبوتنيك" الاخباري الروسي الرسمي بعد حجبه منذ نيسان (ابريل).
ولكن بعد الأزمة الحادة التي شهدتها العلاقات، يحتاج الامر إلى الوقت والجهد لاعادتها إلى سابق عهدها.
يقول محللون ان موسكو في موقع قوة ازاء تركيا التي لا تزال تستورد اكثر من نصف احتياجاتها من الغاز من روسيا.
فروسيا، الحليف الرئيسي للرئيس بشار الاسد عدو اردوغان، نجحت في تعديل موازين القوى عندما تدخلت عسكريا في ايلول (سبتمبر) 2015 مثيرة بذلك استياء تركيا. ويقول ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية ان "الشخص الوحيد الذي يخشاه أردوغان هو فلاديمير بوتين".
ويقول مانكوف إن العلاقات المتوترة بين تركيا والغرب وفرت "فرصة من ذهب دفعت تركيا باتجاه روسيا".
ويقول الكسندر بونوف من مركز كارنيغي في موسكو ان "ما سنشهده هو علاقة اكثر متانة ولكن ذات طابع تغلب عليه البراغماتية، لا تقوم على علاقة شخصية او ايديولوجية، وإنما على المصالح العملية المشتركة".